جاءت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية إلي المنطقة هذه المرة دون أن يكون في جعبتها خطة سلام محددة ورغم تأكيدها بأن هذه المرحلة مهمة ومليئة بالتحديات في الشرق الأوسط إلا أنها استكملت قولها بأن المرحلة تحمل وعودا إذا ما تحمل طرف مسئولياته بشكل خلاق وبعزم. لكن من الواضح ان هذه الزيارة لرئيسة الدبلوماسية الأمريكية ذات صلة بالخطة الاستراتيجية التي طرحها الرئيس الأمريكي قبل أيام قليلة والتي انحصرت وتركزت علي دوام واستمرار الاحتلال الأمريكي للعراق مع تحسين شروط الاحتلال بزيادة عدد القوات الأمريكية بأكثر من عشرين الف جندي ونقل الملف العراقي من البنتاجون الي وزارة الخارجية. وتهدف الزيارة ايضا لتعزيز التنسيق بين الإدارة الأمريكية والدول العربية المعتدلة من وجهة نظرها في المنطقة وتوزيع الأدوار فيما بينها لمواجهة الملف النووي الإيراني، ومن جانب آخر طمأنة الدول العربية لمساندة الأدوار الأمريكية لها في مواجهة أية تحديات قد تتعرض لها مع إيران. أما بشأن زيارة رايس للسلطة الوطنية فكل المؤشرات تشير إلي أنها لا تحمل في جعبتها شيئا محددا سوي ما أعلنته في مؤتمراتها الصحفية في واشنطن والمنطقة وخلاصة تصريحات رايس انها ستدعم فكرة كانت طرحتها تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية وهي إقامة دولة فلسطينية مؤقتة يكون جدر الفصل العنصري "الجدار العازل" حدودها رغم رفض اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية برئاسة محمود عباس هذه الفكرة خاصة انها تتناقض مع الأهداف الوطنية الفلسطينية الداعية الي اقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة ومتواصلة جغرافيا علي كامل الاراضي المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدسالشرقية وإزالة كل المستوطنات الإسرائيلية منها بما في ذلك الجدار العنصري وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين علي أساس القرار الدولي 194. وعلي الرغم من سعي مسئولين امريكيين الي خفض سقف التوقعات من جولة رايس واشارتهم إلي انها ستعمل علي استكشاف الآراء لتري ما يمكن القيام به فقد اكد مسئولون اسرائيليون ان رايس بحثت مع ليفني امكانية اقامة الدولة الفلسطينية بحدود مؤقتة حسب مسار الجدار العازل في الضفة الغربيةالمحتلة وحولها كما ان رايس حسب تصريح مسئول اسرائيلي كبير تريد بحث بعض أكثر الموضوعات حساسية ومنها مستقبل القدس مع الجانبين كما تري ما إذا كانت توجد مساحة للتقدم بشأن دولة فلسطينية في العامين المقبلين. ورغم هذا الإصرار من قبل رايس علي بحث هذه الملفات فان الموقف الفلسطيني إزاء ما تم تداوله من مبادرات ومقترحات تقضي بتشكيل دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة من دون القدس هو الرفض القاطع لأية دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة خاصة ان هذا المقترح تضمنته عدة مبادرات بما فيها ما قيل عن مبادرة حماس التي لم يطلقها مستشار رئيس الحكومة أحمد يوسف والتي قيل إنها ثمرة عدة جولات من المباحثات مع خبراء اوروبيين واسرائيليين وكذلك مبادرة وزير الأمن الإسرائيلي بيرتس والتي تهدف ايضا الي ايجاد مثل هذه الدولة المؤقتة والتي قال انها ثمرة المزج بين خريطة الطريق والمبادرة العربية التي أقرتها القمة العربية في بيروت قبل ثلاثة أعوام. وتأتي زيارة رايس في هذا التوقيت بالذات لحشد الدعم العربي والخليجي علي وجه الخصوص لاستراتيجية واشنطنالجديدة في العراق مقابل انخراط أمريكي اكثر فاعلية حول المسار الفلسطيني الإسرائيلي دون البحث في الملفات والمسارات الأخري خاصة السوري واللبناني لأن الاستراتيجية الأمريكيةالجديدة لم تتبن توصيات لجنة بيكر- هاملتون بشأن إيجاد دور مهم لكل من دمشق وطهران في اخراج أمريكا من الورطة العراقية وهما الدولتان المعنيتان بشكل مباشر بالمسارين السوري واللبناني مع اسرائيل وبالتالي فان الجهد الامريكي -حسب البيت الأبيض- سينصب حول الملف الفلسطيني - الإسرائيلي!