رجحت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة "وود ماكنزي" ومقرها أدنبرة باسكتلندا أن جميع الإمدادات المتبقية التي سيتم استخراجها من الاحتياطي العالمي للبترول ستكون بالغة التكاليف، وستكبد البيئة أضرارا كبيرة خاصة التي ستأتي من الاحتياطيات غير المؤكدة من البترول وذلك خلال 15 عاما. وأشار التقرير إلي أن ذلك سيعني المزيد من الاعتماد علي مصادر من الصعب استغلالها مثل حقل "أويل ساندز" بكندا وحقل "أورينكو تاربيلت" بفنزويلا وهي من أكبر الحقول في العالم تحتوي علي احتياطيات بترولية غير مؤكدة. وقدر التقرير أن حجم الاحتياطيات غير المؤكدة في العالم يصل إلي 360 مليار برميل سواء من البترول أو الغاز وهي في حاجة إلي الكثير من الاستثمارات لاستخراجها. وحتي الاَن يجري استثمار حوالي 8% من إجمالي هذه الاحتياطيات لأن العالم ما يزال يعتمد حتي الاَن علي مصادر أيسر للحصول علي مصادر البترول والغاز. وأوضحت أن التحول نحو الإسراع في استخراج هذه المصادر غير المؤكدة قد يكون أسرع كثيرا مما تتوقعه صناعة البترول رغم أن بعض حقول البترول التي تعمل بالفعل ستواصل زيادة إنتاجها حتي عام 2020 فإن هذه الزيادات لن تكون رغم ذلك كافية لمعادلة التراجع في إنتاج الحقول الأخري بالإضافة إلي زيادة سكان العالم وبالتالي الاستهلاك والتطور السريع في اقتصادات الدول الناشئة. وقال رئيس المركز "وود ماكنزي" إنه بات من غير الواضح معرفة مصير الاحتياطيات المؤكدة بعد عام 2020 وإلي أي مدي يمكنها أن تلبي أي زيادة متوقعة في الطلب. وأضاف التقرير أيضا أن النمو في الطلب علي الغاز المسال وأنواع أخري سيشهد أيضا زيادة مطردة لا يمكن قياسها بسهولة. كما أن زيادة الاعتماد علي الاحتياطيات غير المؤكدة ستتطلب أيضا إعداد استراتيجية مستدامة لإعادة تشكيل صناعة الطاقة. والمعروف أن شركات عالمية كبري مثل "رويال داتش شل" و"توتال" الأوروبيتين و"اكسون موبيل" و"شيفرون" الأمريكيتين بدأت بالفعل في الاستثمار بكثافة في حقلي "أويل ساندز" بكندا و"أورينكو" بفنزويلا. وتسعي دول أخري مثل الصين من خلال عدة شركات فيها إلي استخراج البترول بكميات كبيرة من دول مثل مدغشقر. وبالنسبة للغاز أنفقت شركة "ديفون" للطاقة العام الماضي حوالي 2.2 مليار دولار للتوسع في استخراج الغاز وهي بالفعل تعمل بدأب في هذا المجال وذلك من حقل بارنت شالي بتكساس والمملوكة لشركة "شالي اند جاز" وينتظر أن تساهم هذه الاحتياطيات في زيادة إنتاج الولاياتالمتحدة لتمثل الاحتياطيات غير المؤكدة 40% من إجمالي الناتج بحلول عام 2020. إلا أن التحديات هائلة، هذا ما أجاب به خبير بارز عندما سئل عن قدرة المملكة العربية السعودية علي التوسع لتغطية الارتفاع السريع في الطلب. وقال إن الشكوك تحيط بإمكانية الاستمرار في استخراج كميات كبيرة تلبي الطلب بعد 15 عاما.. بالإضافة إلي المخاوف الكبيرة من انخفاض جودة المستخرج وتأثير عمليات الاستكشاف علي البيئة علاوة علي أن الطرق التي يتم استخدامها علي نطاق ضيق لإنتاج البترول بدمج الغاز الطبيعي مع مصادر أخري ستؤدي لإنتاج خام منخفض الجودة، وقال إن الأمر أشبه بتحويل الذهب إلي رصاص. والمعروف أن بعض الدول تواجه مخاطر نضوب مصادرها من البترول خلال فترة زمنية قد لا تزيد علي 20 عاما مثل إيران ومثل هذه المخاوف قد تضع تفسيرا عمليا وعلميا للصراعات الدائرة في الشرق الأوسط والسودان ومنطقة القرن الأفريقي وبعض البلدان الأفريقية للاستحواذ علي أكبر حقول البترول في العالم لتأمين احتياجات الغرب الصناعي من المحرك الذي يقود قاطرة الاقتصاد العالمي التي علي ما يبدو تواجه أكبر تحدياتها منذ الثورة الصناعية.