لاشك أن ستة دولارات تعتبر شيئا لا قيمة له بالنسبة لصناعة حجمها 750 مليار دولار ولكنها تعني شيئا مهما بالنسبة لشركة نوكيا أكبر شركة عالمية لصناعة أجهزة التليفون المحمول.. فشركة نوكيا تدفع لشركة كوالكوم 6 دولارات كحقوق ملكية فكرية عن كل جهاز تبيعه في السوق يستخدم تكنولوجيا CDMA التي تملكها كوالكوم. وتقول مجلة "فورتشن" إن شركة نوكيا تري أن هذه الدولارات الستة عن كل جهاز تعتبر مبلغا كبيرا وتحاول تخفيضها عند تجديد العقد المبرم بينها وبين شركة كوالكوم في هذا الشأن والمقرر أن ينتهي يوم 9 ابريل القادم. وتقول نوكيا إن تكنولوجيا CDMA لا تستخدم إلا علي نطاق محدود جدا في أجهزة الجيل الثالث للتليفون المحمول الذي سيمثل جوهر إنتاج نوكيا في السنوات القادمة وهذا يعطيها مركزا قويا في المساومة مع شركة كوالكوم التي تصر من جانبها علي أن تواصل نوكيا دفع نفس المبلغ عن كل جهاز يستخدم تكنولوجيا CDMA في السنوات القادمة.. وتقول شركة كوالكوم إن ما تدفعه نوكيا ونحو 130 شركة أخري من رسوم لا يمثل سوي 5% فقط من سعر بيع الأجهزة في الجملة. والحقيقة أن كل شركة تصر علي موقفها بصورة لا تسمح حتي الاَن بالوصول إلي أي اتفاق أو حل وسط بين الشركتين.. وفي أكتوبر الماضي عقد أوللي ربيكا كولاسفو الرئيس التنفيذي لشركة نوكيا اجتماعا مع المحللين الماليين أبلغهم فيه أن نوكيا تعمل لضمان أن تدفع فقط ما هو عادل ومعقول من رسوم حقوق الملكية. وتزعم نوكيا أن أجهزة الجيل الثالث التي تبيعها في أوروبا حاليا لا تعتمد كثيرا علي تكنولوجيا CDMA ولذلك لابد من تخفيض ما يتم دفعه عليها من رسوم حقوق الملكية لشركة كوالكوم وهذا ما يؤكده أيضا ريك سيمونسون المدير المالي لشركة نوكيا. ومن جانبهم يؤكد قادة كوالكوم رفضهم لأي خفض في تلك الرسوم.. ويقول ستيف الثمان رئيس كوالكوم إن شركته لم ترفع هذه الرسوم منذ الاتفاق عليها مع نوكيا عام 1992 وهي تصر الاَن علي عدم خفضها. ويقول الرجل إن كوالكوم كان لديها في عام 1992 نحو 37 نموذجا تطبيقيا فقط لهذه التكنولوجيا أما الاَن فقد صار لديها 5100 نموذج تطبيقي تستفيد منها الشركات المنتجة لأجهزة التليفون المحمول وغيرها من الأجهزة المشابهة. ويؤكد الثمان أن هذا التنوع في النماذج التطبيقية سيساعد نوكيا وغيرها من شركات إنتاج أجهزة التليفون المحمول علي التوافق مع عصر الانترنت حيث أصبحت أجهزة التليفون المحمول تستخدم في تصفح الانترنت وإرسال البريد الالكتروني واستقبال أفلام وألعاب الفيديو والموسيقي وإجراء المكالمات الصوتية الأرخص سعرا عبر الانترنت.. ويري أندرو جيلبرت مدير كوالكوم في أوروبا أن هذه الفوائد الإضافية جديرة بأن ترفع رسوم حقوق الملكية لا أن تخفضها كما تريد نوكيا. وتقول مجلة "فورتشن" إن الخلاف المستحكم بين نوكيا وكوالكوم يمثل أكبر قضية تواجه صناعة التليفون المحمول حاليا فالمليار جهاز التي بيعت في عام 2006 تستخدم تكنولوجيات متعددة يمكن أن تصل إليها عدوي هذا الخلاف، ومعروف أن اثنتين أخريين من كبريات شركات إنتاج أجهزة التليفون المحمول وهما موتورولا وسامسونج تستخدمان تكنولوجيا CDMA وأن عقودهما مع كوالكوم سوف تنتهي في غضون سنوات قليلة وليس من المستبعد أن تختلف الشركتان أيضا مع كوالكوم علي حجم رسوم حقوق الملكية. وتجدر الإشارة إلي أن نوكيا تبيع 300 مليون جهاز تليفون محمول سنويا وأن خفض دولار واحد من رسوم حقوق الملكية التي تتقاضاها كوالكوم سيعني بالنسبة لنوكيا وفرا كبيرا هي في حاجة إليه خصوصا بعد أن خفضت هوامش أرباح التشغيل فيها من 17% لتصبح 15% فقط، وإذا كانت نوكيا مضطرة لخفض أسعار أجهزتها في الأسواق الناشئة مثل روسيا والهند والصين فإنها تعول علي أجهزة الجيل الثالث ذات هوامش الربح العالية في زيادة أرباحها وذلك إلي جانب خفض ما تدفعه من رسوم حقوق الملكية لشركة كوالكوم. وبالنسبة لشركة كوالكوم فإن خفض رسوم حقوق الملكية سيوجه ضربة شديدة إلي إيراداتها وأرباحها.. وتقول الأرقام إن إيرادات كوالكوم من رسوم حقوق الملكية في عام 2006 بلغت 8.2 مليار دولار بزيادة 45% علي إيراداتها منها عام 2005 التي لم تتجاوز ال 9.1 مليار دولار. والأمر المؤكد أن استمرار الصراع بين نوكيا وكوالكوم حول رسوم حقوق الملكية وغيرها من نقاط النزاع بين الشركتين الذي وصل إلي المحاكم في لندن وكاليفورنيا وغيرهما سوف يمثل عقبة كبيرة في طريق نمو صناعة التليفون المحمول ويهددها بخسائر فادحة.