في عام 2004 كانت شركة فيات للسيارات علي وشك الافلاس وكانت فيات جروب كلها تغرق بسرعة وهي تحاول انقاذ نفسها وانقاذ فيات للسيارات من هذا المصير المظلم.. وتعلقت فيات جروب بشرط كانت قد وضعته علي جنرال موتورز (GM) في شراكتهما التي بدأت عام 2000 وهو ان تشتري الشركة الامريكية كل اسهم فيات التي يريد ان يبيعها الايطاليون.. واليوم وبعد عام واحد تبدلت المواقف وبدأت فيات تقف علي قدميها وتعود الي الحياة بسرعة في حين اصبحت جنرال موتورز في اضطراب عظيم. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان اقدار فيات للسيارات بدأت تتغير في ديسمبر الماضي عندما قرر سيرجيو مارتشيوني رجل الاعمال الايطالي محدود الشهرة الذي كان قد اختير قبل ذلك بستة اشهر رئيسا تنفيذيا لفيات جروب ان يتولي بنفسه مهمة فض الشراكة مع جنرال موتورز وامكنه ان يحصل لفيات علي تعويض مجز مقابل هذه العملية بلغ حجمه ملياري دولار ولاشك ان هذا التعويض قد اسهم في خطة مارتشيوني لاعادة الاوضاع الي نصابها في كل من فيات للسيارات وفيات جروب. ويبدو ان ما سهل الاتفاق بين فيات وجنرال موتورز هو ان مارتشيوني برغم اصوله الايطالية قد نشأ وتربي وتعلم في امريكا الشمالية فأسرته قد هاجرت الي تورنتو بكندا عندما كان عمره 14 عاما فقط وهناك تعلم وعمل كمحام ومحاسب ومتخصص في الضرائب وقضي في التعليم العالي وحده 9 سنوات ليحصل علي كل هذه الخبرات المتخصصة.. واثناء مفاوضاته مع ريك واجونر رئيس جنرال موتورز اعلن بوضوح انه يفكر ويحسب بالانجليزية وليس بالايطالية وربما كان هذا هو ما سهل عليه الاتفاق مع الجانب الامريكي. والحقيقة ان مارتشيوني بعد كل ما حصله من خبرات قرر العودة الي بلده الاصلي ايطاليا وتولي قيادة فيات جروب بل وقرر بنفسه ان يقود ايضا فيات للسيارات برغم صعوبة هذه المهمة ويقول مارتشيوني انها كانت لحظة فاصلة في حياة فيات جروب كلها فبدون انقاذ فيات للسيارات لن يستطيع وضع استراتيجية حقيقية لفيات جروب وقد كان الوضع بالغ الصعوبة في الشركتين، ففي عام 2004 بلغت خسائر فيات للسيارات 2.5 مليار دولار وخسائر فيات جروب ملياري دولار ولاشك ان خسائر فيات للسيارات قد طمست الاداء المعقول لبقية شركات فيات جروب. وتقول مجلة "الايكونوميست" انه بعد عام واحد من تولي مارتشيوني شئون فيات للسيارات انخفضت خسائر الشركة الي 450 مليون دولار اما خسائر فيات جروب فقد انخفضت الي نحو 160 مليون دولار فقط.. وهذا دون شك انجاز كبير يرجع الي الارباح الجيدة في اقسام الشاحنات والجرارات. والحقيقة ان قدرة مارتشيوني علي تحقيق اهدافه المالية بدأت تبهر المستثمرين ففي اكتوبر الماضي اعلنت فيات للسيارات ان خسائرها في الربع الثالث من عام 2005 انخفضت 70% عما كانت عليه في الربع الثالث من عام 2004.. وهذا يرجع الي عدة عناصر اولها نجاح الرجل في القضاء علي بيروقراطية فيات والتحول الي التركيز علي فتح الاسواق وزيادة الارباح وحصل مارتشيوني علي قرض قيمته 3 مليارات دولار الي جانب ملياري جنرال موتورز واستخدم المليارات الخمسة في احلال وتجديد وتحديث مصانع فيات كلها تقريبا.. وفي نفس الوقت عمدت الشركة الي التفاوض مع نقابات العمال الايطالية من اجل خفض تكاليف العمالة وتم ذلك ايضا بنجاح. ورغم ان مصانع فيات لاتزال تعمل بنسبة 80% فقط من طاقتها الانتاجية فان الرجل لم يلجأ الي اغلاق بعض المصانع كما كان يفعل سابقوه وفي نفس الوقت تخلص من العمالة الزائدة معتمدا علي نظم اعانة البطالة واعادة التشغيل التي تديرها الدولة دون ان تتحمل فيات اية تكاليف،وقرر مارتشيوني استثمار 10 مليارات دولار خلال السنوات الاربع القادمة لتقديم 20 موديلا جديدا من فيات بهدف زيادة المبيعات وتشغيل المصانع بكامل طاقتها مرة اخري. ويجدر القول بان نقص الموديلات الجديدة كان نقطة ضعف مستمرة لدي فيات.. ولم تكن الشركة تقدم سوي موديل واحد جديد تعتمد عليه اذا نجح نجحت معه واذا فشل اصابها الاحباط ولكن مارتشيوني قرر ان يكون له اكثر من حصان بل وعدة احصنة في كل سباق.. وستكون السيارة ستيلو الجديدة هي باكورة انتاج هذه السياسة المتطورة. اضف الي ذلك ان الرجل ما ان فض شراكته المتعثرة مع جنرال موتورز حتي بدأ يبحث عن مشروعات مشتركة جديدة مع شركاء آخرين يقاسمهم الارباح والخسائر وقد صارت له الان عدة مشروعات مع بيجو ستروين (PSA) الفرنسية ومشروع مشترك اخر مع فورد الامريكية ومشروع مع سوزوكي اليابانية وثالث مع تاتا الهندية في اسواق اسيا. وعموما فان مارتشيوني يعتبر عام 2006 هو العام الحاسم الذي ستبدأ فيه فيات للسيارات العودة الي تحقيق الارباح من جديد ويبدو ان الرجل صادق الوعد وانه سينجح في تحقيق هدفه.