شاهدت علي شاشة الانترنت مشاهد اعدام صدام حسين، سمعته يردد شهادة التوحيد، وسمعت من قاموا بتنفيذ حكم الإعدام يرددون اسم "محمد باقر الحكيم" واسم "مقتدي الصدر" ولم أتبين بوضوح كلمات السخرية التي أطلقها صدام حسين. وعن نفسي كمواطن مصري، مازلت أذكر كيف رفضت لعدة مرات زيارة بغداد أيام صدام، وإن كان بالنفس هوي وعميق احترام لما أبدعه روائي فلسطيني عشق بغداد وكتب عن المدينة كما لم يكتب احد وهو الراحل الكبير جبرا ابراهيم جبرا، وعانيت لفترات من قراءة ورؤية كيفية عودة النعوش التي تحمل جثامين الشباب المصري أيام حرب صدام مع ايران، وهي حرب بالوكالة اراد بها صدام ان يرث مكانة شاه ايران عند الامريكيين. وأنا شخصيا لست آسفا علي قتل صدام حسين، ولكني أشعر كمصري عربي بعميق الغضب علي تعمد الإهانة في اختيار يوم الاعدام، كما اشعر بنوع من عجز الفهم عن اختيار الشيعة ليوم عيد الاضحي مختلفا عن اختيار اهل السنة، ولست فقيها في الخلافات المذهبية، ولكني أعلم ان الفريضة الوحيدة التي يتفق عليها المسلمون بعد شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هو يوم الوقوف بعرفة. وكان يجب علي مقتدي الصدر والامام السيستاني ان يتمتعا بقليل من الحكمة ومعهما من نصدق انه عربي القلب ايراني السلاح واعني به السيد حسن نصر الله، وكنا نحلم ان يثبت الجميع ان علاقتهم بايران هي علاقة بناء جسور بين الدولة الفارسية وبين القومية العربية، ولكن يبدو ان الظن خاب تماما كما تخبو شمعة أمل في ان يتصدر المشهد العربي المسلم نوع من الاحترام المتبادل بين الدول الاسلامية ولكن يبدو ان "اللسان الشيعي" ينطق بعكس ما في القلب تماما، فنحن العرب العاديين لم نر خطوة واحدة من كل من السيستاني ومقتدي الصدر وحسن نصر الله من اجل ان تعود الجزر العربية الثلاث التي استولت عليها ايران من دولة الامارات.. ونحن لم نر في عالمنا العربي أي مسحة من احترام لعمليات التوفيق التي يقوم بها د.العوا من اجل التقريب بين المذاهب.. ونحن في الشارع العربي من احتضنا نصر الله كفارس، لم يتوان أبناء الامارات عن المشاركة الجادة في اعادة تعمير لبنان بعيدا عن اي خلاف مذهبي. ورغم ذلك، فكلنا نعلم - علم اليقين - ان فخر حسن نصرالله بمعاونة ايران له بالسلاح في مواجهة اسرائيل، ونعلم - علم اليقين - ان القرار السياسي العراقي لا يتم اخذه فقط في أروقة الدولة العراقية، ولكن بجسور اكتشاف نقاط التلاقي بين الامريكيين وبين الشيعة اي بين الولاياتالمتحدة وإيران. ونحن جميعا ندفع ثمن الغباء من بعض القادة قادة المذاهب.. لست أكره الشيعة ولست متحيزا إلا لجوهر العقيدة. ولكن في اعدام صدام - الذي لم احترمه يوما - في صباح "العيد السني" كان يحمل الإهانة لكل من ينطق بشهادة الايمان بوحدانية الله وبرسالة محمد - عليه الصلاة والسلام-. وكان خطوة ارادت الولاياتالمتحدة بالموافقة عليها ان تثبت لها اننا لسنا اهلا لوحدة عقيدة او وحدة قومية. وما أعظم المرارة التي في الحلق، وهي التي يمكن ان يهنأ بوجودها كل من ايران واسرائيل والولاياتالمتحدة. اما ان كان مصير صدام هو النار او الجنة، فالشيعة يتصورون انه في النار، وبعض من اتباعه يتصورون انه شهيد، وانا اري اننا - شيعة وسنة - حين نتعمد اهانة بعضنا البعض علي هذه الصورة نهدي انفسنا الجحيم ونحن نعيش علي الارض.