قبل أيام قليلة أعلنت هيئة الرقابة البريطانية عن موافقتها للبنك العربي علي إنشاء بنك "أوروبا العربي" في لندن برأسمال 500 مليون يورو ومملوك بالكامل للبنك العربي. هذا الإعلان أثار العديد من التساؤلات حول الجدوي من إنشاء بنوك عربية في الخارج؟ وهل يعني ذلك اتجاه الاستثمارات العربية إلي أوروبا، خاصة في ظل تنامي الفائض من حصيلة بيع البترول والذي يقدر بنحو 800 مليار دولار نهاية 2005؟. يوضح د. جمال الدين البيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب أن اتجاه البنك العربي لإنشاء بنك في لندن لا يعني هروب الاستثمارات العربية من أمريكا واتجاهها للاتحاد الأوروبي فالاستثمارات العربية لاتزال تتدفق بقوة علي أمريكا. وقال البيومي إن رفض الكونجرس الأمريكي إدارة هيئة موانئ دبي للموانئ الأمريكية يرجع إلي ان الشركة الإماراتية قد دخلت في حقل من الألغام، مشيراً إلي ان الاعتراض كان علي عدم قدرتها علي السيطرة علي النواحي الأمنية. وأكد ان الرفض الأمريكي لم يكن هو المرة الأولي لرفض الغرب لاستثمارات عربية حيث سبق ان رفضت شركة بريتش بتروليوم دخول الكويت كمستثمر بنسبة 11% وكذلك رفضت شركة مرسيدس الألمانية لمساهمات إماراتية تبلغ 7%. يذكر انه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر توقع البعض هروب الاستثمارات العربية من أمريكا ولكن ما حدث انه سرعان ما عاود معدلها للصعود والنمو ولم يستطع العالم العربي اجتذاب سوي 1% من استثمارات العالم وهو ما أكده د. جمال الدين البيومي وقال إنها تقدر بنحو 7 مليارات دولار. ورأي ان المشكلة سوف تزداد حدة خاصة في ظل وجود فوائض مالية في الدول العربية المنتجة للبترول تقدر بنحو 180 مليار دولار جاءت نتيجة زيادة أسعار البترول في السوق العالمي، مؤكداً انه رغم وجود مجالات عديدة للاستثمار في الدول العربية إلا ان رأس المال يسعي دوماً ناحية الربح وللأسف حجم الارباح الضخمة متوتر في هذه البلدان الغربية مما يعني استمرار هروب الاستثمارات العربية من المنطقة. ومن جانبه يري الدكتو فؤاد شاكر الأمين العام لاتحاد المصارف العربية ان الاتجاه لإنشاء بنك أوروبا العربي في بريطانيا لا يجب تفسيره علي انه يمثل هروباً للاستثمارات العربية تجاه أوروبا، مؤكداً انه من المفيد تواجد الاستثمارات العربية في كل دول العالم، ففي ذلك خدمة للاقتصاد العربي ولإنشاء علاقات اقتصادية متكافئة مع كل دول العالم وهذا ما نسعي إليه. ورأي شاكر ان إنشاء بنوك عربية في دول غربية له أثر كبير في زيادة تحويلات الأموال وتغطية عمليات الاستيراد والتصدير وتمويل المستثمرين الراغبين في الاستثمار في المنطقة العربية، ومشيرا إلي ان إنشاء بنوك عربية يعد بوابة الدخول لتدعيم العلاقات الاقتصادية بين الدول وبعضها البعض ولا يعني مواجهة البنك العربي لصعوبات في الولاياتالمتحدةالأمريكية هروباً للاستثمارات العربية. وأكد ان الاستثمارات الأجنبية سواء في مصر أو باقي الدول العربية أقل من المأمول خاصة في ضوء زيادة حجم الاتفاقيات مع أوروبا والانفتاح عليها. وقال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية ان اتجاه البنوك العربية لإنشاء مكاتب تمثيل لها وبنوك كاملة في العواصمالغربية اتجاه مطلوب. أما علي فايز مدير عام اتحاد بنوك مصر فأوضح ان اتجاه البنك العربي لإنشاء بنك باسم بنك أوروبا العربي لا يعد التجربة الوحيدة، حيث سبق للبنك الأهلي المصري القيام بإنشاء بنك في صورة شركة مساهمة في لندن قلب أوروبا، مؤكداً ان هذا الاتجاه مرغوب فيه حيث يكون من شأنه تقديم خدمة أفضل للأوروبيين عند مجيئهم للاستثمار في المنطقة العربية. ورأي فايز ان هذا التوجه يوسع من إمكانيات البنوك العربية وقدراتها المصرفية وزيادة القاعدة الرأسمالية لها ويرفع من درجات تقييمها من قبل المؤسسات المالية الدولية ويجعلها أكثر إيجابية. وأكد علي ان وجود البنوك العربية في الخارج يزيد من القدرة علي عقد الصفقات الاقتصادية وتنمية الروابط الاقتصادية مع الغرب وتشجيع للاستثمارات الأجنبية في الاتجاه إلي العالم العربي وإحداث نقلة مصرفية مميزة كما انه يزيد من القدرة التنافسية للبنوك العربية في السوق الأوروبية. وشدد فايز علي ان إنشاء بنك عربي في لندن لا يعني هروب الاستثمارات العربية من الولاياتالمتحدةالأمريكية واتجاهها لأوروبا، بل علي العكس انه سيساعد علي جذب الاستثمارات العربية للعالم العربي وتمويل المستثمرين مما يزيد من جاذبية الاستثمار المباشر في العالم العربي فلا يوجد استثمار مغلق علي ذاته.