الشركة القابضة لمياه الشرب قررت الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة عن طريق دراسة طرح كروت شحن مدفوعة مقدماً علي طريقة شركات المحمول! وربما ليس غريبا أن تنقطع المياه فجأة لأن الكارت دون فترة سماح وان يستمع المشترك إذا نفد "رصيد" المياه.. "عفواً لقد نفد رصيدكم ويرجي إعادة شحن البطاقة" فيخرج من "الحمام" دون ان يتمكن من غسل الصابون العالق به.. وكأننا في فيلم مصري أيام السبعينيات عندما كانت أزمة المياه مستفحلة. الشركة من جانبها لم تحدد أسعار الكروت لكنها حددت سعر العداد ب "1500 جنيه". الأسبوعي تناقش فكرة الشركة القابضة في سياق السطور التالية. بداية يؤكد الدكتور عبد القوي خليفة رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي أن فكرة كروت الشحن تم تطبيقها في بعض المدن الساحلية والسياحية للحد من إهدار مياه الشرب وان أصحاب القري السياحية بهذه المدن غير مقيمين بها بصفة دائمة. ويشير إلي ان الشركة القابضة تلقت بعض العروض من إحدي الشركات العالمية تقوم بصناعة عدادات الكترونية ب "1500 جنيه للعداد" يتم تركيبها لدي المشتركين علي وصلة المياه الخاصة بالوحدة السكنية أو المحل التجاري ويتم تحديد ثمن كروت الشحن علي ان يتم توزيعها بمراكز خدمات المشتركين بفروع شركات المياه والصرف التابعة للشركة القابضة في جميع أنحاء الجمهورية وتطبيق هذا النظام سوف يكون اختيارياً. ويقول: إن السبب الذي يدعو الشركة لدراسة هذا المشروع هو مواجهة إهدار كميات كبيرة من المياه في الشوارع والمقاهي ومحال بيع العصائر ومعارض السيارات وحتي في المنازل في الوقت الذي يتكلف فيه المتر المكعب من المياه 100 قرش ويباع ب 23 قرشاً فقط. ويشرح هذا النظام الجديد قائلاً: إنه يقضي بأن يدفع المشترك ثمن الاستهلاك مقدماً لذلك سيحافظ علي الكارت وبهذا نقضي علي الإهدار تماماً لأن العداد الجديد سوف يضمن إغلاق المياه آلياً بمجرد رفع كروت الشحن التي ستباع بجميع الفروع أو بمجرد إغلاق المياه. وفي السياق نفسه يشير المهندس محمد عبد الظاهر رئيس مجلس إدارة شركة القاهرة لمياه الشرب إلي ان الشركة تغطي محافظة القاهرة بالكامل والجزء الحضري من محافظة الجيزة ومدينة شبرا الخيمة "حي شرق حي غرب" بالقليوبية وهذا يمثل حوالي 25% من اجمالي سكان الجمهورية "أي 17 مليون نسمة" ومطلوب من الشركة توفير مياه الشرب لكل هذه المناطق، في ظل إهدار مليون متر مكعب يومياً من خلال رش الشوارع وغسل السيارات. ويشير إلي وجود 3 ملايين متر مكعب يتم إنتاجها يوميا عن طريق 14 محطة توزع من خلال 15 ألف كيلو مترا وهي سعة الشبكات ونصيب المشترك 114 لترا يومياً ووصل إلي 375 لترا بسبب ارتفاع درجة الحرارة وان معظم هذه المياه مهدرة تماما في رش الشوارع وهذا يمثل إهداراً للمال العام. ويؤكد علي ان مفتشي الشركة لديهم الضبطية القضائية لتحرير محاضر ضد سكان العقارات والمحال التجارية وتصل الغرامة إلي حد إضافة ألف جنيه علي فاتورة المياه أو قطع المياه نهائيا حفاظا علي مياه الشرب من عمليات الهدر. ويضيف: انه رغم ارتفاع أسعار الشبة والكلور والكهرباء، وهو ما من شأنه ان يؤدي إلي زيادة تكلفة مياه الشرب فإن الشركة لن تقوم بزيادة أسعار المياه علي المستهلكين في الوقت الحالي وان قرار الزيادة يرجع إلي وزير الإسكان ومحافظ القاهرة أو اللجنة الوزارية. ويشير إلي قيام بعض المشتركين "بسرقة" المياه وذلك من خلال توصيل المياه بطريقة غير شرعية وغير قانونية وتسبب دخول الرمال والشوائب التي تلوث مياه الشرب قبل وصولها للمشتركين وانه يتم تحرير محاضر لهؤلاء المشتركين وإلغاء الوصلة أصلاً. نصيب الفرد من المياه وكشف تقرير التنمية البشرية ان نصيب الفرد سنوياً من المياه أقل من 1000 متر مكعب وهو ما يشير إلي وجود ندرة في المياه، لكن من المتوقع ان يصل عدد السكان إلي 83 مليون نسمة خلال الأعوام المقبلة وهو ما يعني انخفاض نصيب الفرد إلي 720 متر مكعب سنوياً. ونوه التقرير إلي ان حجم احتياجات القطاع المنزلي والمؤسسات بلغ حوالي 4.5 بليون متر مكعب سنويا ومن المتوقع ان يزيد هذا الرقم كثيرا نتيجة ارتفاع معدل النمو السكاني السنوي نسبياً 2.1% ولهذا يقدر اجمالي احتياجات هذا القطاع بحوالي 6.6 مليار متر مكعب سنويا بحلول عام 2017. ويؤكد التقرير ان امدادات المياه الحالية والمتوقعة والظروف الديموجرافية والايكولوجية تشير إلي أن هناك حاجة ماسة لإعادة النظر في التوسع في خطوط مياه الشرب لزيادة نسبة توزيع المياه حتي تتمكن من الصعود للأدوار العليا في الابراج السكنية والمناطق الصناعية والاستثمارية. التجربة أولا قبل التعميم ومن جانبه يؤكد الدكتور محمد النجار استاذ ادارة الاعمال بكلية التجارة جامعة الزقازيق ان تطبيق فكرة كروت الشحن علي استهلاك المياه لابد ان يتبع خطة محددة أو مواصفات خاصة حيث يمكن اولا تطبيق الفكرة داخل بعض احياء محافظة القاهرة، ولتكن الاحياء الراقية وفي نفس الوقت تطبق في المناطق الشعبية، ويتم بعد ذلك قياس كميات المياه المستهلكة سواء في الاحياء الشعبية أو الراقية مع اعطاء المشتركين فترة سماح. ويضيف ان النتائج سوف يتم تقييمها من خلال اهدار كميات كبيرة من المياه بالاحياء الشعبية وسوف يعترضون علي كروت الشحن وهذا يحتاج إلي حلول جذرية أخري.. حيث يتم تركيب عدادات "صالحة" إلكترونية مثلا ثم ينذر المشترك بأنه استهلاك كميات كبيرة وبالتالي يكون سعر الفاتورة مرتفعا جدا. ضوابط ضرورية وفي سياق متصل يؤكد الدكتور عبد المنعم راضي استاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس انه ليس ضد تطبيق نظام كروت الشحن لدي شركات مياه الشرب لأن الشركة تسعي لتحصيل مقابل او ثمن الخدمة مقدما ولكن لابد من وضع ضوابط اخري حيث ان معظم مدينة القاهرة مناطق عشوائية والحالة الاقتاصدية لسكانها سيئة وبالتالي سيكون استهلاك المياه مرتفعا عن مستويات دخولهم. ويشير إلي ضرورة تحسين الخدمة حتي تقضي شركات المياه علي ظاهرة انقطاع المياه خلال فصل الصيف في مناطق المقطم ومدينة نصر وبعض المناطق الاخري وتحسين جودة المياه وعدم زيادة نسبة الشبة والكلور في المرشحات واصلاح العدادات او تركيب عدادات مياه اخري بمداخل العقارات والمحال التجارية علي ان تقوم الشركة بإصلاحها وصيانتها بصفة دورية وهذا سوف يؤدي إلي عدم اهدار مياه الشرب وحصول الشركة القابضة لمياه الشرب علي مقابل هذه الخدمة.