علي طريقة المخرجين اقتربت كاميراتنا لتصور مشهد معرض القاهرة الدولي للكتاب للمرة 39.. فهذه هي الدورة التاسعة والثلاثون لمعرض القاهرة الدولي للكتاب. نعم تسع وثلاثون عاما هي عمر معرض الكتاب اي انه اصبح في مكتمل سنوات النضج والعطاء ومرت عليه احداث واحداث تطور خلالها وتقدم حتي اصبح مسار اهتمام علي مستوي منطقتنا العربية بل وبدون مبالغة علي المستوي الدولي. ومن هنا يأتي اهتمامنا بالكتابة عنه مستهدفين ان نوضح ما له وما عليه ليتسني لنا في النهاية رسم الطريق نحو الاحتفاظ بمواطن القوة وعلاج مواطن الضعف. وبشكل عام فان المعرض هذا العام في دورته ال39 قد شارك فيه عدد لابأس به من الدول وكان ضيف الشرف لهذا العام ايطاليا وهو تقليد جديد اتبعه المعرض منذ عام او عامين.. وليست لدينا احصائيات مدققة عن عدد من ارتادوا المعرض لهذا العام ولكن من واقع زيارات شخصية اما لحضور ندوات او لاقتناء كتاب يمكن ان نسجل معقولية الاقبال علي المعرض هذا العام غير ان اللافت للنظر الذي ينبغي ان نتوقف عنده بالفكر والتأمل والبحث والاستنتاج عدة امور اساسية هي: أولا: عملية التنظيم قد لا نكون متجنين اذا قلنا ان عملية التنظيم مازال ينقصها الكثير وعلي الاخص ما يلي: 1- المعلومات الكافية عن الاجنحة الخاصة بكل دولة او بكل عارض وكيفية الوصول اليها من خلال خريطة توضح المسارات المختلفة لأماكن العارضين. 2- طريقة النقل داخل المعرض التي شهدت كما هو الحال في سنوات سابقة السيارات الخاصة وغير الخاصة واتوبيسات داخلية وقطار الطفطف كما يطلقون عليه والتي كان بعض الاطفال يعتبرونها النزهة الحقيقية في المعرض فيركبونها ولا يريدون ان ينزلوا منها كأننا في مولد أو ملهي. 3- المشكلة الكبري التي تواجه السواد الاعظم من رواد المعرض الذين لا يصطحبون سيارات معهم الي داخل المعرض وهي مشكلة حمل الكتب التي يشترونها من عارض معين ويتجولون بها لشراء ما قد يعن لهم لدي عارضين آخرين.. فعملية ترك مشترياتهم من الكتب في الامانات كانت عملية لا تخلوا من التعقيد الشديد لدي بعض العارضين.. كما ان تجميع هذه المشتريات في نهاية اليوم وحملها الي خارج المعرض لا تصبح ممكنة الا اذا كانت تلك المشتريات قليلة وسهلة الحمل ومن هنا فان كثيرا من الهيئات التي تقوم بالشراء من المعرض ولا تستطيع ادخال سيارة معها كانت تترك الكتب لدي العارضين والاتفاق معهم علي وسيلة لنقلها الي مكان خارج المعرض حسبما يتيسر ومن ثم يتم نقلها بسيارة او بأي وسيلة أخري. 4- عدم وجود دورات مياه علي المستوي الذي يتناسب مع معرض دولي للكتاب عمره اشرف علي الاربعين عاما. 5- فوضي الاطعمة والمأكولات داخل المعرض التي تذكرك بالباعة الجائلين وهم يطوفون بالاسواق الشعبية حاملين السميت وغيره من الاطعمة وهم ينادون عليها. ثانيا: النظافة هنا حدث ولا حرج فلا توجد أوعية كافية أو نظام للتخلص من الاوراق وغيرها فتجدها تتناثر علي أرض المعرض في شكل غير مستحب نعم قد يكون هذا سلوك جمهور ولكننا لم نيسر لهذا الجمهور سبل تعينه علي التصرف بشكل سليم. ثالثا: أساليب البيع والعرض تفاوتت تلك الاساليب من حيث الجودة والمعاصرة من عارض الي آخر. إلا انه بشكل عام غلب عليها الشكل التقليدي ومازالت عملية اصدار الفاتورة وتحصيل الثمن تتم بوسائل اقل ما توصف به انها بدائية والكربون هو سيد الموقف في تحرير الفواتير ومراجعة القيمة تتم غالبا من خلال الآلة الحاسبة علي الموبيل والتزاحم امام الخزينة لتحرير الفاتورة وسداد الثمن جعل الناس تضيق ذرعا في بعض الاحيان. كما ان قيمة الخصومات علي مشتريات الكتب لم تكن واضحة او معلنة وكانت تخضع في كثير من الاماكن للمساومة والفصال.. بل ان البعض لم يكن يعطي المشتري حتي ايصالا بسداد الثمن. رابعا: حداثة الكتب وأسعارها استطيع هنا من واقع تخصصي علي الاقل ان اشير الي ان الكتب الحديثة في مجال المال والمحاسبة والاقتصاد كانت في معظمها تفتقر الي الحداثة فمعظمها طبعات قديمة وقد كانت الكتب الاجنبية مرتفعة الثمن. قد يكون من المناسب ان نعيد الي الاذهان تلك الطبعات المخفضة التي كانت تلجأ اليها بعض الدول مثل الهند لتعيد - باتفاق خاص - طباعة الكتب العلمية علي وجه أخص بشكل يجعل من تكلفتها ومن ثم أسعار بيعها ميسرة لمعظم الناس. أما العناصر التي تستحق الاشادة في معرض القاهرة الدولي للكتاب فهي عديدة ايضا ولعل ابرزها انتظام اقامته سنويا في موعد مناسب لاجازة نصف السنة لطلاب المدارس والجامعات وكذلك تلك الندوات التي تعقد علي هامش المعرض التي تنوعت وتعددت واصبحت سمة من سمات المعرض وان كان ينتظر منها في الاعوام القادمة المزيد من التطور واتساع قاعدة الاختيار للمتحدثين والمبدعين ومرحبا بالكتاب ومعرضه فهو بحق خير جليس في الزمان.