مصداقية السلطات المالية المحاسبية في النمسا كانت موضع تحقيق وجدلا في الفترة الأخيرة، وذلك بعد ان اعترف أكبر رابع بنك في البلاد أنه أخفي من قوائمه خسائر تصل إلي 1.3 مليار يورو (1.5 مليار دولار). وكان جونتر ويننجر رئيس هيئة الاشراف المالي في بنك باواج النسماوي أحد البنوك الاربعة الكبار في النمسا قد قرر اخفاء وعدم الكشف عن الخسائر في المعاملات التجارية للبنك عبر المشتقات المالية في الكاريبي لمدة خمس سنوات خشية اهتزاز أعمال البنك وصفقاته في منطقة الكاريبي. ومن المعروف ان بنك "بواج" مملوك لشركة تجارية نمساوية تأتي أرباحها من عمليات تجارة خارجية وتعد مكاسبها تلك مصدر دخلا رئيسيا لعمليات مشاركة البنك في المشتقات المالية وخاصة في حالات الفشل أو الخسارة. ويدعي ويننجر بأنه كان ينوي الكشف عن خسائر البنك في الشهر القادم، وانه فعل ذلك في اطار قانون اتخذ عام 2000 يسمح بإخفاء الخسائر في حالات الأزمات، لكن المفاجأة أن التحقيقات اتسعت لتشمل ادارة الاشراف المالي علي البنك التي تم لفت نظرها في أكتوبر المالي باعتبارها هيئة مراقبة محاسبية علاوة علي تورطها في صفقات مع شركة "رفكو" للسمسرة في الأوراق المالية وهذه الشركة طالتها تحقيقات من قبل السلطات المالية في الولاياتالمتحدة وعند دمج الشركة مع أخري قام بنك "بواج" بضمانها بمبلغ 350 مليون يورو واقراض هذا المبلغ للمدير التنفيذي السابق لشركة "رفكو" فيليب بنت قبل ان يتم القبض عليه في فضيحة فساد ونصب غير قانوني. وكان بنك بواج أيضا قد قدم بصفة منفصلة قرضا آخر للشركة قيمته 75 مليون يورو. ويعترف إيوالد ناد اتوني الذي تولي منصب المدير التنفيذي للبنك منذ يناير الماضي، بأنه لم ينتبه لخسائر البنك في منطقة الكاريبي قبل توليه المنصب كمدير تنفيذي للبنك وأنه لم يعرف أيضا وجود أي صلة بين تلك الخسائر وعلاقة البنك مع رفكو. الجدير بالذكر أن ناو أوتوني مصرفي وسياسي محترم وقد ترك العمل في البنك خلال العام الماضي عندما قدم جوزيف زوتلر المدير السابق للبنك استقالته العام الماضي بمجرد اكتشاف فضيحة "رفكو" وتعرضها للانهيار. ويري معظم الخبراء المصرفيين في النمسا انه من الممكن تغطية هذه الخسائر ويؤكد ويننجر أنه فعل ذلك في الوقت الذي قدم فيه البنك أفضل معدلات للفوائد، كما انه لم يواجه أي تحقيقات وعلي الرغم من أن البنك سيقوم بعمل مخصص منفصل لشركة "رفكو" قيمته 392 مليون يورو وذلك بشأن القروض المقدمة لها، فان ريننجر قال انه يتوقع تحقيق البنك لأرباح عن أعماله في عام 2005 عندما يعلن البنك ميزانيته وقوائمه المالية الشهر القادم. تجدر الاشارة إلي أن معظم الخسائر في الكاريبي تأتي من انشطة شركة "روس كابيتال" وهي شركة متخصصة في المشتقات المالية يديرها والتر فلوتل نجل مدير تنفيذي سابق لبنك "بواج". أما الخسائر الكبري فتأتي معظمها من الدخول في عمليات مراهنة خاسرة وفي غير محلها وبالتحديد في عمليات مبادلتي عملات يابانية اثناء الأزمة المالية الآسيوية المعروفة. ويؤكد ناواوتني أن "بواج" كان يتخذ اجراءات قانونية ضد والتر فلوتل باعتباره المدير السابق للبنك.