تحرك رمسيس الثاني من ميدانه في رمسيس في قلب القاهرة حيث نقل إليه في عام 1954 وأقام فيه زهاء ما يزيد علي نصف قرن من الزمان تحرك الموكب الملكي إلي حيث موطنه الأصلي الذي عثر عليه فيه عام 1883م في "ميت رهينة" عاصمة مصر القديمة.. تحرك هذا الموكب وفق حسابات علمية دقيقة وتجارب عملية منضبطة بعد منتصف الليل بساعة من يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر أغسطس من عام 2006 الموافق لغرة شعبان 1427 هجرية والتاسع عشر من مسري عام 1722.. وهذا تاريخ يجب أن نسجله لأنه في ظني تاريخ فاصل سيكون له شأن مع ما ينوي وزير الثقافة فاروق حسني أن يري عليه المتحف المصري الكبير والجديد في تلك المنطقة في عاصمة مصر القديمة والذي سيكون أكبر متحف في العالم يضم أكثر من مائة وخمسين ألف قطعة أثرية يتصدره هذا التمثال العملاق رمسيس الثاني الذي يبلغ طوله أكثر من 11 متراً ووزنه 83 طناً فضلا عن الجمال الفني الذي يحيط به كتمثال لملك بارز من ملوك مصر القديمة والذي سيوضع داخل المتحف وليس أمامه. أيها السادة ليس لي سابق معرفة شخصية بالوزير فاروق حسني ولكنني بحق أجد للرجل إنجازات مهمة في مجال الآثار ثروة مصر الكبري وتاريخها المجيد لقد تكلم الرجل مع التليفزيون المصري في صباح الموكب الملكي لرحلة رمسيس الثاني إلي ميت رهينة وهو ينتظر وصول الملك في موكبه المهيب تكلم قائلاً لأنه يري رمسيس ليس في هذا الموقع الذي يصله اليوم ولكن في موقعه بالمتحف الكبير.. وأضاف ان الحلم لابد أن يكون لدينا والحلم يحركه الخيال ويحققه العمل المبدع.. وقال أيضا إن نقل التمثال بكل ما يمثله كان مسئولية كبيرة وان صدور قرار وزاري من كلمتين هما "ينتقل التمثال" ليس أمرا بسيطا ولكنه مسئولية كبري وأنا لابد أن أحيي الرجل وفريقه العاملين معه وفي مقدمتهم د. زاهي حواس ذلك العاشق المتيم بآثار مصر وأمين عام المجلس الأعلي للآثار.. وإذا كان قد شاع لدينا ما يعرف "بلعنة الفراعنة" التي تلاحق كل من يحاول الاعتداء علي آثار مصر الفرعونية وتاريخها المجيد فإنني أري اليوم ما يمكن أن يؤكد ما يعرف "بحكمة الفراعنة" التي أري فاروق حسني ورجاله يترجمونها.. ان لدي الرجل وفريقه حلماً كبيراً ولديهم همة وحكمة للإنجاز يجب ان نحييهم عليها ونشد علي أيديهم.. وأنا أقول لهم كواحد من ملايين المصريين عاشق لتراب هذه الأرض وتاريخها ومؤمن إلي أبعد الحدود بحاضرها ومستقبلها أقول لهم بكل صدق "شكرا" وتحية وتقديرا لهذا الجهد وهذا الإبداع في مجال ثروة مصر الكبري ان لكم إنجازات سجلها عقلنا ووعينا وقلبنا قبل ان يسجلها لكم التاريخ وما حدث يوم الجمعة 25 من أغسطس ما هو إلا حلقة في سلسلة متصلة من الإنجازات الرائعة. أيها الوزير الهمام فاروق حسني أنا لست صاحب مصلحة في وزارة الثقافة وليس لي خدمة أو طلب خاص عندك وأنا لست بطبعي من المداحين أو الهجائين ولكني أولا وأخيرا من أبناء هذا الوطن عاش أحلامه وأفراحه كما عايش تحدياته وأتراحه وأشعر انك مصري أصيل ساهم بإخلاص في الحفاظ علي هوية وطنه وثروته وإلي رجالك المخلصين من أعلاهم وظيفيا إلي أصغر واحد منهم وظيفيا كل الاحترام والتقدير. إننا كنا ومازلنا متهمين بأننا لا نجيد العمل الجماعي وان اسلوب فريق العمل Team work غائب عنا وانه من المستحيل أو شبه المستحيل أن ينجح لدينا عمل جماعي حتي الألعاب الرياضية التي نتفوق فيها غالبا ما تكون ألعاباً فردية.. ولكنك أثبت مع رجالك في عملية نقل رمسيس الثاني ان تلك المقولة ليست من طباعنا وليست من أقدارنا وليست أبداً حكماً نهائياً علينا.. اننا عندما تتاح الفرصة ويتضح الهدف الكبير ونحسن اختيار فريق العمل يكون نجاحنا مؤكداً ومقرراً وليست عملية استعادة طابا من خلال التحكيم عنا ببعيد.. تلك هي مصر الحضارة ومصر المنارة ومصر البنائين والملك الذي عاد إلي أحفاده وموطنه الأصلي في ميت رهينة هو واحد من كبار هؤلاء البنائين. لقد اختلفت الآراء معالي الوزير فاروق حسني بشأن نقل رمسيس الثاني من مقره في ميدان رمسيس والذي أقام فيه حوالي اثنين وخمسين سنة وتكلم البعض عن مخاطر وهي حقا كانت قائمة ولكننا سمعناك وأنت تحكي لنا عبر تليفزيون مصر في القناة الأولي التي غطت الحدث بكل جدية وعناية منذ الواحدة بعد منتصف الليل وحتي الحادية عشرة صباحا علي مدار عشر ساعات متواصلة وأكثر علي الهواء في رحلة قطع فيها رمسيس حوالي أربعة وثلاثين كيلو مترا سمعناك تحكي عن أستاذك في كلية الفنون والذي كان قد قام بترميم هذا التمثال واعطي لكم محاضرة عن تفاصيل عملية الترميم وان تلك المحاضرة عاشت في ذاكرتك ونقشت في وجدانك حتي جاء اليوم الذي تحتاج إليها فيه عندما تقرر نقل التمثال بكل ما يمثله ذلك من مسئولية. نهنئك معالي الوزير فاروق حسني ونهنئ رجالك ونهنئ شركة المقاولون العرب ونهنئ السائق أحمد الغرباوي ونهنئ شعب مصر الجميل والمتحضر الذي رافق بعض أبنائه الملك في رحلة العودة إلي ميت رهينة وهم يهتفون بلادي لكي حبي وفؤادي.. وينشدون المصريون أهم.. واسمح لي معالي الوزير ان أقول لك إن مصر تحبك بقدر ما أحببتها وان المصريين شعب فاهم وواعٍ ومستنير مهما كانت درجة تعليم الفرد فيهم.. وهم يقدرون هذا الحب وهذا الحلم ولمصر الغالية الذي تسعون لتحقيقه بالمتحف الكبير. إننا بنفس الحماس الذي يمكن ان ننتقدك به عندما نري بعض القصور أو التقصير بنفس هذا الحماس نحييك علي كل ما قدمته لآثار مصر من رعاية وعناية.. لقد أكبرتك معالي الوزير عندما تقدمت باستقالتك في غضون أحداث مسرح وزارة الثقافة في بني سويف وأنا اليوم أكبرك.. وأحيي من لم يوافقوا علي قبول استقالتك وقتها. أيها الوزير فاروق حسني لك كل التحية وخالص التقدير ونحن معك ومع رجالك من أجل تحقيق حلمك وحلمنا في هذا المتحف الكبير الذي يليق بنا وبحضارتنا.. وثق ان لكل مجتهد نصيباً في حب هذا البلد وتقدير أبنائه وهذا خير الجزاء يا سيدي بعيدا عن النياشين رغم أهميتها.. انه حب أبناء الوطن وهذا أغلي ما نقدمه لك. مرة أخري أنا أتكلم كواحد من أبناء هذا الوطن الذي يعتز بكل المخلصين.