التجربة الفرنسية في التواصل بين الوزارات المختلفة والبرلمان هل يمكن تطبيقها في مصر.. وما مدي نجاحها كي تكون هناك حلقة وصل دائمة بين العمل البرلماني والوزارات المختلفة، وتعامل مباشر بين النواب الراغبين في الحصول علي معلومات موثقة وصادقة يؤدي دورهم وفي نفس الوقت تقوم الوزارات المختلفة بتجهيز مشروعاتهم القانونية بشكل سليم، وإعداد الدراسات اللازمة للرد علي بيانات النواب.. مما يجعل هناك تعاونا مثمر بين المجلس التشريعي والسلطة التنفيذية بصفة عامة وبين النواب والوزارات المختلفة بصفة خاصة. فهل يمكن تكرار التجربة الفرنسية التي نقلها د. يوسف بطرس غالي الي "المجموعة الاقتصادية" في وزارات أخري.. أم أن الردود السلبية من بعض النواب الذين طرحت عنهم الاسبوعي اسئلة حول جدوي الوحدتين المستغلتين الخاصتين بالشئون البرلمانية والتشريعية قد تحكم علي التجربة بالفشل.. وما هو المطلوب لتعميم الوحدتين في الوزارات المختلفة من أجل مزيد من التواصل بين البرلمان والحكومة. يشرح عصام النجار مستشار وزير المالية للشئون البرلمانية تجربة وحدة الشئون البرلمانية موضحا انها مستوحاة من التجربة الفرنسية حيث تقوم بدور تنسيقي بين وزارة المالية والشئون القانونية والمجالس النيابية مع البرلمان نفسه وهي وحدة مستقلة تعمل بشكل تنسيقي مستحدث عن الاطار التقليدي للعلاقة بين الحكومة ومجلس الشعب حيث من المعتاد ان يقتصر عمل الادارات التقليدية في هذا المجال علي ادارة شئون مجلسي الشعب والشوري أو ادارة الاتصال السياسي اي مع أعضاء مجلسي الشعب والشوري هذا الي جانب وحدة اخري مستحدثة مستقلة عن الوحدة البرلمانية وهي وحدة الشئون التشريعية والقانونية والتي تعمل في مجال تعديل وصياغة مشروعات القوانين الجديدة. ويوضح النجار ان الفارق بين هذا النمط الحديث، والنمط التقليدي سالف الذكر يرجع أولا الي ان العاملين في الوحدة البرلمانية هم من المتخصصين في مجال العمل البحثي البرلماني. أما في هذه الادارة التقليدية فعادة ما يكون العاملون في ادارة الاتصال السياسي من المنتدبين من داخل الوزارة لذا فعندما يتقدم أحد النواب بسؤال عن أمر معين عادة ما ترد عليه الإدارة بشكل إداري قد يعرض البيانات ولكن بصورة غير مكتملة الجوانب علي عكس الوحدة البرلمانية التي ترد من منطلق نظرة بحثية اضافة الي أن الوحدة التشريعية والكلام للنجار تعمل عند صياغة أو تعديل قانون ما علي اجراء بحث مسبق في مضابط مجلس الشعب لمعرفة أهم طلبات النواب حول هذا القانون لكي يتم اضافتها علي القانون الجاري صياغته. ويشير النجار الي أن هذه التجربة تمت بالفعل عن اصرار قانون الضرائب الجديد من خلال الرجوع لمضابط 5 سنوات مضت علي صدور القانون معتبرا ان د. يوسف بطرس غالي وزير المالية علي حد قوله هو أول من استحدث هذه التجربة في الحكومة المصرية بمبادرة منه في الحقائب الوزارية التي تولاها داخل المجموعة الاقتصادية خلال السنوات الماضية. ويضيف ان هذه التجربة مطبقة حاليا في وزارات المالية والاستثمار والتجارة والصناعة وجار تطبيقها في وزارة النقل الا انه يلفت الي انه في مجال الحديث عن مقارنة التجربة المصرية المستحدثة بالتجربة الفرنسية يتضح انها مازالت تواجه بعض العوائق بداية من النواب الذين يتقدمون كثيرا باستجوابات لا تستند لحقائق أو مستندات وتعتمد علي "قصائص" الصحف، وهو ما يصعب الرد عليها ويعطل ديناميكية التحاور بين المجلس والحكومة. ويرجع النجار ذلك الي أن النواب يستغرقون وقتا كبيرا في تقدم طلبات أبناء دوائرهم للحكومة يصل لوزارة المالية وحدها ما بين 7000 و10 آلاف طلب شهرياً وانهم نادراً ما يطلبون معلومات تعينهم علي صياغة الاستجوابات. ويضيف النجار أن الوحدات الحديثة مازالت تفتقر إلي مرونة النظام الفرنسي في تحديد توقيتات الرد علي الاستجوابات أو البيانات العاجلة موضحاً أنه في التجربة الفرسية يتم تحديد الموعد بالتنسيق مع الوزارة المطلوب استجوابها أما في مصر فيحتكر تحديد الموعد مكتب مجلس الشعب الذي يترأسه رئيس المجلس. لا فارق وعندما طرحنا علي نواب البرلمان معلوماتهم حول دور الوحدات المستحدثة لاحظنا أن أغلب النواب المتحدثين لم يشعروا بالفارق بينها وبين الإدارات التقليدية وأن الصورة العامة عن الحكومة داخل المجلس مازالت تشوبها عدم الثقة. حيث يقول محمد عبدالعزيز شعبان النائب عن حزب التجمع إنه لا يشعر بمصداقية الحكومة خاصة بعد أحداث صفقة عمر أفندي الأخيرة ويقول إن هذا الوضع يجعله يشعر بأن أية إجابة عن أسئلته ستصله من وزارات المجموعة الاقتصادية ستكون محلاً للشك.