تجربة الجامعات الخاصة في مصر بدأت منذ أكثر من 10 سنوات مع صدور القرار رقم 101 لسنة 1992 والذي يسمح بإنشاء هذه الجامعات ثم بدأت التجربة الفعلية لهذه الجامعات مع بداية عمل أول جامعة داخل مصر سنة 1996 وتوالي إنشاء هذه الجامعات لتصل الاَن ل 6 جامعات من ضمنها الجامعتان الفرنسية والألمانية واللتان بدأتا في قبول الطلاب منذ عامين. ومن المنتظر أن يبدأ عمل ثلاث جامعات أخري مع بداية العام الدراسي القادم فضلا عن 4 جامعات أخري صدر لها قرار مؤخرا من وزير التعليم العالي. ومع التوسع الذي نشهده في إنشاء هذه الجامعات نتساءل هل نجح التعليم الجامعي الخاص في تحقيق الهدف من إنشائه أم تحول من هدف ارادته الدولة ليكون رافداً من روافد التعليم العام إلي مجرد بيزنس تحكم قواعده الربح والخسارة دون مراعاة للجوانب الاساسية في لعملية التربوية!! خاصة أن بعض هذه الجامعات بدأت في التوسع في قبول أعداد كبيرة من الطلاب أكبر من المقرر لها حتي أصبحت مكتظة وتشابهت بالتالي مع الجامعات "العامة" والهدف بالطبع هو الحصول علي مكاسب كثيرة من وراء التوسع في قبول الطلاب وذلك علي حساب العملية التعليمية مما ينسف الهدف من وراء إنشاء تلك الجامعات وقد كشف التقرير الذي أعده المجلس الأعلي للجامعات عن أداء الجامعات الخاصة عام 2003 - 2004 عن وجود تجاوزات في بعض الجامعات خاصة فيما يتعلق بزيادة اعداد المقبولين عن الاعداد المقررة لها في بعض الكليات وظهر ذلك بوضوح في الكليات العملية. فقد بلغت أكثر من ثلاثة أضعاف العدد المقرر قبوله في كلية الهندسة جامعة 6 أكتوبر حيث كان المقرر لها قبول 275 طالبا تجاوزته إلي 719 طالبا في احدي السنوات وهو ما اعتادته أيضا الجامعة بالنسبة لكلية الصيدلة علي مدي أكثر من خمس سنوات حيث بلغت الأعداد المقبولة فيها في احدي السنوات 1529 طالباً علي الرغم من أن المقرر لها 044 طالبا فقط كما جاء في التقرير. ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حيث قبلت في احدي السنوات في كلية الطب 479 طالبابينما المقرر لها 220 طالبا وكذلك كلية الصيدلة المقرر لها قبول 440 طالبا بينما كان العدد المقبول في احدي السنوات 738 طالبا وهو نفس الأمر بالنسبة لكلية العلاج الطبيعي والتي قبلت 240 طالبا بينما المقرر لها 165 طالبا. وتجاوز الأمر كثيرا بالنسبة لكلية طب الأسنان حيث بلغ عدد المقبولين في احدي السنوات 786 طالبا بينما المقرر لها 330 طالبا. وجاءت تجاوزات جامعة مصر الدولية أقل من مثيلاتها حيث لم يتعد الأمر سوي كلية الصيدلة التي قبلت 549 طالبا بينما المقرر لها 440 طالبا فقط. كما رصد التقرير أعداد الطلاب بالنسبة لكل عضو هيئة تدريس والذي بلغ أقصاه في الكليات العملية أيضا حيث أكد التقرير أنه لكل عضو هيئة تدريس في كلية الصيدلة جامعة 6 أكتوبر 197 طالبا ولكلية طب الأسنان 107 طلاب لكل عضو هيئة تدريس و163 طالبا لكل عضو بكلية الهندسة. وقدر عدد الطلاب في كلية الصيدلة جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ب162 طالبا لكل عضو هيئة تدريس و110 طلاب في كلية طب الأسنان. وفي جولة الأسبوعي في بعض هذه الجامعات ومن خلال مشاهدات ولقاءات في بعض الأساتذة والطلاب فيها وجدنا أنه في مثل هذا الوقت من كل عام - طوال شهر أغسطس - تتباري الجامعات الخاصة في اظهار امكانيتها وتفوقها عن مثيلاتها لجذب مزيد من الطلاب القادرين الزبون المستهدف في "بيزنس الجامعات الخاصة" فوجود طالب يعني مزيدا من الدخل في قائمة الأرباح ولاسيما إذا كان هذا الدخل معفي من الضرائب بنص القانون والزبون المنشود في هذا البيزنس - والمقصود به الطالب - يختلف حسب مؤهلاته فإذا كانت اتجاهاته الدراسية تؤهله لدخول كليات القمة العلمية والتي تداعب أحلام الكثير من الطلاب فهو زبون من الدرجة الأولي حيث تعتبر هذه الكليات أعلي مصروفات في هذه الجامعات والتي تصل مصروفاتها لأكثر من 18 ألف جنيه كحد أدني بالنسبة لكلية الصيدلة وترتفع لتصل إلي 27 ألف جنيه كحد أقصي في بعض الجامعات وتصل في كلية الطب البشري 25 ألفاً حتي 34 ألف جنيه في العام في جامعات أخري. ولا تقل هذه المصروفات في أي حال من الأحوال بالنسبة للكليات النظرية عن 10 آلاف جنيه في العام الدراسي.