عاد إلي كوريا الجنوبية منذ أسابيع قليلة وبالتحديد يوم 4 فبراير لي كون هي رئيس مجلس إدارة شركة سامسونج بعد غياب دام خمسة شهور خارج البلاد.. وفي مطار جيمبو الدولي قرب سول عقد لي كون هي مؤتمرا صحفيا اعتذر فيه علنا للشعب الكوري عن فضائح الفساد السياسي التي ثبت تورط شركة سامسونج فيها في عام 2005 وأعلن مسئوليته الكاملة عن هذه الفضائح وبعد عودته بثلاثة أيام أعلن عن تبرع شركة سامسونج بمليار دولار للأعمال الخيرية كنوع اَخر من الاعتذار العملي للكوريين. وتقول مجلة "نيوزويك" إنه من الواضح أن لي كون هي البال من العمر 64 عاما يريد أن يحسن صورته لدي الرأي العام بعد اتهامه بالإسهام غير المشروع في تمويل حملة انتخابات الرئاسة الكورية عام 1997.. وكانت سامسونج قد أعلنت أن لي كون هي غادر كوريا للعلاج في الولاياتالمتحدة وأن المدعي العام قد أسقط التهم الموجهة إليه في شأن هذه القضية لعدم كفاية الأدلة!! ولكن هناك فضيحة أخري تنتظر لي كون هي حيث يحقق المدعي العام في استخدامه غير المشروع لأموال الضرائب في نقل حصص من سامسونج إلي أبنائه الأربعة قبل عشر سنوات من الاَن. والحقيقة أن لي كون هي قد غامر بمستقبل سامسونج ومستقبل عائلته أيضا عندما تورط في أعمال الفساد سالفة الذكر حيث يناقش البرلمان الكوري حاليا مشروع قانون يتيح تقسيم سامسونج إلي أكثر من شركة ويقلص قبضة العائلة عليها. ولعلنا نذكر أن عام 2005 قد شهد صعود سعر سهم سامسونج بنسبة 46% لتصبح ثاني أكبر شركة من حيث قيمتها الرأسمالية في اَسيا بعد شركة تويوتا اليابانية.. كذلك صارت سامسونج أكبر اسم عالمي في دنيا الكترونيات المستهلك متفوقة في ذلك علي شركة سوني اليابانية كما صارت نموذجا للإدارة الحديثة والقدرة علي الابتكار. وفي حين يشعر الكوريون بالحب والاعتزاز إزاء هذه الإنجازات التي حققتها سامسونج فإنهم يشكون في دورها كقوة طاغية تتدخل لإفساد سياسة البلاد ويريدون تحجيمها عن طريق التقسيم. ومعروف أن سامسونج شركة عائلية كورية تقليدية متعددة الأنشطة تمثل سامسونج اليكترونيكس قلبها القوي.. ورغم تأثيرات الأزمة الاَسيوية عام 1997 علي الشركات العائلية الكورية الأخري خرجت سامسونج من الأزمة قوية ومتماسكة، وقد صارت الاَن امبراطورية ضخمة تضم 63 شركة ويعمل فيها داخل كوريا فقط 135 ألف عامل وتصدر وحدها 20% من إجمالي صادرات كوريا الجنوبية. وتقول مجلة "نيوزويك" إن ثروة عائلة لي كون هي موزعة علي مختلف شركات سامسونج ولا تتركز في سامسونج اليكترونيكس وحدها وأن إجمالي ثروة العائلة قد تضاعف في السنوات الخمس الأخيرة ليصبح 4.3 مليار دولار.. وجاءت عائلة لي كون هي في المركز رقم 16 ضمن قائمة "فوربز" لأغني العائلات الاَسيوية.. وخلال نفس الفترة تقريبا قفزت القيمة السوقية لشركة سامسونج اليكترونيكس وحدها لتصبح 100 مليار دولار ولتصبح أيضا خامس أكبر شركة في اَسيا. وعلي الرغم من أن نصيب عائلة لي كون هي في سامسونج اليكترونيكس صغير لا يتجاوز ال 3.3% مقابل 60% للأجانب فإن العائلة تسيطر عليها من خلال نظام معقد لملكية باقي شركات المجموعة وهذا بالتحديد ما يريد القانون الجاري مناقشته في البرلمان لكي يغيره بحيث يحد من نفوذ العائلة وسطوتها الاقتصادية والسياسية علي حد سواء. ومن مظاهر سيطرة سامسونج جروب حرصها علي رعاية كل المناسبات الرياضية إلي حد أن هناك من صار يسمي جمهورية كوريا الجنوبية كلها باسم جمهورية سامسونج خصوصا أثناء احتدام فضيحة تدخل سامسونج في انتخابات الرئاسة عام 1997. وهناك علي أية حال من يري أن القانون الجديد حال صدوره سوف يسمح لعائلة لي كون هي بزيادة نصيبها في شركة سامسونج اليكترونيكس وهو ما سيجعل العائلة أكثر ثراء وأقل عرضة للانتقاد.. ولعله لذلك لم يكن غريبا أن تعلن عدة مصادر أن عائلة لي كون هي ستكف عن مقاومة صدور القانون المطروح علي البرلمان.. كما لم يكن غريبا أن يعود لي كون هي رغم أنه مقعد ولايزال تحت العلاج محاولا فتح صفحة جديدة مع الكوريين خصوصا بعد أن تردد عزمه علي ترك منصبه ليحل محله ابنه الأكبر في إدارة سامسونج اليكترونيكس بعد صدور القانون وتسوية أوضاع المجموعة علي أساسه.