فين .. ومنين .. سؤلان مطروحان في مصر بعد قيام ثورة 25 يناير. (فين).. سؤال باللغة الدارجة المصرية التي يستعملها بسطاء هذا الوطن من غير المهتمين بالسياسة يتساءلون : فين الفلوس ؟ .. وقد زاد الإلحاح بعد الثورة التي كشفت هذا الكم الهائل من المليارات المنهوبة أو المهربة في الخارج، وأيضا حجم ثروات وإيرادات مصر التي لم يكن رجل الشارع العادي يعلم عنها شيئا.. ومنهم من كان يعلم ولكنه لم تأته الشجاعة للجهر بسؤاله.. وبعد الثورة كثر الكلام عن هذه الثروات (قناة السويس - الغاز وفروق أسعاره التي تم تعديلها مؤخرا - السياحة - التصدير - الثروة المعدنية - البترول) .. إلخ . فالعاطل من حقه أن يسأل عن عمل يقيه شر ركوب مراكب الموت التي تغرق علي السواحل البعيدة، مضطرا للهجرة بطريقة غير مشروعة بعد عجزه عن ايجاد عمل داخل وطنه - مناسبا كان أو غير مناسب- أما العامل فمن حقه أن يحلم بحياة كريمة له ولأولاده عن طريق راتب يقيه شر السؤال . ومن فاتهم قطار الزواج بسبب الحالة الاقتصادية في فترة ما قبل الثورة فمن حقهم الحلم بشقة حجرة وصالة ليؤسس فيها العائلة التي فقد الأمل في تكوينها، بعد أن فشل في إيجاد عمل يساعده في تحقيقه. ونأتي للسؤال الثاني : (منين) فهو أيضا سؤال دارج يرد به القائمون علي ادارة البلاد علي التساؤل الأول: (فين). فالحكومة التي تم رفع رئيسها علي أعناق الثوار في مشهد مهيب وسط ميدان التحرير بعد تنحي المخلوع، عاجزة عن إحراز أي تقدم علي أي مستوي، اقتصاديا كان أو اجتماعيا بسبب تراخيها في ضبط الأمن. وهنا يبرز السؤال؟ ففي رأي الكثيرين من أبناء الوطن لم يسقط نظام مبارك الفاسد الذي يستميت في الدفاع عن نفسه ويبذل كل جهده ويضحي بكل ما يملك لإعادة ترسيخ قواعد دولة الظلم والقهر والمحسوبية مرة أخري، إن من سقط هو شخص مبارك فقط ، وهم لايهتمون بالشخص وإنما بالنظام الذي أسس علي الظلم والقهر والاستهانة بأبناء الشعب وقتلهم بأي وسيلة للاستفادة المادية فقط واستنزاف ثروات البلاد وإفقار شعب بأكمله. ومع تساؤلات البعض عن كيفية الخروج من المأزق الحالي، ومن أين يتم توفير الميزانيات اللازمة، يتذكر رجل الشارع البسيط أن مصر منذ قديم الزمان هي سلة غذاء العالم، ويمكننا إذا أحسنا استغلال مواردها وتخطيطها أن نتقدم بأسرع مما نتصور.. فعلي سبيل المثال يمكن أن تبدأ مصر مشروعا قوميا للزراعة، باعتبارها أهم مصادر التميز المصرية، ومن ثم يمكن إنشاء صناعات قائمة علي أساس التغليف والتعبئة، وتصدير المنتجات الزراعية، والاستفادة من عمليات التصدير في توفير موارد مالية لمصر. كما يمكن أن تتجه مصر لمجال الصناعات البتروكيماوية، ولا شك أن من أهم الصناعات التي يتفوق فيها المصريون، وتتميز بأنها كثيفة العمالة، هي صناعة التشييد والتعمير، ويمكننا في حال طرح مشاريع قومية للإسكان أن نوفر فرص العمل، ومن ثم السكن لملايين المشردين والعمل لملايين أخري من العاطلين. فمن وجهة نظر الكثيرين ما المانع من تحويل قناة السويس كمحطة عالمية لتجارة وتخزين الحاويات، فالأرض متوافرة والأيدي العاملة في الانتظار، ما لمانع أيضاً من تحويل جزء من التعاملات النقدية بالقناة للجنيه المصري ليتم إنعاشه بعد أن فقد الكثير من قيمته، مع الاهتمام باستخراج ما في باطن الأرض والبحث عن الكنوز المطمورة . ها هي روشتة العلاج من وجهة نظر البسطاء للخروج من الماسورة الضيقة التي حشرنا فيها مبارك وعصابته ثلاثة عقود متتالية تم التحرش فيها بشعب قوامه 85 مليون مصري. وأخيرا..الجميع يعلم أن أهم درجات سلم الاستقرار والبناء هو الأمن.. ثم الأمن.. ثم الأمن، لضبط الشارع بطريقة حضارية بعيدا عن خدش كرامة المواطن الصالح الطامح في البناء والتقدم، والقضاء علي البلطجة، وإقصاء كل من شارك في إفساد الحياة السياسية، وسرعة الفصل في المحاكمات وقطع كل يد تحاول العبث بأمن شعب عاني الأمرين طوال ثلاثين عاماً هي فترة حكم الطاغية.