أصدر المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبوع الماضي قرارين يهدفان إلي تنظيم قطاع الأسمنت ومراقبة اسعاره بعد الارتفاعات المطردة التي تحققت في أسعار بيعه بالأسواق بحيث وصل سعر طن الأسمنت إلي 380 جنيهاً وأحياناً 390 جنيها للطن. وأشار الوزير إلي انه اتفق مع اصحاب المصانع والتجار علي الالتزام بسقف محدد للأسعار لا يتجاوز 330 جنيها للمستهلك، علي ان يكون سعر التسليم في المصانع لا يتجاوز 290 جنيها، مؤكدا ان المستهلك سيشعر بالأسعار الجديدة بعد انتهاء المخزون الحالي في الأسواق، وانتهاء الكميات السابق التعاقد عليها قبل صدور القرار. وأرجع الوزير أحد أسباب تحديد هذا السقف السعري إلي اتفاقه مع السعر العالمي، والواقع ان اسعار الاسمنت لم تكن وحدها التي تصاعدت بمعدلات مرتفعة، فالحديد والكابلات والألومنيوم وغيرها من مواد البناء سجلت ارتفاعات اخري أثرت في النهاية علي اسعار العقارات، وهو ما يجعلنا نسأل إلي أي مدي سيؤثر بالفعل تخفيض الاسمنت علي السعر النهائي للعقار، وهل من الممكن ان تجري الحكومة اتفاقات مشابهة لاتفاق الأسمنت مع باقي قطاعات مواد البناء أم أن باقي اسعار مواد البناء تمثل اسعارا عادلة ترتفع بسبب قوة الطلب وتكلفة المدخلات المستوردة ومراعاة التوازن بين اسعار السوق المحلي والسعر العالمي. وفي هذا التحقيق حاولنا ان نصل إلي إجابة علي هذه التساؤلات مع مجموعة من خبراء الاستثمار العقاري ومنتجي مواد البناء. في البداية يقول محمد عجلان رئيس لجنة صناعة التشييد بجمعية شباب الأعمال ان النسبة التي تم تخفيضها من سعر الأسمنت نسبة ضئيلة لا تؤثر في مجمل سعر البناء وانه حتي مع تمتع سوق الاستثمار العقاري بتثبيت سعر الاسمنت علي السعر الحالي لمدة عام إلا ان المستثمرين العقاريين غالبا سيحتفظون بالأسعار الحالية ويتمتعون بالنسبة المخفضة، ويفسر عجلان ذلك موضحا ان قوي العرض والطلب هي المتحكم الأقوي في السوق وهي التي تسببت في الارتفاعات المطردة في اسعار العقارات خلال العام الماضي بعد فترة طويلة من الركود ومادام الطلب قويا سيظل السوق علي نفس الاسعار الحالية ويستثني عجلان من ذلك المساكن المعروضة من وزارة الإسكان نظرا إلي انها تنشأ علي أسس غير استثمارية إلا انه يتوقع ان لا يؤثر تخفيض الاسمنت الأخير في اسعارها إلا بنسبة 1 أو 2% كما يستثني ايضا المنشآت الاستثمارية "المصانع والشركات" والتي بالطبع سينعكس انخفاض اسعار الاسمنت علي تخفيض تكلفتها ولكن بهامش ضئيل ايضا وهو 2 و3%، إلا ان عجلان يلفت إلي ان اسعار مواد البناء في مجملها ارتفعت بشكل مطرد في الفترة الأخيرة فاسعار الحديد كانت ترتفع بنسبة 25% وتعود للانخفاض بنفس النسبة وخلال هذا العام ارتفعت اسعار الألومنيوم بما يزيد علي 50% والسيراميك ارتفع حوالي 10% والدهانات من 5 إلي 10% كما اظهرت اسعار الخشب ارتفاعا كبيرا في الفترة الأخيرة، إلا انه يري انه من الصعب ان يحدث تأثير حكومي علي اسعارهم بنفس الاسلوب الحكومي الذي تم مع الاسمنت وذلك لأن اتفاق الأسمنت كان حسب وصفه اتفاق "جنتلمان"، كانت الحكومة فيه في موقف القوي أمام شركات الأسمنت بسبب تمتع هذه الشركات بسعر المحاجر المنخفض واسعار الطاقة المدعمة أما باقي مواد البناء فهي، إما مدخلاتها مستوردة مثل الحديد والكابلات والدهانات، أو مستوردة بالكامل مثل الأخشاب وفي كلتا الحالتين تعتمد اسعارهما علي الأسعار العالمية. ويتفق د. أحمد انيس مدير مركز التقييم العقاري بجامعة القاهرة مع الرأي السابق إذ يري ان هناك ظروفا تدفع السوق العقاري للرواج ولا تشجعه علي تخفيض الاسعار من ابرزها ازمة البورصة وتوجه الاستثمار للسوق العقاري وكذلك انخفاض سعر الدولار وانحسار ظاهرة الدولرة إضافة إلي دخول استثمارات عربية كبري في مصر في هذا القطاع خلال الفترة الأخيرة ويقول أنيس إن القاعدة في السوق المصري بشكل عام هي أن الاسعار ترتفع مع الظروف التي تشجعها علي الارتفاع ولا تنخفض مع زوال هذه الظروف.