تترقب الأوساط الاقتصادية والمصرفية قرب انتهاء المهلة المقررة من جانب البنك المركزي المصري للبنوك التي لم ترفع رأسمالها المدفوع ليصل إلي 500 مليون جنيه، وذلك إعمالاً لأحكام قانون البنك المركزي، والجهاز المصرفي والنقد والذي يقضي بأن يكون الحد الأدني لرأسمال البنك 500 مليون جنيه، ويترتب علي ذلك أن البنوك التي فشلت في زيادة رأسمالها إلي الحد الأدني لرأس المال وفقاً للقانون علي النحو السالف الذكر، سوف تكون معرضة لدمجها جبراً في بنوك أخري أقوي وأكبر. ولاشك أن تقليص عدد البنوك العاملة في مصر يساير الاتجاهات المصرفية العالمية الحديثة، حيث سادت موجة كبيرة من الاندماج بين البنوك العالمية في العالم الأول وذلك بهدف ايجاد كيانات مصرفية قوية وقادرة علي المنافسة من خلال تحقيق الاستفادة القصوي من مزايا اقتصاديات الحجم الكبير من تدنية للتكاليف وتعظيم للعائد، ولاشك أن التجارب المصرفية العالمية في مجال اندماج البنوك قد حققت نجاحات كبيرة، وذلك برغم وجود حالات دمج لم تحقق الاستفادة المرجوة من وراء الدمج، ولعل ذلك يرجع إلي أن مجرد كبر الحجم لا يعد في حد ذاته ضمانا لتحقيق الوفورات مالم يتزامن مع وجود خبرات مصرفية رفيعة المستوي تتبني تطبيق استراتيجيات وسياسات مصرفية حصيفة ورصينة والا فإن كبر الحجم سوف يستوي مع صغر الحجم بالنسبة للبعد التشغيلي للعمليات بالبنك. ويتم الاندماج في الواقع العملي بإحدي صورتين الأولي وتسمي الانضمام Merger وتعني انضمام بنك إلي بنك آخر ويترتب علي ذلك فقدان البنك الأول كيانه القانوني كلية وتكون محصلة الانضمام إذا انضم البنك (أ) في البنك (ب) زوال البنك (أ) وبقاء البنك (ب) وهذه العملية يطلق عليها العامة من غير المتخصصين الدمج ولكن صحتها وفقا للاصول العملية الانضمام. اما الاندماج Consolidation فيعني اندماج بنكين أو اكثر مع بعضهم البعض وفقدان كيانهما القانون أوظهور بنك جديد له كيانه القانوني وشخصيته المعنوية الجديدة بمعني انه إذا اندماج البنك (أ) والبنك (ب) في بعضها فإن كلاً منهما سيفقد كيانه القانوني وينشأ كيان قانون جديد. وليكن البنك (ه) وهذا هو الفرق الدقيق جدا بين الانضمام والاندماج من حيث البعدين القانوني والتنظيمي. وفي خضم الحديث والترقب في الشارع المصرفي عن الانضمام والاندماج المصرفي للبنوك المصرية، طرح علي الساحة المصرفية رأي مغاير أو يكاد يكون مضادا للاتجاه السائد حاليا نحو الانضمام والاندماج ومضمون هذا الرأي ومفاده ان يتم تفتيت البنوك الكبيرة إلي وحدات مصرفية اصغر تحت مظلة وهيمنة شركة قابضة أو بنك قابض، أي أن مثل هذا التفتيت أو التقسيم لوحدات البنوك الكبيرة سوف يتم علي اساس التخصص التشغيلي في عمليات محددة ولاشك أن هذا الاقتراح وجيه جدا ويخدم إلي حد كبير الاستفادة من الوفورات الاقتصادية للحجم الكبير ولكنه مقسم أو موزع توزيعا داخليا داخل البنك نفسه علي اساس التماثل أو التخصص التشغيلي، ولكن في تقديري ان مثل هذا التقسيم أو التفتيت المقترح سوف يوجد كيانات قانونية وهياكل ادارية متشابكة وكثيرة تحت مظلة الشركة القابضة أو البنك القابض ومن الممكن اجراء مثل هذا التفتيت أو التقسيم علي المستوي الاداري أو القطاعي أو الاقليمي دون الحاجة إلي تفتيت الكيان القانوني للبنك الكبير ثم جمعة تحت مظلة كيان قانوني قابض سواء كان بنكا أم شركة. ومع هذا ومع الاحترام لجميع الآراء فإن أياً من الاتجاهين نطبق؟ انضمام ودمج ام تفتيت في ظل شركة قابضة مرجعة الدراسات العميقة والجادة ودراسة تجارب الدول الاخري في هذا المجال والاهم ما هو مناسب لهيكلنا الاقتصادي والمصرفي. ولقد بات تدعيم الجهاز المصرفي المصري ضرورة ملحة ويمثل هذا الموضوع اهتمام السلطات السياسية في الدولة وينعكس ذلك في تصريح الرئيس مبارك مؤخرا بزيادة رؤوس اموال البنوك المصرية بضخ 50 مليار جنيه ولاشك ان مثل هذا الضخ والتدعيم غير المسبقو في تاريخ الجهاز المصرفي المصري سيؤدي إلي تدعيم الجهاز المصرفي المصري من خلال : - تدعيم القاعدة الرأسمالية للبنوك المصرية. - استيفاء المعايير المصرفية الدولية (بازل (2)) - تعزيز متطلبات السلامة المصرفية. - رفع قدرة الجهاز المصرفي المصري وتأهيله لاستيعاب المخاطر غير المتوقعة. سيعكس قدرا كبيرا من الثقة في الاقتصاد المصري ككل. - رفع الملاءة المالية للبنوك المصري وكفاية رأس المال. - تحقيق الملاءمة بين الاستخدامات والموارد في البنوك ولاسيما في الاجلين المتوسط والطويل ولاشك ان قانون البنوك الموحد قد أوجد الارضية القانونية والتشريعية السليمة للدمج الرضائي أو الجبري للبنوك ولكن الدمج المصرفي قد يكون شرطا ضروريا ولكنه ليس كافيا وحده لإيجاد كيانات مصرفية قوية وقادرة علي المنافسة والانطلاق مالم يكن ذلك مصحوبا بالخبرات والكوادر المصرفية القادرة علي رفع مستوي الاداء وتضييق الف