قد يكون أمرا بعيدا عن التصور أن يكون هناك عالم يشتري فيه المستهلكون كل شيء من ساندويتشات الهامبورجر إلي المساكن بالنقود البلاستيكية. لكن هذا العالم علي أية حال ليس بعيد المنال بالنسبة لشركات بطاقات الائتمان مثل فيزا وماستر كارد وأمريكان اكسبريس، فمنذ 10 سنوات فقط كان الأمريكيون يدفعون 71% من ثمن مشترياتهم بالشيكات أو النقود، أما الاَن فإنهم طبقا لأرقام المجلة التجارية "نيلسون ريبورت" يدفعون أكثر من 50% من ثمن مشترياتهم ببطاقات الائتمان والنقود البلاستيكية.. وهكذا أصبحت أدراج النقود وجيوب البنطلونات مرشحة لأن تصبح زائدة علي الحاجة! وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن هذه ليست أخبارا سارة تماما بالنسبة للمستهلكين أو الشحاذين أيضا! فمن المعروف أن كل رب أسرة أمريكي لديه الاَن في المتوسط أكثر من 10 بطاقات ائتمان من نوع أو اَخر كما أن كثيرا من الناس صاروا غارقين في الديون بسبب استخدامهم غير الرشيد لبطاقات الائتمان. ومع ذلك، فإن شركات بطاقات الائتمان بعد أن تأكدت أن المشتريات الصغيرة مثل الجرائد وتذاكر المترو أو الأتوبيس والسجائر لايزال يتم شراؤها نقدا أي بالنقود التقليدية، أصدرت "بطاقات غير متصلة" للمشتريات الأقل من 25 دولارا. وهذه البطاقات ترسل ما هو مسجل عليها من قيمة إلي جهاز المتجر في أقل من ثانيتين، وذلك للتأكد من صلاحيتها وتتم علي الفور عمليات الخصم من رصيد هذه البطاقات التي تشبه الكروت المدفوعة مقدما وإن كانت مزودة بشريحة الكترونية مسجل عليها قيمتها أو ما يتبقي فيها من قيمة. وقد أعجبت هذه الفكرة تجار التجزئة لأنها تقلل مخاطر السرقة ومخاطر تداول النقود الورقية أو المعدنية كما أنه يسهل استرداد قيمتها من البنك اَخر اليوم.. أضف إلي ما تقدم أنه قد ثبت أن الناس يميلون إلي كثرة الإنفاق عند استخدامهم للنقود البلاستيكية في الدفع. صحيح أن سوق بطاقات الائتمان غير المتصلة لايزال صغيرا حيث تقول مجلة "نيلسون ريبورت" إن عدد البطاقات غير المتصلة في السوق الأمريكي لا يتجاوز ال 21 مليون بطاقة مقابل 1.5 مليار بطاقة ائتمان متصلة. ولكن الأمر علي أية حال لايزال في بدايته، وعموما فإن متاجر الوجبات السريعة ودور السينما والملاعب الرياضية وغيرها بدأت ترحب بالبطاقات غير المتصلة وتتعامل بها.. وستكون الخطوة التالية هي وضع شرائح كمبيوترية غير متصلة في كروت التليفون المحمول لاستخدامها في المشتريات الصغيرة. وقد بدأت هذه التجربة بالفعل ولكن لاتزال هناك اختلافات علي اقتسام تكلفة التالف من هذه الكروت بين شركتي بطاقات الائتمان والتليفون المحمول. وتضع بطاقات الائتمان عينها أيضا علي التحويلات الأكبر التي تستخدم فيها الشيكات عادة.. وقد تم عقد صفقات في السوق الأمريكي بين شركات بطاقات الائتمان وبين شركات إدارة الممتلكات يتم بمقتضاها استخدام البطاقات في دفع إيجارات المساكن أو أقساط الرهونات العقارية أو ما شابه ذلك. ومن المجالات الأخري التي قامت بغزوها شركات بطاقات الائتمان ذلك القطاع من الفقراء أو المهاجرين الجدد الذين لا يملكون حسابات مصرفية حيث قدمت لهم الشركات كروتا مدفوعة مقدما يمكن تحميلها بالنقود من محطات البنزين والمتاجر الكبيرة وما شابه ذلك، وهي في الحقيقة كروت مدينة تقدم للفقراء والمهاجرين الجدد ما يشبه القروض ولكن دون حسابات مصرفية. وتقدر شركة فيزا أن هناك في الولاياتالمتحدة نحو 80 مليون شخص بدون حسابات مصرفية وأنهم يدفعون للبنوك رسوما تناهز ال 1.5 مليار دولار سنويا من أجل تسييل ما لديهم من شيكات. وهناك عشرات الولاياتالأمريكية ومن بينها تكساس وكلورادو وجورجيا تستخدم حكوماتها الكروت المدفوعة مقدما من شركتي فيزا وماستر كارد لدفع الدعم الخاص بالأطفال وغيره من أنواع الدعم الذي تحصل عليه الأسر الأمريكية وهذا يقلل من الرشاوي ويحفظ أموال تلك الحكومات. وتقول حكومة أوهايو التي تستخدم كروت فيزا المدفوعة مقدما في دفع إعانات البطالة إنها توفر سنويا من هذه العملية نحو مليوني دولار وهناك أيضا بعض الشركات التي تدفع أجور عمالها بالكروت المدفوعة مقدما، وهكذا تتخلي النقود تدريجيا عن عرشها لصالح بطاقات الائتمان والكروت المدفوعة مقدما بأنواعها المختلفة.