خط أحمر لم يعد خافيا علي كل ذي عينين، التوجه الذي يتخذه تيار الإسلام السياسي، وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين لتصعيد المواجهة والصدام مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة صاحب سلطة السيادة في الفترة الانتقالية، مرة بالتهديد بعودة الشعب إلي ثورة الميدان، إذا لم يسلم المجلس السلطة في فبراير القادم، كما قال د. سليم العوا المرشح المحتمل للرئاسة، والذي جمد حملته الرئاسية احتجاجا علي تفعيل العمل بقانون الطوارئ ضد البلطجية والخارجين علي القانون الذين يسرحون في كل الشوارع والمدن وأكثر من خمسة آلاف بينهم من الهاربين من السجون بعد اقتحامها وسرقة محتوياتها، وتحطيم أسوارها وأبوابها، ولأن المجلس العسكري لم يحدد بعد متي ستجري الانتخابات الرئاسية. وبرغم بعض الإيجابيات التي انطوي عليها، لقاء الفريق سامي عنان رئيس الأركان مع الأحزاب والقوي السياسية مؤخرا وبينها، تعديل المادة الخامسة من قانون مجلسي الشعب والشوري لتسمح للحزبين بخوض الانتخابات علي المقعد الفردي، وتغليظ العقوبات علي جرائم الانتخابات، وإصدار تشريع يحظر علي قيادات الحزب الوطني لمدة محددة مزاولة الحقوق السياسية، وعدم إحالة المدنيين إلي القضاء العسكري، فقد وصفها الشيخ حازم أبواسماعيل، بالمكائد التي تحاك ضد الشعب المصري، كما اتهم المجلس العسكري من فوق أحد المنابر بأنه يستغفل الشعب المصري. كما يجري علي الصعيد الميداني توجيه الشباب المتظاهر، إلي تحويل المظاهرة محددة المدة، إلي اعتصام مفتوح، ثم مسيرة إلي مقر المجلس الأعلي للقوات المسلحة، الذي قد لا تجد حراسته أي مفر من استخدام العنف دفاعا عن النفس، فتقوم الدنيا ولا تقعد، ويجري بشكل متعمد - كما يحدث الآن في بعض وسائل الإعلام الخاصة - الإساءة إلي صورة الجيش، بما يخصم من رصيده لدي المواطنين ويدفعهم دفعا للصدام مع أفراده. ولا أبالغ إذ أقول إن هذا توجه سياسي غير وطني، والمؤسسة العسكرية في هذه اللحظة التاريخية التي لاتزال مفاصل الأمن مفككة لم تستعد كامل عافيتها بعد، والتربص من قوي خارجية إقليمية عربية واستعمارية لإبقاء مصر علي ما هي عليه من أوضاع استثنائية، هي صمام الأمان لهذا البلد، وعلي الأحزاب والقوي الديمقراطية ألا تستدرج لهذا التوجه الفوضوي، وأن تمتلك استقلالية القرار في حق الاختلاف والاتفاق مع المجلس العسكري، وأن تضع في سياق الخطوط الحمراء أي مشاركة في عمل من شأنه إحداث صدام مع المجلس العسكري تخسر فيه مصر الكثير والكثير. ويا أيها المحرضون علي الصدام مع المجلس العسكري.. اتقوا الله في هذا الوطن.