نستطيع ان نقول ان القطاع المصرفي شهد نقلة نوعية في عام 2006 سواء علي مستوي الملكية وتركيبة المساهمين أو علي مستوي الخدمات المصرفية المقدمة للعملاء، ونستطيع ان نقول ايضا ان البنوك المصرية شهدت خلال العام الجاري تطورا مهما تمثل في انتقالها من مرحلة الصدمات التي شهدتها عام 2005 الي مرحلة المفاجآت سواء من قبل السياسة النقدية او من قبل المستثمرين الاجانب او من قبل السوق نفسه، ففي عام 2005 صدم البنك المركزي الجميع بعدة قرارات علي رأسها عدم مد مهلة توفيق الاوضاع بالنسبة للبنوك التي عجزت عن زيادة رؤوس اموالها المدفوعة الي 500 مليون جنيه طبقا للقانون، اما في عام 2006 فقد فوجئ السوق بعدة مفاجآت كانت غير متوقعة بالنسبة للكثيرين، وكان علي رأس هذه المفاجآت فوز بنك سان باولو الايطالي بصفقة الاستحواذ علي 80% من اسهم بنك الاسكندرية في عملية تجاوزت قيمتها 1.6 مليار دولار. وكان من بين المفاجآت كذلك الاقبال الشديد من قبل العرب والاجانب للاستحواذ علي وحدات مصرفية في مصر، خاصة من قبل المستثمرين الاماراتيين والفرنسيين، وكذا عودة بنوك عالمية انسحبت من السوق قبل عامين مثل امريكان اكسبريس. وعلي الرغم من أن إقالة او استقالة وجدي رباط من منصبه كرئيس لبنك قناة السويس مثلت مفاجأة للبعض الا ان المفاجأة الاكثر تمثلت في اسباب الاقالة نفسها والتي لم ترتبط باداء رباط خلال توليه منصبه، ولكنها ارتبطت بما اسمته بعض القيادات المصرية بإساءة رئيس بنك قناة السويس السابق الي بعض الاشقاء العرب الذين لديهم استثمارات البنك! وتبع هذه المفاجأة مفاجأة أخري تمثلت في تعيين مجلس مؤقت لإدارة بنك قناة السويس برئاسة الفريق احمد فاضل رئيس هيئة قناة السويس وذلك لحين اختيار رئيس جديد للمجلس لكن هذا المجلس لم يستمر طويلا حيث تم اختيار مجلس جديد برئاسة هشام رامز، بل ان تشكيل المجلس حمل مفاجأة اخري تمثلت في انضمام اثنين من القيادات التي تم ابعادها عن القطاع المصرفي في وقت سابق وهما سيف الله قطري رئيس البنك المصري المتحد الذي استقال من منصبه قبل اكثر من ثلاث سنوات لدخوله في خلافات مع احمد البردعي رئيس بنك القاهرة السابق كما انضم ايضا للمجلس شريف شرف الرئيس السابق للبنك المصري لتنمية الصادرات الذي خلفه في موقعه هشام حسن. وهناك مفاجآت اخري شهدها القطاع المصرفي خلال عام 2006 يمكن رصدها من خلال عدد من الملفات التي تحمل بين طياتها انجازات واخفاقات القطاع في هذا العام الذي قارب علي الانتهاء. الخصخصة والأجانب: أول هذه الملفات تتعلق ببيع عدد من البنوك المصرية لمستثمرين عرب واجانب فقد استحوذ بنك سوسيتيه الفرنسي علي بنك مصر الدولي بالكامل وانهي عملية الاستحواذ قبل ايام، وفي الربع الثالث من العام الجاري استحوذ بنك كاليون "مصر" علي البنك المصري الامريكي ليندمجا معا و يشكلا كيانا جديدا يحمل اسم "كريدي اجريكول - مصر". وفازت مجموعة "ريبللود" الامريكية الكبري بصفقة شراء حصة البنك الاهلي المصري في صفقة بلغت قيمتها نحو 1.3 مليار جنيه وقد تم تنفيذ الصفقة باسلوب المحترفين و اشرف عليها بالكامل البنك المركزي. وعلي مستوي ملف الخصخصة والاجانب فقد شهد ملف بنك الاسكندرية منافسة جديدة من قبل المستثمرين الخارجيين الذي جاء في مقدمتهم بنوك المشرق الاماراتي والعربي كما ابدت بنوك كبري اهتمامها بالصفقة في مقدمتها ستاندرد شارتريد البريطاني و(HSBC) ويورو بنك اليوناني وغيرها وفاز بالصفقة بنك سان باولو الايطالي وهي مفاجأة لم يتوقعها البعض ليس بسبب عدم معرفة السوق المصري بالبنك الايطالي، ولكن بسبب ضخامة قيمة الصفقة التي بلغت 9.3 مليار جنيه ولعب اسلوب المزايدة دورا مهما في رفع القيمة السوقية لبنك الاسكندرية.