* أستاذ بجامعة الزقازيق يمكن تعريف البيوتكنولوجيا أو التكنولوجيا باعتبارها مجموعة التطبيقات التكنولوجية التي تستخدم فيها الكائنات الحية او اجزاء منها "الجزيئات والخلايا والانسجة" وكغيرها من التكنولوجيات الجديدة والبازغة تتميز البيوتكنولوجيا بكونها "عابرة للقطاعات" توظف في الزراعة والطب والصناعة والبيئة ورغم انها احدثت ثورة حقيقية في كل القطاعات إلا ان استخدامها في الزراعة وانتاج الغذاء كان من اول واهم مجالاتها ومازال ويشغل مستقبلها في هذا المجال المهتمين والمتخصصين في الدول المتقدمة والنامية علي حد سواء لما تثيره من نقاط خلافية تتعدي الحدود الاقليمية وتمتد من الجوانب الفنية والسياسية والاقتصادية الي غيرها من الجوانب المجتمعية "البيئية والاخلاقية والتنظيمية والقانونية". ونظرا لان امريكا هي اللاعب الاكبر في هذا المجال (ناهيك عن غيره من المجالات التي نعرفها التي تحاول فيها هندسة العالم دون الاقتصار علي هندسة الكائنات الحية بالبيوتكنولوجيا) فقد شكلت لجنة استشارية تحت مسمي "البيوتكنولوجيا والزراعة في القرن الحادي والعشرين" هذه اللجنة باعضائها العشرين تضم ممثلين للمشتغلين بالصناعات البيوتكنولوجية من الباحثين في وراثة النبات والبذور والمزارعين ومنتجي الاغذية ومعدي السلع والمصدرين والمنظمات البيئية والاكاديميين هذه اللجنة تعد تقارير عن الآثار بعيدة المدي للبيوتكنولوجيا الزراعية في امريكا والعالم وتقدمها الي وزارة الزراعة الامريكية ويتعلق تقريرها الصادر في 13 يوليو 2006 بمستقبل هذه التكنولوجيا في السنوات العشر القادمة مستندا الي ما تحقق في السنوات العشر الماضية. ووفقا لما يرصده التقرير شهد العقد الماضي ازدهارا في انتاج المحاصيل المهندسة وراثيا باعتبارها اهم تطبيقات البيوتكنولوجيا حيث تستهدف تحسين الانتاجية كميا ونوعيا وتقليل استخدام المبيدات بهندسة محاصيل مقاومة ذاتيا كما تقدمت البحوث التي تدرس طبيعة نمو النباتات وحدوث الامراض وتحسين البنية الوارثية للاصناف المستخدمة في برامج تربة النباتات وفي أمريكا وحدها عام 2005 مثلت نسبة الانتاج من أصناف مهندسة وراثيا 52% للذرة و87% لفول الصويا و79% للقطن وذلك من بين قائمة كبيرة لمثل هذه المحاصيل تشمل الكانولا وغيرها وازداد اقبال المزارعين علي هذه المحاصيل خارج امريكا ودخلت دون تمييز في عشرات المنتجات واحدث ذلك مقاومة من قبل المستهلكين في كثير من البلدان واحتدمت المطالبة بوضع علامات خاصة باحتواء المنتج علي مكونات من نباتات مهندسة وراثيا "لعل القارئ يذكر الخلاف الاوروبي الامريكي في هذا الشأن ورفض احدي الدول الاشد فقرا واحتياجا معونات غذائية غير معلمة" وهذا لا يمنع ان المساحة المزروعة عالميا بهذه النباتات وصلت نسبتها الي حوالي 6% في نفس العام من مجمل المساحة المزروعة ان هذه التكنولوجيا جاءت لتبقي وهذا ينقلنا الي حديث المستقبل. رغم صعوبة القطع بما سيصل الي السوق في العقد القادم الا ان هنالك بعض الاحتمالات: اصناف مهندسة لتحسين نوعية الغذاء البشري والعلف الحيواني، محاصيل مقاومة للجفاف والاجهادات البيئية الاخري كالملوحة وكذلك لمسببات الامراض الميكروبية- محاصيل مهندسة لانتاج العقاقير الدوائية كالفاكسينات والمضادات الحيوية- محاصيل مهندسة لاغراض صناعية كانتاج النشا والانزيمات بل لانتاج الوقود الحيوي باحتوائها علي مواد عالية الطاقة كالزيوت وهو أمر يستحق ان تلتفت اليه الدول النفطية، وحيوانات مهندسة وراثيا لاهداف غذائية او دوائية او صناعية وهنالك عوامل عديدة شهدت الكثير من الاتفاق والخلاف بين اعضاء اللجنة الاستشارية بالنسبة لنجاح هذه المنتجات في الوصول الي السوق ولما ستلقاه امريكا من منافسة لانتشار انتاجها في دول اخري كالصين وللحاجة الي تنظيم اكثر للصناعة علي المستويات المحلية والعالمية.. تنظيم يتسم بالانضباط والمرونة معا ويتصدي لقضايا وضع العلامات وشروط الانتاج والتعامل في بعض الحالات وغير ذلك من القضايا مثل قواعد الاتجار والنقل وقبول الشركاء من منتجين ومستهلكين لهذه المسائل. ويتعلق بالتنظيم المطلوب ايضا ضمانات الأمان الحيوي للمنتجات والملكية الفكرية والجوانب الاخلاقية التي تكون اكثر حدة بالنسبة للحيوانات المهندسة وراثيا بشكل خاص لذلك تنتهي اللجنة الي اهمية البعد الدولي في التنظيم من خلال البروتوكولات العالمية ودور منظمة التجارة ورغم ان هذه الهيئات قد صارت امريكية الهوي إلا أن المشاركة الفاعلة مطلوبة من الجميع وهناك من الشواهد ما يؤكد انها مؤثرة الآن وعلي المدي البعيد. [email protected]