تأخذ قضية التبرعات والقروض غير المضمونة لحزب العمال البريطاني الحاكم والتي تقدرها بعض المصادر بعشرة ملايين استرليني بعداً متصاعداً وتزيد من انتباه الرأي العام البريطاني. وكان احد المتبرعين قد كشف النقاب عن هذه التبرعات وهو "كاي باتيل" رئيس مجموعة "بريوري" للرعاية الصحية الذي أعلن ان المجموعة التي يترأسها بميوله العمالية منحت الحزب مائة ألف استرليني. وكشف أمام إحدي لجان التحقيق أن أحد النواب العماليين طالبه بمنح مبلغ آخر في صورة ديون بدون ضمان رغم أنه كان ينوي منح المبلغ في صورة تبرع للحزب. وخلال أسابيع وافق علي اعطاء الحزب قرضاً بقيمة 1.5 مليون استرليني ويقول "باتيل" ان مسئول الحزبب وعده بإدراجه في طبقة النبلاء ونصحه بأنه ليس من الضروري أن يكشف النقاب عن القرض وبموجب القانون يتعين الإعلان عن هذه التبرعات والافصاح عنها للجنة الانتخابية وضرورة نشرها وهو ما يعني أن الحزب خالف القانون وارتكب مخالفة واضحة. وقال "باتيل" الذي فجر "الفضيحة" في مقابلة صحفية ان ما حدث يعني أن هناك سوابق لتقديم تبرعات في صورة قروض بدون ضمان مقابل وعود بالحصول علي مزايا من بينها ادخال المتبرع في طبقة النبلاء واعترف باتيل بأنه كان يعتزم تحويل هذه التبرعات من قروض إلي تبرعات وهو ما يعني في الوقت نفسه انه لم يكن سيعلن عنها وأن ذلك كان سيحدث بعد حصوله علي الشرف الذي وعد به. وكان حزب العمال قد قدم خطة القروض العام الماضي وسط انتقادات متراكمة لمؤيدي الحزب الذين يحصلون علي ألقاب مثل لقب لورد أو نبيل بعد اعطاء التبرعات . وهناك عدد آخر من الاغنياء الذين يساندون الحزب وانخرطوا في اللعبة وبعضم دفعوا مبالغ في صورة تبرعات تم الإعلان عنها إلا أنها تقل عن عُشر قيمة القروض الحقيقية التي دفعوها للحزب والهدف من وراء ذلك هو ترشيحهم لمجلس اللوردات أو حصولهم علي ألقاب مثل "سير" أو فارس. وتأتي هذه الوقائع لتزيد من المطالبات التي تدعو إلي ضرورة اصلاح مثل هذه المجالس الشرفية التي رغم مالها من نفوذ محدود فإنها تؤثر في المجتمع ويعترض "لورد أو كيشوت" وهو من اقطاب حزب الاحرار الديمقراطيين علي هذا النظام وادارته بهذه الطريقة مؤكداً أنها تلحق الضرر بالعلاقة بين الاحزاب والمتبرعين وتزيد من نفوذهم السياسي مطالباً بضرورة اصلاح هذا النظام "العتيق". ويزيد آخرون من انتقادهم مشيراً إلي أن شراء الألقاب لهو أمر يعود إلي سنوات عديدة مضت مشيراً إلي أن أحد اللوردات قال ذات مرة انه لو أراد ان يشتري احد الألقاب لفعل ذلك شأن أي انسان شريف لم يقترف خطأ. ولا يعرف علي وجه التحديد النسبة التي تضاف إلي القروض التي تمنح بدون ضمان في صورة تبرعات وما إذا يتم وضع نسبة 6% عليها كما تقضي لجنة الانتخابات وذلك لمعرفة ما إذا كان هناك تحايل من عدمه. وينفي مسئولون في حزب لعمال البريطاني هذه الادعاءات مشيرين إلي أن الألقاب الشرفية ليست مضمونة حتي يدفع الأغنياء لشرائها وهي حجة تبدو ضعيفة ولا ترتكز علي صلب الموضوع ولا ترد علي أصحاب الادعاء. ويري خبراء في القانون ان هناك دافعاً وراء هذه التصرفات وهو أن حزب العمال ليس لديه المقدرة في الحصول علي هذه القروض من البنوك لعدم وجود ضمانات كافية مثل أصول أو عقارات. ومنحت في عهد رئيس الوزراء البريطاني الحالي منذ توليه الحكم في 1997 ألقاب شرفية إلي 292 نبيلاً مقابل 191 لقباً منتحها رئيساً الوزراء البريطاني الاسبق تاتشر فيما منح رئيس وزراء بريطانيا السابق جون ميجور هذا اللقب إلي 171 نبيلاً. وتواجه الحكومة انتقادات متزايدة بشأن منح ألقاب شرفية للمتبرعين ومن بين من حصلوا علي هذه الالقاب لورد "مونتجيو" بأكسفورد ودفع مليون استرليني وحصل علي اللقب بعد تولي بلير السلطة في 1997 بثلاثة أشهر. والمثير للتناقض أن أغني رجل في بريطانيا "لاكشامي ميتال" من بين من دفعوا أكثر من مليون استرليني ولم ينل أيا من الألقاب الشرفية سواء لورد أو نبيلاً. وصرح متحدث باسم حزب العمال والذي انخفضت عضوية الاعضاء الجدد إلي النصف به من أن اصبح بلير رئيساً للوزراء في حزب يتزايد اعتماده علي التبرعات ان المسألة لا تمثل أية مخالفة سواء ما دفع كان قروضاً أو تبرعات ومادامت تتم وفقاً للقوانين المشددة التي وضعتها لجنة الانتخابات إلا أن التساؤل هنا يجب أن يدور حول القروض والفائدة التي تفرض عليها وما إذا كان من المفترض أن يكون لها فائدة مميزة. والأكثر دهشة أنه من الواضح عدم وجود قانون يجرم أو حتي يجعل من هذا التصرف مخالفة تقتضي المساءلة في دولة يفترض انها من اعرق الديمقراطيات وأقدمها.