مترو الانفاق يتصدر حاليا وسائل النقل الاقتصادية حيث يستخدمه يوميا ما بين 3 و4 ملايين نسمة وبعض الشركات والمؤسسات تعتبر المساحات والفراغات والجدران بل وحتي عربات المترو فرصة ممتازة لترويج المنتجات والخدمات الخاصة بها ويفضل بعض المطربين المغمورين عرض كليباتهم الغنائية علي شاشات تليفزيونات المترو وإن كان من يستمع إليهم يتمني ان تكون تلك هي المرة الأولي والأخيرة لرداءة ما يقومون به. داعيات في المترو أما العربات المخصصة للسيدات فتلك قصة أخري، فبعض السيدات يعتبرن عربات المترو ساحة خاصة للدعوة فيقمن بقراءة بعض الأدعية الدينية بصوت مرتفع ويدعون باقي السيدات الي ترديدها كما يقمن بوعظ وزجر من لا ترتدي الحجاب بطريقة غليظة وينتقل عدد من البائعات المتجولات بين تلك العربات لبيع كل شيء بدءا من أدوات الحياكة والدبابيس الخاصة بالحجاب وجميعها صينية الصنع وصولا إلي أكياس الخضراوات الطازجة والمجهزة والتي تقبل علي شرائها السيدات العاملات توفيرا للوقت والجهد في المنزل فكل ما يباع في عربات المترو بأسعار رخيصة بالدرجة الأولي حتي المجلات الخاصة بالتجميل والرشاقة ومجلات الأخبار الفنية تباع الأعداد القديمة منها بجنيه واحد. غير انه في غياب الرقابة خاصة الصحية فكل شيء يباع محل شك. أوهام وخرافات اللافت للنظر ان اكثر هذه الإعلانات انتشارا في عربات المترو عن مستشفي شهير متخصص، في العيون يعلن عن علاج اقتصادي لاجراء جراحات العيون بالاضافة الي اصلاح عيوب الابصار بواسطة تقنية الليزك الحديثة بسعر منخفض وعندما قامت العالم اليوم "الاسبوعي" بالاتصال برقم الهاتف المبين بالإعلان للتخلص من النظارات السميكة ومشكلات العدسات اللاصقة "لدواعي النيولوك الجديد" أوضحت السكرتارية ان هناك نوعين للعلاج: اقتصادي بسعر 1350 للعين الواحدة واستثماري تبلغ تكلفته من 2500 الي 3000 جنيه للعين الواحدة حسب الحالة كما اوضحت ان فرق السعر يعود الي نوعية الجهاز المستخدم فالعلاج الاقتصادي يعالج قصر النظر الذي يبلغ -2 أو -3 في قوة الابصار اما الجهاز الاستثماري فيعالج قصر النظر الشديد الذي يبلغ -12. ومثلما استغربنا من هذا الاعلان كانت دهشة الدكتور اسماعيل جودت استاذ ورئيس اقسام الرمد بكلية طب القصر العيني كبيرة وحذر من تلك الاعلانات قائلا ان عمليات الليزك هي عملية خطيرة لا يجب الاستهانة بها فهو ليس مجرد ضوء تتعرض له العين كما تروج له الاعلانات لاغراض تجميلية ولكن شعاع الليزر يتم توجيهه الي الجزء المركزي للقرنية لتصحيح خطأ انكسار العين "قصر النظر أو طول النظر أو الاستجماتيزم" والاجهزة القديمة كانت تقوم بالقطع في القرنية بطريقة "المقطع الضوئي" اما الاجهزة الحديثة فتعمل بطريقة "الومضة الطائرة" فيمكن اجراء العملية بواسطتها في قرنية سمكها اقل من 500 ميكرون "001 من المليمتر" وليس اكثر من ذلك كما كان يشترط في الاجهزة القديمة وذلك لتخفيض سمك القرنية الذي يتم قطعه بالميكروتون "جهاز الليزر الجراحي" حيث اصبح هذا القطع "90 ميكرون" فقط بدلا من "130 او 160 ميكرون" بالاجهزة القديمة مما يقلل من مضاعفات الجراحة فالاجهزة الحديثة اكثر امانا ودقة ويكاد ينعدم فيها معدل الخطأ بشرط توافر الخبرة الكافية لدي الطبيب الذي يقوم باجرائها. ويحذر الدكتور اسماعيل جودت من استخدام الاجهزة القديمة في تقنية الليزك فبعض المراكز تستخدم تلك الاجهزة في عيادات العلاج الاقتصادي المنخفض التكاليف، فالأجهزة الحديثة يبلغ سعرها 3 أو 4 ملايين والعلاج بها مكلف جدا، وايضا عمليات المياه البيضاء المنخفضة السعر قد تستخدم فيها عدسات صيني أو هندي سعرها لا يتجاوز 100 جنيه للعدسة في حين مثيلتها الأوروبية التي تمتاز بليونتها العالية حتي يمكن ادخالها من خلال فتحة صغيرة جدا في العين بسهولة يصل سعرها الي 750 و850 جنيها، وايضا المادة اللزجة التي تساعد العدسة علي الانزلاق داخل العين يتم استيرادها من الخارج والبعض يستورد تلك المادة بالجملة ويقوم بتعقيمها بالمستشفي وحقنها في العين لخفض النفقات، ولا عزاء للفقراء. ويعلق الدكتور عبد المعطي بيومي العميد "السابق" لكلية أصول الدين علي قيام بعض السيدات بالدعوة في عربات المترو واصفا إياه بأنه نوع من التطرف الشديد ووضع الشيء في غير موضعه، لأنه علي الداعية أن يتخير المكان والوقت المناسبين وايضا النفسية المهيأة لقبول الدعوة ومكانها اللائق هو المساجد وليس في وسائل المواصلات العامة فللدعوة ساحاتها الخاصة.