في عام 2003 نشر بعض الأكاديميين في جامعة بريمن دراسة تحت عنوان "لماذا فشل وول مارت في ألمانيا؟" ولم ينتبه كثيرون إلي هذه الدراسة المهمة في ذلك الوقت حتي تحقق أخيرا ما توقعته. وتقول مجلة الإيكونوميست إنه بعد 3 سنوات من صدور دراسة جامعة بريمن انسحب وول مارت من السوق الألماني رغم كونه أكبر سلسلة متاجر في العالم.. وفي الأسبوع الماضي أوقف وول مارت عملياته تماما في ألمانيا وباع ما يملكه من متاجر كبري "85 هايبر ماركت" إلي سلسلة متاجر مترو أكبر سلاسل تجارة التجزئة الألمانية. وقد بدأت أخطاء وول مارت في ألمانيا منذ نحو 10 سنوات وبالتحديد في عام 1997 عندما اشتري سلسلة المتاجر الألمانية الفاخرة فيرت كاوف وبعدها سلسلة متاجر إنترسبار دون أن يفحص جيدا ما قام بشرائه.. صحيح أن المنافسين قد ارتعدوا أمام هجمة وول مارت وسمعته كمتجر عالمي من متاجر الخصم وأساليبه في اجتياح الأسواق خاصة أسواق البقالة المعبأة ولكنهم سرعان ما تنفسوا الصعداء عندما تبدت لهم أخطاء وول مارت الواحد تلو الاَخر حيث إنه كان يخطئ في كل خطوة إلي حد أن دراسة جامعة بريمن اعتبرته حالة نموذجية للانسحاب من سوق أجنبي وليس دخوله! ويقال إن أول أخطاء وول مارت أنه اختار لعملياته في ألمانيا رئيسا تنفيذيا لا يتحدث الألمانية وليس هذا فحسب ولكنه أصر أيضا علي أن تكون لغة عمل كل المديرين في ألمانيا هي الانجليزية.. وكان الرئيس التنفيذي التالي لعمليات وول مارت الألمانية انجليزيا يدير هذه الأعمال من انجلترا، وبالطبع أساء هؤلاء الرجال فهم كل من العاملين والزبائن معا. ومن المفاجاَت الأخري التي أربكت وول مارت أن ساعات التسوق في ألمانيا أقصر منها في أمريكا وأنه لا يوجد تسوق يوم الأحد حيث تغلق المتاجر أبوابها، هذا إلي جانب المنافسة الشرسة من متاجر ألدي وليدل وهما أكبر متاجر الخصم في ألمانيا. ورغم أن متاجر كاوفلاند وهي متاجر للخصم من أشقاء ليدل قد دخلت في منافسة مباشرة مع متاجر وول مارت الكبري "هايبر ماركت" فإن المسئولين في وول مارت تجاهلوها. ويقول يورجن إيلفرز وهو محلل في كومرز بانك سيكيورتيز إن أكبر أخطاء وول مارت في ألمانيا أنه رفض فكرة التوسع السريع في السوق وتجاهل كاوفلاند. وبدلامن أن يشتري وول مارت 400 متجر كبير "هايبر ماركت" أخري اكتفي بما لديه وهو لم يكن كافيا لنجاحه. لقد كانت البنية التحتية لوول مارت في ألمانيا تتضمن في وقت من الأوقات مركزين للقيادة الإدارية وثلاثة مراكز لوجستية وهو ما أدي إلي ارتفاع كبير في التكاليف.. أضف إلي ذلك أنه لم ينشر نتائج عملياته في ألمانيا في أي وقت إلا عن عام 2003 عندما حقق خسارة بلغت 487 مليون يورو "550 مليون دولار"، ولذلك يمكننا أن نفترض أن وول مارت لم يحقق أرباحا في ألمانيا في أية سنة من السنين بل أكثر من ذلك فإن سعر بيع متاجره إلي مترو لم يعلنه عند انسحابه من السوق الألمانية. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إنه بانسحاب وول مارت من ألمانيا لا يتبقي له في أوروبا سوي عملياته في بريطانيا التي يملك فيها سلسلة متاجر أسدا وهي ثاني أكبر سلسلة متاجر في السوق البريطاني. وفي مايو الماضي انسحب وول مارت أيضا من كوريا الجنوبية التي كان له فيها 16 متجرا كلها خاسرة.. ويتوقع أن ينسحب من السوق الياباني أيضا رغم أنه له شريك قوي في هذا السوق. وربما كان وول مارت مصيبا في تركه لأوروبا فلديه عملياته الواسعة نسبيا في الصين التي يعمل فيها نحو 30 ألف عامل وموظف.. كما أن لديه عمليات ناشئة في الهند وخططا كبيرة للتوسع في سوقها عندما يتم السماح للمستثمرين الأجانب بتملك محال السوبر ماركت في هذه السوق.. كما أنه يعد الأكبر في أسواق كل من الولاياتالمتحدة وكندا والمكسيك. أما في ألمانيا فإن مترو سيضيف محال وول مارت التي اشتراها إلي محاله البالغ عددها حاليا 288 متجرا.. ومن المفارقات أن وول مارت كان يحاول منذ 8 سنوات شراء مترو ولكن مترو هو الذي اشتراه بل طرده كليا من السوق الألماني.