الناتو في مأزق إذا ثبت تورطه في مقتل الطاغية استحوذت ملابسات مقتل القذافي علي اهتمام جميع وسائل الإعلام العالمية ما بين مؤيد ومعارض وصامت من زاوية مدي ارتباطها بمواثيق حقوق الإنسان. يؤكد ناصر أمين رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء أن القذافي مثل أي حاكم مستبد ارتكب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية في حق شعبه وكانت حصيلة معاركه ضد الثوار أكثر من عشرة آلاف شهيد منهم شباب ونساء وأطفال وشيوخ وسوف تكشف الأيام القادمة عن مقابر جماعية في بعض المناطق فهو بكل المقاييس مجرم ولكن كان من الأفضل أن يقدم للمحاكمة . وما لاقاه من معاملة بعد القبض عليه تعد جريمة حرب وجريمة في حق الإنسانية ولذلك يجب علي مصطفي عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي وهو قاض جليل ومن أهم القضاة الذين تخرجوا في المدرسة المصرية لاستقلال القضاء أن يتخذ قرارا فوريا بفتح تحقيق مستقل في واقعة ألقاء القبض علي القذافي ثم قتله لمعرفة من المتسبب وكيف حدث ذلك فإذا ثبت أن هناك قتلا متعمدا فهذا يعني جريمة حرب وإذا ثبت أنه تم تعرضه لمرمي نيران صديقة أو عدو يعد أيضا جريمة حرب لانه كأسير كان يجب أن توفر له الحماية اللازمة وفق اتفاقية جنيف التي تجرم القتل والاعتداء. رغم إنه مثل الحكام المستبدين الذين يتعاملون مع شعوبهم بشكل لا إنساني وكأنهم عبيد لديهم فهذه نهاية طبيعية لطاغية مستبد. تحقيق حاسم ويجد حافظ أبوسعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أنه رغم تداول الفيديوهات التي تشير للاساءة التي تعرض لها القذافي بعد القبض وغير المقبولة مطلقا ألا أنه لا يمكن معرفة ما حدث بالضبط دون إجراء تحقيق عاجل قبل اتخاذ أي موقف في هذا الشأن فلابد من معرفة الظروف والملابسات المحيطة بالحدث ككل وليس ما حدث بينه وبين الثوار مباشرة لمعرفة هل تم بالفعل انتهاك حقوقه وكيف ؟ ولماذا؟ هل كان هناك مقاومة من أطراف أخري تابعه له حالت دون أسره واستوجبت قتله وهل فعلا تم قتله من قبل الثوار. وفيما يتعلق بنفي الناتو أي علاقة بقتله رغم تسهيلها عملية الوصول إليه من خلال اعتراضها لرتل القذافي وضربه بالطيران وإرشاد الثوار لمكانه يؤكد أبو سعدة أنه في حالة ثبوت تورط الناتو في هذا الأمر يضعه في مأزق فمن حق الناتو التدخل لمنع الاعتداء علي المدنيين فقط وفقا لقانون الأممالمتحدة، أما ملاحقة القذافي حق للشعب الليبي فقط للقبض عليه ومحاكمته علي الجرائم التي ارتكبها في حقهم . الصمت السياسي أما د. نادية حلمي أستاذة العلوم السياسية بجامعة بكين الصين فتري عدم تصديق خبر الوصول للقذافي ومقتله في باديء الأمر وحتي بعد أن قام محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي الليبي بإعلانه بشكل صريح ثم تداول فيديوهات مقتله عبر وسائل الإعلام للتأكيد . مما أثار الجدل فيما يخص شق ما تعرض له من معاملة تخرج عن نطاق حقوق الإنسان ومن هنا تتساءل: هل كان من الأفضل أن يقدم للمحاكمة عما ارتكبه من جرائم في حق شعبه أم ماحدث كان هو الخيار الأصلح "؟ إضافة إلي غموض موقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي تتشدق بالعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان عبر تمويل برامج ديمقراطية في الوطن العربي لماذا وقفت صامتة إزاء ما حدث بل والأدهي تقديم معظم رؤساء دول الإتحاد الأوروبي وأمريكا التهاني للشعب الليبي ولم يتطرقوا من قريب أو من بعيد للحالة المزرية التي ظهر عليها القذافي، فحالة الصمت العالمي للغرب تتعارض تماما مع ماكانوا يسوقونه من مفاهيم ومصطلحات عن العدالة وحقوق الإنسان الديمقراطية فلم تخرج أي من هذه الدول لكي تندد بمقتل القذافي بهذه الطريقة البشعة .إذا هناك موافقة ضمنية علي ما حدث وهذا يدفعنا للحديث عن الناتو فبالطبع الثوار لم يتمكنوا من الوصول للقذافي إلا بمساعدة الناتو وهذا أمر لا خلاف عليه! أما من الناحية السياسية الاقتصادية فهناك حزمة من المصالح الاقتصادية تدخل في ملابسات الموقف فمعظم المحللين السياسيين يعتقدون أن الدول الغربية التي تدخلت متمثلة في حلف الناتو كانت الغطاء الشرعي لدخول الإستعمار الغربي إلي ليبيا لأنها دولة مليئة بالثروات والنفط ومن الشق الإنساني المتمثل في حقوق الإنسان تعمد إغفاله لصالح الشق الاقتصادي في تقسيم الكعكة الليبية كما ستشهد الأيام القادمة العديد من الصراعات السياسية والقبلية داخل ليبيا. الطاغية ويؤكد المعارض الليبي فايز جبريل أن ماحدث للقذافي أمر متوقع وطبيعي لطاغية مستبد وأنه أول من توقع له هذه النهاية ويجد فيما حدث الوسيلة الوحيدة للتخلص من القذافي وحقبته وأن كل ثانية كانت تمر والقذافي علي قيد الحياة معناها استمرار المجازر ولكننا كنا نتمني تقديمه للمحاكمة للتشفي ورؤيته داخل القفص يعاقب علي جرائمه النكراء.