ازدحام القاهرة يوجب اهتماماً أكبر بالمحافظات القريبة التي يجب الاهتمام بتنميتها لتخفيف الضغط القادم منها إلي العاصمة، ولتكون مصدرا لامداد القاهرة ليس بجيوش جديدة من البشر وانما بالمنتجات وفي مقدمتها الغذاء في مقابل إمداد العاصمة لها بالتنمية وتشجيع الاستثمار والسياحة الداخلية ووضعها علي برامج السياحة الخارجية وغيرها من الانشطة التي تخرج بأهالي هذه المحافظات من دوائر الفقر والنسيان إلي دائرة الاهتمام. ومحافظة الفيوم احدي أهم هذه المحافظات وأقربها للقاهرة الكبري وتمتلك مقومات غنية ومتنوعة للنشاط الاقتصادي سواء في الزراعة أو الصناعة أو السياحة والصيد والصناعات اليدوية والبيئة النظيفة والمثالية كما انها ملتقي للبيئات الثلاث الصحراوية والزراعية والساحلية وفيها يتجمع تراث طبيعي وتاريخي غني وآثار تمثل مختلف العصور والحضارات. وتمثل بحيرات قارون ووادي الريان علي سبيل المثال مجالا لانشطة اقتصادية شديدة التنوع. وتبلغ مساحة بحيرتي وادي الريان نحو 35 ألف فدان وقارون 55 ألف فدان وهما بحيرات غنية بالثروة السمكية التي يمكن أن تمثل مصدراً أساسياً لتغذية القاهرة الكبري، واذا كان وادي الريان قد نجح مع وادي الحيتان سياحيا فان مشكلة بحيرة قارون تكمن في تراكم كميات الاملاح التي تهدد بالقضاء علي الاحياء المائية.. ويقدر حجم الاملاح ب 800 ألف طن سنويا تقوم شركة "ايمسال" بتخفيضها بمقدار 300 ألف طن.. وقد تقدم مستثمر عربي بمشروع لانتاج نحو 600 ألف طن وهو ما يمكن أن يعيد التوازن للبحيرة والتي وصلت درجة الملوحة بها إلي نحو 32 ألف وحدة في المليون وهو ما يعادل ملوحة البحر الأحمر تقريبا.. ولو لم تكن هذه المشروعات لتحولت مياه البحيرة إلي ملوحة أشبه بالبحر الميت فتموت الأحياء المائية، ومن شأن المشروع الجديد ان يوفر نحو 5 آلاف فرصة عمل بخلاف اهمية الانتاج والتصدير، والأهم المحافظة علي البيئة والثروة السمكية، لذا كانت أجهزة البيئة هي الأشد حماسا للموافقة كما وافق الجهاز أيضا علي انشاء مركز سياحي علي مساحة 2600 فدان شمال البحيرة يمكن ان يوفر نحو 45 الف فرصة عمل، كما تم تقديم تسهيلات لاقامة مشروعات استثمارية كثيرة بمنطقة كوم اوشيم الصناعية مثل تحديد ثمن المتر بالمنطقة ب 80 جنيها شاملا المرافق ويتم تقسيطها مع وضع حوافز للسداد.. كما تم تخصيص أراض صحراوية لبناء مساكن لحل مشكلة ابناء الريف الذين يمثلون 70% ويوقف نزيف البناء علي الأراضي الزراعية مع حل مشكلات مياه الشرب. ويحظي تنفيذ مثل هذه المشروعات بأهمية كبيرة لأن الفيوم تقع ضمن أدني مراتب جدول التنمية البشرية وترتيبها رقم 22 وابناؤها يعملون في وظائف متدنية ومعظمهم يعمل بمنطقة 6 أكتوبر لقربها من الفيوم ولكن في أعمال مثل الحراسة والأمن أو العمالة المؤقتة وهم يستحقون رفع مستواهم والمعيشة الافضل، وبالتالي فإن المشروعات الاقتصادية المقترحة يمثل تنفيذها دفعة مهمة لمكافحة البطالة والارتقاء بحياة أبناء المحافظة. وجدير بالذكر ان مشروعات استخراج الملح من بحيرة قارون، السابق ذكرها، لا تقتصر علي ملح الطعام، بل تمتد لانتاج أنواع أخري من الأملاح ذات الاستخدام الطبي والصناعي. فمنها ما يستخدم في محاليل الغسيل الكلوي وتعتمد عليه شركات الخامات الدوائية، من بينها أملاح كبريتات الصوديوم الذي يدخل في صناعة المنظمات، وجار الاعداد لانتاج كبريتات الماغنسيوم المائية كمادة محسنة للأراضي الزراعية والمستصلحة تستخدم لأول مرة في مصر ويصدر بدون منافسة، فهذه المادة المنتجة للكلورفيل - اللون الاخضر في البنات - قادرة علي تعويض ما تم فقده من تأثير عدم انسياب الطمي بعد بناء السد العالي وبالتالي سوف تزداد التربة المصرية وتصل بالمحصول إلي أعلي وأجود طاقة انتاجية لتصبح مصر من أوائل دول العالم في هذا الانتاج بعد ألمانيا وأمريكا. وتقتضي الضرورة الاشارة إلي بعض الملاحظات التي تؤثر بالسلب علي تطور مناخ الاستثمار سواء كان ذلك في السياحة أو في الزراعة والصناعة أو تؤثر سلبا في الاستفادة من امكانيات موجودة.. وعلي سبيل المثال، نلاحظ تعطل كثير من المشاهد السياحية بالفيوم ومنها عين سلين التي توقفت المياه عن الاندفاع فيها منذ عام ،1992 كما توقفت الزيارة لمتحف كوم أوشيم بدعوي اعداد المحافظة لانشاء متحف جديد وكبير وهو شيء عظيم ولكن المنطق يفرض ان يستمر المتحف الموجود حتي يتم افتتاح المتحف الجديد.. الملاحظة الثالثة تتعلق أيضا بالاثارة اذ ان هرم هوارة غارق تماما بالمياه الجوفية ومهدد بالضياع، وهناك أكثر من اقتراح لمعالجة الأمر منها تحويل مجري بحر يوسف أو التحكم في مسافة 2 كيلومتر بالقرب من موقع الهرم.. ويجب التصدي للمشكلة قبل أن يصبح الهرم في طي النسيان.