مشروع انشاء "محطة الضبعة" النووية واحد من المشروعات الكبري التي راهنت عليها الدولة لتحقيق التنمية والانتقال بمصر للقرن القادم، وعلي الرغم من إعادة المشروع إلي النور بعد تأخيره "عشرين عاما" بسبب أحداث مفاعل تشرنوبل الا ان استقبال هذا المشروع العائد بعد غياب جاء محملاً بذكريات أليمة لمشروعات كبري بدأت بدايات طموحا وانتهت بضمانات غير سعيدة. ولعل آخر مثال علي ذلك هو الجدل المثار حول النفقات الباهظة التي انفقت علي مشروع توشكي والذي تأخر العائد المرجو منه بشكل كبير وهو ما دفعنا لطرح تساؤلات عدة حول المشروع.. هل تحتاج مصر لوقود نووي؟ ولماذا لا نعتمد علي البدائل الأخري كطاقة الرياح أو الطاقة الشمسية؟ هل ستستطيع ادارة هذا المشروع النووي الضخم.. أم ستضطر للاعتماد علي "اليد الأجنبية" التي ستضاعف التكاليف؟ في البداية يستعرض د.ياسين ابراهيم رئيس هيئة المحطات النووية قدرات المحطات بتقنياتها المختلفة حيث يوضح ان مفاعلات الماء المضغوط والمغلي والثقيل تعد التقنيات الأوسع انتشارا حيث تمثل 90% من التكنولوجيا المستخدمة في العالم، مشيرا إلي أنه بالنسبة لقدرات محطات الماء المضغوط 75% من الاجمالي العالمي فالمفاعلات الصينية قدرتها 600 ميجاوات والروسية تبدأ من 440 والكاندو الكندية من 600 إلي 800 والهندية 210 ميجاوات وهناك محطات تصل قدرتها إلي 1000 ميجاوات مثل محطات وستنجهاوس 1100 ميجاوات واريفا الفرنسية الالمانية 1600 ميجاوات أما عن مفاعلات الماء المغلي فقدراتها تتراوح بين 1000 إلي 1360 ميجاوات ايضا. وعن أسعار انشاء المحطات النووية يقول ابراهيم انه طبقا للدوريات المنشورة حتي عام 2003 فتتكلف ما بين 1500 إلي 2750 دولارا لقدرة الكيلوات بالنسبة لتقنيتي الماء المضغوط والمغلي وتصل إلي 2750 دولارا كحالة خاصة في اليابان بسبب كونها منطقة زلازل، وتصل تكلفة انشائها في الصين والهند وفرنسا إلي 1500 دولار كما وصلت تكلفة انشاء مفاعل شركة وستنجهاوس في امريكا إلي 1200 دولار لكل كيلوات وهو ما يوضح ان الموقع يؤثر بشكل كبير علي كلفة الانشاء ويوضح د.ياسين ابراهيم ان موقع الضبعة يعد أفضل المواقع في مصر حيث لا يوجد به ظواهر بيئية شاذة تؤدي إلي وجود احتياطيات خاصة ترفع التكلفة.. فلا توجد بالضبعة نشاط زلزالي أوفوالق نشطة بالاضافة للأرضية المناسبة لوضع الاساسات بالمحطة ومنشآت التبريد. وعن امكانيات تمويل المحطة يشير إلي أنه اثناء تجربة انشاء محطة الضبعة في عام 1983 تم اعداد مناقصة عالمية لانشاء المحطة وتم طلب من مقدمي العروض ان يأتوا بتسهيلات مالية فأتوا بقروض يتم سدادها خلال 15 عاما وهو قرض كان مناسبا ويجعل المشروع ذا جدوي اقتصادية في هذا الوقت واذا جاءتنا هذه العروض الآن سيكون الوضع افضل لان معدلات الفائدة العالمية كانت تتراوح بين 12 إلي 14% والآن هي بين 6 و8% ويشير د.ياسين إلي أن فترة انشاء المحطة النووية والمعلنة في الوكالة الدولية للطاقة هي حدود 50 إلي 55 شهراً ووصلت في اليابان إلي 38 شهرا وفي كوريا الجنوبية إلي 56 شهراً والصين 40 شهراً والولايات المتحدة تسعي إلي أن تصل إلي أقل من 40 شهرا موضحا ان فترة ال 10 سنوات انشاء تشمل فترة الدراسة فيما قبل التعاقد وهي لا تكون فيها التزامات مالية. وعن مصادر التمويل يشير إلي أن الهيئات الدولية مثل البنك الدولي لا تدعم هذه المشروعات كما تدعم مشروعات الطاقة المتجددة الاخري وذلك بسبب عدم ادراج مشروعات الطاقة النووية ضمن "ميكانزيم" اتفاقية كيوتو الهادفة لتقليل الكربون عن طريق تقليل استخدام الوقود التقليدي الا ان هناك ضغوطا قوية علي ادراج الطاقة النووية ضمن الاتفاقية، إلا أنه يشير إلي أن الشركات المتقدمة لمناقصات انشاء المحطة عادة ما تجلب معها القرض من مؤسسات مالية خاصة واحيانا ما تدعم الحكومات شركات بلادها ويضرب مثالا علي ذلك ففي المناقصة الاخيرة بالصين لانشاء محطة نووية دعمت الحكومة الامريكية عن طريق بنك التصدير والاستيراد الامريكي شركة وستنجهاوس المتقدمة للعرض ب 5 مليارات دولار. وعن فرص الاستثمار المصري في الاستفادة من عملية انشاء محطة الضبعة يقول ياسين إلي انه من الصعب تحديد معلومات دقيقة بشأن هذا في التوقيت الحالي الا انه اذا تحدثنا بصفة مبدئية نستطيع ان نقول انه سيتم اثناء طرح مناقصة المحطة تشجيع المشاركة المحلية حيث ستطلب من المقاول المورد الرئيسي ان يضع نسبة للمشاركة المحلية لتوريد معدلات او القيام بأعمال سواء في الانشاءات او التركيبات علي ان يختار المقاول الشركات التي يتعامل معها طبقا لجودة أداء هذه الشركات، مشيرا إلي أنه في دراسات سابقة تم التوقع بأن المكون المحلي قد يكون 25% قد يزيد علي ذلك إضافة إلي أن جزءا من تمويل صفقة المحطات النووية يكون تمويلا محليا وذلك من خلال المساهمات المحلية.