آثار التقرير السنوي الثالث للمجلس القومي لحقوق الإنسان الذي صدر مؤخرا العديد من القضايا الخطيرة والتساؤلات الأخطر بشأن الحقوق المدنية والسياسية التي ترتبط بصورة مباشرة بأداء أجهزة الأمن التي تعمل تحت راية "وزارة الداخلية". وبرغم ان هذه الحقوق جاءت في المركز الثاني من الشكاوي التي تلقاها المجلس علي عكس التقرير السابق الذي احتلت فيه المركز الأول إلا أن قضايا الحقوق المدنية والسياسية لها بريقها في الداخل والخارج فضلا عن بعض النماذج الخطيرة التي ذكرها التقرير ومنها ما كا ن لها صدي كبير في الرأي العام داخل مصر أو خارجها. ولما كانت وزارة الداخلية صاحبة النصيب الأكبر من هذه الشكاوي التي رصدها تقرير مجلس حقوق الإنسان واجهت "العالم اليوم الاسبوعي" اللواء أحمد ضياء الدين مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون القانونية والمتحدث الرسمي باسم الوزارة حول ما جاء في التقرير من انتهاكات لهذه الحقوق. وبدوره فند اللواء ضياء ما جاء في التقرير متسائلا: ما مصلحة الوزارة في ارتكاب أية انتهاكات أو الصمت عنها أو التستر علي من يسيئون استخدام السلطة كما لفت الي ان هناك وقائع مبالغا فيها وأخري مطلقة غير موجودة وبلا أسماء.. وهكذا كانت المواجهة. * رغم أن الحقوق المدنية والسياسية احتلت المركز الثاني في الشكاوي التي تضمنها تقرير حقوق الإنسان إلا أن وزارة الداخلية كان لها نصيب كبيرا فيها.. كيف ترد علي ذلك؟ وهل جاء ذلك التحسن نتيجة لاختلاف الأداء الأمني عن العام السابق؟ ** احتلال الشكاوي الخاصة بالحقوق السياسية والمدنية للمرتبة الثانية من الشكاوي الواردة للمجلس القومي لحقوق الإنسان وتمثيلها لنسبة 12.30% من اجمالي الشكاوي يعد أمرا طبيعيا للغاية بسبب ما تمثله تلك الحقوق من اهمية نتيجة ارتباطها الوظيفي بحياة الانسان بصفة عامة أكثر مما تشكله باقي حقوق الإنسان الاخري وعلي سبيل المثال سنجد أن الحق في الحياة باعتباره من أهم الحقوق الإنسانية وما يساق من ادعاءات مستمرة بانتهاك هذا الحق بصورة صارخة وجسيمة لمواطنين وهم تحت يد السلطة العامة سواء كان ذلك أثناء تنفيذهم لعقوبات محكوم عليهم بها داخل السجون أو خضوعهم لتنفيذ قرارات للحبس الاحتياطي أو احتجازهم خارج اطار القانون، وأرد في إطار الوقائع الواردة في التقرير وأؤكد ان الوزارة في ردها عليه لديها اسانيد ترتكز عليها واهمها أن جميع ما ورد من شكاوي كانت دائما محل مبادرة من قبل الوزارة وفقا لما يرد اليها سواء من شكاوي أو من التقارير التي تتم بمعرفة أجهزة المعلومات الخاصة بها أو في إطار التوجيه الدائم لوزير الداخلية باتخاذ الاجراءات لفحص تلك الشكاوي والمعلومات بمعرفة قطاع التفتيش والرقابة وباقي الاجهزة للتيقن من مدي صحتها وتتخذ الوزارة الاجراءات التالية حال تأكدها من ثبوت هذه الوقائع: 1- الإحالة للنيابة العامة. 2- اتخاذ اجراءات تأديب المخالف دون انتظار لظهور نتيجة التحقيق في الواقعة الجنائية وذلك إيمانا بأن الواقعة الواحدة قد تمثل خطأ جنائيا وفي ذات الوقت إثما تأديبيا ولعل ذلك يمثل أحد أهم أوجه المغايرة في مساءلة أعضاء هيئة الشرطة إذا قارناها بمساءلة الموظف العام. كما ان جميع الوقائع المذكورة بحدوث وفاة داخل أماكن الاحتجاز قد تم اتخاذ اجراءات التحقيق بشأنها فضلا عن ان ما يحدث في مجال انتهاكات حقوق الإنسان بصفة عامة سواء تمثلت في حدوث وفاة أو اعتداءات.. كلها حالات فردية يجب أن يكون من الانصاف نسبتها الي الصورة العامة لما يتخذ من اجراءات لتحقيق الأمن بصفة عامة. * وماذا عما يتردد بشأن الانتهاك والتجاوز الذي يصل الي حد اخفاء بعض المواطنين من الحياة؟ ** إن مجرد اعتبار مثل هذه الادعاءات بمثابة أسلوب عمل أو منهج أداء لوزارة الداخلية هو أمر يرفضه حتي المنطق وغير متصور أن تكلف الوزارة في كل يوم كوادرها بايقاع الانتهاك والتجاوز علي عدد معين من المواطنين حتي يعد ذلك بمثابة منهج عمل أو أسلوب أداء كما ان ما تكشفه الشكاوي أو وسائل الإعلام من وقوع بعض الانتهاكات أو التجاوزات التي لم تبادر الوزارة باتخاذ اجراءات حيالها إلا بعد التقدم بالشكاوي أو التناول الإعلامي يكمن سببه في أن بعض وقائع تلك الانتهاكات والتجاوزات تتم من الكادر الأمني المجني عليه دون وجود آخرين وهو ما يصعب أو قد يستحيل التعرف عليه أو كشفه دون وجود شكاوي ولذلك فإن تقديم الشكاوي أمر ايجابي للغاية هو ما جعل الوزارة تقوم بافتتاح موقع لها علي الإنترنت لتلقي الشكاوي ويصل عددها الي اكثر من 50 شكوي يوميا في بعض الأحيان ويمكن للشاكي أن يتلقي ردا علي شكواه حتي وقت لا يتعدي 48 ساعة.