كثيرون حاولوا تشويه انتصار أكتوبر المجيد الذي برز فيه أداء العسكرية المصرية بصورة أذهلت المراقبين السياسيين والعسكريين. واستطاعت القوات المسلحة المصرية في ذلك الوقت أن تقوم بعمل بطولي أشبه بالمعجزة في ظل المقاييس التي كنا نسمعها آنذاك والتقارير التي كانت تصدمنا يوميا باستحالة عبور مصر لقناة السويس مرة أخري. وحتي قبيل الحرب بساعات محدودة كان القاة الاسرائيليون أنفسهم رغم أجهزة استخباراتهم الشهيرة تعتقد باستحالة عبور المصريين لقناة السويس وتعتقد أن القوات المصرية ستظل قابعة للأبد في الخنادق علي الضفة الغربية من القناة في انتظار حل سياسي لن يأتي أبدا. وشهد المراقبون العسكريون ببراعة التخطيط العسكري ومناورات التمويه التي عززت اعتقاد العدو باستحالة إقدام المصريين علي الحرب بعد الضربة الشديدة التي تلقوها في يونية 67.. ولم تكن السنوات الست التي مضت منذ يونية 67 وحتي أكتوبر 73 كافية في نظر الكثير من المراقبين لإعادة تشكيل جيش مصري قادر علي تجاوز الهزيمة وخاصة مع صعوبة الحصول علي أسلحة هجومية من الاتحاد السوفيتي الذي دخل مع الولاياتالمتحدة في تسوية مؤداها فرض حالة اللاسلم واللاحرب علي المنطقة، وكان هذا يعني انحيازا للطرف المعتدي الذي يحتل الأرض.. وكان وضعا مؤلما للغاية بالنسبة لنا في مصر حيث نأمل في تحرير أرضنا المحتلة. وأذكر مدي خيبة الأمل التي كانت تصيبنا كلما اجتمع قادة السوفيت والأمريكان وخرجوا من الاجتماعات علي مستوي القمة وغيرها ليؤكدوا استمرار حالة اللاسلم واللاحرب. وهنا لابد من الاشارة والتنويه بالقيادة المصرية في ذلك الوقت سياسيا وعسكريا وتذكير بعضنا البعض بالعبء السياسي الداخلي الذي كان يضغط بقوة لاتخاذ قرار بتحرير الأرض، والظروف الدولية التي كانت تحول دون ذلك وتعتبره مخاطرة ترقي إلي درجة المستحيل، وكيف استطاع الرئيس السادات تحمل جميع الضغوط في ذلك الوقت وأشرف سياسيا علي اعادة بناء القوات المسلحة في أوضاع هجومية.. وكانت الأوضاع الدفاعية قد استقرت بصورة نسبية في السنتين الاخيرتين من حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. ولكن برنامج شن الحرب وخططها لم تكن قد وضعت بعد في الحسبان كما يؤكد ذلك معظم المؤرخين العسكريين. ومما يؤسف له أن بعض القوي المحلية والاقليمية حاولت التقليل من شأن حرب أكتوبر وبين الحين والآخر حاولت احاطتها بذكريات سيئة ومريبة.. ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل مثل ترك العبور المبهر لخط بارليف الاسطوري والتركيز علي أحداث ثغرة الدفرسوار..واغفال انتصار أكتوبر والتركيز علي حادث اغتيال السادات.