يزعم المعارضون للتعديلات الدستورية ان مصر كلها في جانب والحزب الوطني في جانب، وليس هذا صحيحا بأي حال فالتعديلات الدستورية في مجملها نقلة نوعية في الحياة السياسية لانها تقرر ضوابط واضحة تضمن سلامة الممارسة ويبقي ان يضع المشرع القوانين اللازمة للتطبيق. المرحلة المهمة اذن هي وضع التشريعات وتعديل القوانين التي ستطرحها الحكومة بعد جولة تعديل الدستور. وهنا لابد ان نتوقف لنؤكد ان المادة التي اختلف حولها المهتمون بمسألة تعديل الدستور وهي المادة 179 التي تعطي المشرع حقا في اصدار قانون لمكافحة الارهاب وهي موجهة اصلا ضد الجريمة الارهابية وان الضوابط يجب ان تكون محل مناقشة عند اقرار قانون مكافحة الارهاب ويستطيع المشرعون حينئذ ان يوسعوا من رقابة القضاء علي اعمال السلطة التنفيذية التي اتاح لها الدستور ان تقوم بعملية اجهاض للارهاب المحتمل وهي نقطة الاختلاف الحقيقية التي يخشي البعض سوء استخدام اجهزة الامن لها. مناقشة مواد القانون فيما بعد هي الاهم والاستعداد لهذه الجولة التالية هو المفروض اما الرفض والاتجاه الي نزع اسلحة المجتمع ضد جريمة الارهاب يعني بمفهوم المخالفة ان يحمي الدستور جريمة الارهاب ويحول بين اجهزة الامن وبين ضمان امن المجتمع لانه يجعل دورها لاحقا لوقوع الجريمة بما تؤدي اليه من مآس مروعة. والمادة الاخري التي اثارت جدلا هي مادة الاشراف القضائي وجاءت لتوضح المقصود من الاشراف القضائي حيث اتجه تفسيره الي انه يعني وجود قاض علي كل صندوق انتخابي وهو تصور غير عملي كما اوضحت المناقشات، لانه يتطلب اجراء الانتخابات علي فترات تطول كلما زاد عدد السكان وتعطل اجراءات التقاضي بين الناس اي انها تشغل القضاء عن وظيفته الاصلية. وقد بينت المناقشات ان وضع قاض علي كل صندوق يجعله يؤدي وظيفة ادارية تخضع للرقابة القضائية مما ادي الي توجيه اتهامات بالتزوير تمس ادارة القضاة في بعض اللجان وهذا الموضوع شائك للغاية وليس في مصلحة السلطة القضائية وهيبتها ان تتورط فيه. واتجه التعديل الي الاشراف القضائي من خلال لجنة عليا للانتخابات تتخذ ومكانا بعيدا عن المهاترات التي تحدث حول الصناديق. المشكلة هنا ليست فيمن يجلس علي الصندوق الانتخابي ولكنها في توافر الحد الادني من الثقة بين المتنافسين علي مقاعد الحكم.