برلين وكالات: أثار قرار شركة "بن كيو" إغلاق فرع إنتاج الهواتف النقالة في ألمانيا موجة استياء شملت مختلف شرائح المجتمع، غالبية النقاد تحمل إدارة شركة سيمنز مسئولية هذا التطور وتطرح أسئلة حول مستقبل اقتصاد السوق الاجتماعي في البلاد. ومنذ إعلان شركة "بن كيو" التايوانية قرارها بإغلاق فرعها لإنتاج الهواتف المحمولة داخل ألمانيا وتحويله كليا إلي تايوان، تتسع موجة الاستياء من هذا القرار بشكل ملحوظ، لتتجاوز النخبة السياسية الألمانية، وتمتد إلي جميع شرائح المجتمع الألماني. ولا يقتصر الاستياء علي إدارة شركة "بن كيو" بل يشمل إدارة شركة سيمنز الألمانية العملاقة التي باعت المصنع إلي الشركة التايوانية، إذ حملتها غالبية الأصوات المنتقدة حصة الأسد من مسئولية قرار الإغلاق الذي سيعني فقدان 3000 مهندس وعامل لوظائفهم. ويأتي هذا التطور المفاجئ بعد عام فقط من توقيع عقد بيع فرع سيمنز لإنتاج الهواتف النقالة إلي شركة "بن كيو" في صفقة "متواضعة" بلغت قيمتها 250 مليون يورو.. ويوم الإعلان عن هذه الصفقة طمأن كلاوس كلاينفيلد مدير سيمنز العاملين في مؤتمر صحفي قائلا: من المهم أن نعرف أن شركة "بن كيو" ستحتفظ بكل أماكن العمل وستلتزم بالاتفاق علي ذلك.. وأضاف: كل العاملين يعرفون أن هذه فرصة جيدة لهم، شركة "بن كيو" ستلتزم بدمج شركة إنتاج الهواتف النقالة التابعة لها مع الشركة الخاصة بنا، وسيكون المركز الرئيسي في ميونيخ. وفي الواقع لا يمكن اعتبار هذا التطور بمثابة مفاجأة كبري لأنه يمثل نتيجة طبيعية لجملة من الأخطاء التي ارتكبتها إدارة سيمنز في إطار تغيير راديكالي لاستراتيجيتها تحت قيادة مديرها الحالي كلاوس كلاينفيلد فهو يريد التخلص من جميع فروع الشركة غير المربحة علي حساب العاملين فيها، ودون أن يأخذ سمعة الشركة وعراقتها بعين الاعتبار. ومن المعروف أن سيمنز أرادت قبل عدة سنوات التخلص من فرعها لإنتاج الهواتف النقالة الذي سبب خسائر وصلت إلي مليون يورو يوميا.. غير أن خوفها من سهام النقاد دفعها إلي البحث عن شركة أخري مستعدة لتبني هذا الفرع غير المربح، وهو ما دفعها إلي "إهدائه" إلي شركة "بن كيو" المغمورة التي تمتلك قدرات تنافسية محدودة في سوق الهواتف النقالة العالمي.. وما زاد الطين بلة قيام "بن كيو" بأخطاء تسويقية فادحة وابتزاز شركة سيمنز من أجل الحصول علي مساعدات مالية أكبر منها. ورغم إعلان شركة سيمنز عن تخصيص صندوق مالي يبلغ رأسماله 30 مليون يورو من أجل التخفيف من معاناة عامليها السابقين وتمويل فرص تأهيل جديدة لهم، إلا أن هذا الإجراء ذا الطابع التجميلي لم ينجح في التخفيف من هول صدمة تسريح 3000 عامل، علي حد تعبير وزير الاقتصاد في ولاية بافاريا إرفين هوبر. وفي الإطار نفسه شدد الوزير البافاري علي أن واجب الحكومة الألمانية لا يتمثل في إطعام النمور الاقتصادية فقط، في إشارة منه إلي المعاملة الضريبية الخاصة والدعم الذي تحصل عليه الشركات الألمانية العملاقة من الحكومة الألمانية، بل إن واجبها يكمن في الحفاظ علي فرص العمل ودعم الشركات الصغيرة.. وفضلا عن ذلك ذكرت المستشارة الألمانية ميركل إدارة سيمنز بمسئوليتها تجاه العاملين السابقين لديها.