ترفع الشركات الأوروبية لخدمات تكنولوجيا المعلومات هذه الأيام الشعار المعروف "كل أو فأنت مأكول" وهناك في القارة الاوروبية الآلاف من هذه الشركات بعضها يعمل في نطاق أجهزة الكمبيوتر الشخصي والشبكات الصغيرة والبعض الآخر من الشركات الكونية العملاقة "مثل شركة كابجيمني" بباريس تتعامل في عقود بمليارات الدولارات وتدير انظمة معلوماتية خاصة بالشركات الكبري او الوكالات الحكومية ويقال ان شركات تكنولوجيا المعلومات الاوروبية صارت اليوم محسودة بسبب ضخامة السوق التي تعمل فيها والتي يبلغ حجمها 212 مليار دولار في اوروبا وحدها واكثر من 636 مليار دولار في العالم كله. تشير مجلة "بيزنس ويك" الي ان شركات خدمات تكنولوجيا المعلومات صارت تشعر الآن بأن المنافسة الشرسة سواء فيما بينها او مع الشركات الاجنبية تدفع الاسعار الي الانخفاض وهوامش الربح الي التآكل وتشير التوقعات الي ان ايرادات سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات الاوروبي سوف تنمو هذا العام بمعدل 5.3% فقط وان الشركات الاوروبية تتعولم بدرجة اكبر بحثا عن عقود خارج اوروبا وبرغم ان سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات يعد من الاسواق المتشرذمة بدرجة كبيرة فان هذه الضغوط بدأت تدفع شركاته الي الاندماج فيما بينها وتقدير ميريل لينش ان حركة الاندماج بين هذه الشركات ستنشط بقوة خلال العام الحالي بل ان بعض عمليات الاندماج قد بدأت بالفعل في العام الماضي حيث قامت شركة اتوس اوريجين الباريسية بشراء شركة شلومبرجر سيما البريطانية مقابل 48.1 مليار دولار من اجل دعم وجودها في بريطانيا وهولندا كذلك قامت "جيترونكس" الهولندية بشراء منافستها "بينك روكيد" مقابل 434 مليون دولار والامثلة في هذا الشأن كثيرة ومتنوعة. والحقيقة ان هناك اتجاهين وراء نشاط حركة الاندماج تعيدان تشكيل سوق خدمات تكنولوجيا المعلومات الاتجاه الاول هو ان انظمة الكمبيوتر صارت ارخص واوضح وهو ما يعني ان عملية تشغيل وصيانة هذه الاجهزة صارت هي الاخري ابسط ولكنها اقل ربحية ومع انتشار استخدام الانترنت ينفتح الباب اكثر امام امكانية شراء خدمات تكنولوجيا المعلومات من المناطق الارخص سعرا في الهند وشرق اوروبا وفي نفس الوقت فان خدمات تكنولوجيا المعلومات تتحول الي صناعة.. فبعد ان كان الانتاج يتم حسب الطلب ويجري تفصيله علي مقاس احتياجات كل عمل فان الشركات الهندية الكبري سريعة النمو مثل ديبرو وانفوسايز تكنولوجيز وتاتا سيرفسز تقوم بصنع برمجيات 90% منها مجهزا طبقا لمواصفات قياسية عامة اما ال10% الباقية فهي فقط التي يتم ضبطها حسب حاجة كل عميل وهي ايضا برمجيات زهيدة الثمن للغاية. وتقول مجلة "بيزنس ويك" ان شركات خدمات تكنولوجيا المعلومات الاوروبية تحاول التأقلم مع هذه التطورات وتركز علي نظم تشغيل الشركات باعتبارها الجزء الاسرع نموا في سوق هذه الخدمات فبعض الشركات قد تفضل فصل جزء من وظائفها مثل خدمة العملاء او المحاسبة واعطائها لطرف خارجي لادارتها وهناك شركات مثل شركة تيتو ايناتور لخدمات تكنولوجيا المعلومات تفضل التركيز علي بعض الاسواق الرأسية مع التوسع عالميا قدر ما هو ممكن فشركة تيتو ايناتور المتخصصة في مجالات الاتصالات والبنوك والورق والرعاية الصحية تعمل ايضا في 25 دولة وان كان وجودها الاقوي متركزا في دول شمال اوروبا والمنطقة الاسكندنافية. وهناك شركات اخري تتبع استراتيجية جغرافية في المقام الاول فالشركة الاسبانية ايندرا سيستماز لتكنولوجيا المعلومات تستغل صلاتها الثقافية واللغوية لكسب العملاء في دول امريكا اللاتينية كما تتواجد شركة جيترونيكس اكبر شركة اوروبية لخدمات الكمبيوتر الشخصي في 30 دولة ويدعي كلاز واجينار الرئيس التنفيذي لهذه الشركة ان توسعه الجغرافي اعطاه ميزة علي الشركات الهندية المنافسة. ولكن ما ينبغي ان ننبه إليه هو ان هذه الاستراتيجيات كلها لم تعد كافية وان اقامة التحالفات والاندمجات بين الشركات الاوروبية لخدمات تكنولوجيا المعلومات هو الطريق الوحيد للبقاء الآمن في هذه السوق الشديدة التنافسية سواء علي المستوي الاوروبي نفسه او علي مستوي السوق العالمي بأكمله.