القرار السعودي خطوة في الاتجاه الصحيح القرار الذي اتخذه الملك السعودي «عبدالله بن عبدالعزيز» بتعيين المرأة السعودية في مجلس الشوري ابتداء من الدورة الجديدة التي تبدأ في عام 2013، ومنحها حق الانتخاب والترشح للمجالس البلدية، قرار مهم وسار يستحق التحية لأنه يتيح للمرأة السعودية للمرة الأولي المشاركة في الحياة السياسية، بعد أن تم منعها بقوة القانون والعنف من قيادة السيارة وإلزامها بإحضار ولي أمر ذكر لإنهاء معاملاتها الحياتية، وبرغم القيود التي أحاطت بالقرار، والذي لم يشمل تفسيرا لطبيعتها، اكتفي بإقران تنفيذ القرار بما سماه بالضوابط الشرعية وثوابت الدين دون أن يحدد طبيعة تلك الضوابط، إلا أن القرار يشكل خطوة للأمام قياسا علي ما كان عليه الحال في السابق، والقرار الذي أعلنه العاهل السعودي في خطابه السنوي أمام مجلس الشوري، يأتي بعد أن كان المجلس قد أصدر في يونيو الماضي توصية بإشراك المرأة في انتخابات المجالس البلدية طبقا لضوابط الشريعة، لكن في المستقبل، وهو ما يعني أنه لن يكون بمقدور النساء السعوديات المشاركة في انتخابات المجالس البلدية التي تبلغ 285 مجلسا والتي ستجري غدا الخميس وتستمر مدتها أربع سنوات وتعين الحكومة نصف أعضائها فضلا عن أن الملك يعين المائة وخمسين عضوا من أعضاء مجلس الشوري، بمن فيهم النسبة التي لم تحدد بعد للنساء. وبرغم شكلية تلك الهيئات التمثيلية، وهيمنة الحكومة السعودية علي تشكيلاتها، إلا أن هذا القرار يكتسب أهميته من أنه يلقي في بركة المجتمع السعودي المحافظ الذي تجذرت فيه سياسات قمع النساء، حجرا، يحرك المياه الراكدة، ويزعزع البنية الثقافية المجتمعية التي تتذرع بها السلطات السعودية، لتقف بالمرصاد أمام نيل المرأة حقوقها وأمام تحريرها. لا تتمتع الهيئات التمثيلية السعودية بأدوار تشريعية ورقابية ولا سلطة لها في محاسبة الحكومة أو في اتخاذ القرارات الحيوية المتعلقة بالميزانية العامة للدولة وأوجه الإنفاق المختلفة فيها، لكن مساندة الملك لمثل هذا القرار الذي يعدل أوضاع النساء نسبيا، يدعم دون شك التوجه التحرري للناشطات السعوديات المدافعات عن حقوق المرأة، وهو استجابة لا شك فيها لضغوط أوروبية وأمريكية، وللتداعيات التي تحدثها ثورات الربيع العربي، الذي تقدم فيه النساء تضحيات جسيمة، ولم يعد مستساغا لدي شعوبه أن يتحكم رجال دين متشددون في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مصائر النساء باستخراج الصفحات المظلمة من التاريخ الإسلامي لتهميش النساء وقمعهن وحرمانهن من الحق من التحقق والمساواة، رغم البروز النسائي السعودي المميز عبر السنوات الأخيرة، في المنظمات الدولية، وفي مجالات الثقافة والفن والإبداع والإعلام والاقتصاد. ويحق لدعاة الإصلاح في المملكة السعودية وفي غيرها من الممالك والإمارات العربية، الذين تشتد وتتصاعد مطالبهم بالإصلاح مع استمرار الثورات العربية التي أطاحت بثلاثة أنظمة جمهورية استبدادية، وفي طريقها للإطاحة بنظامين آخرين، عن حقوق الإنسان في تلك البلاد، التي تشمل الرجال والنساء معا وهو ما يتطلب خطوات سريعة وجريئة من حكام تلك الأنظمة للتحول إلي الملكيات الدستورية التي تمنح الملك والأمير صلاحيات محدودة، وتمنح المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية صلاحيات كاملة، تحول المملكة أو الإمارة، من عزبة يقودها شخص فرد، إلي دولة مؤسسات هي التي تحكم، بينما الحاكم فيها يملك ولا يحكم. ونظرة عابرة علي خارطة العالم، فسوف نجد أن الملكيات الدستورية القائمة تتصدر قائمة الدول الغنية والمتقدمة والحديثة من بريطانيا إلي الملكيات الدستورية في الدول الإسكندنافية، إلي غيرها، واستقرار أنظمة الحكم في السعودية وغيرها من دول الخليج وبقية الملكيات العربية، مرهون بالإسراع نحو هذا التطور الذي سيأتي إن آجلا أو عاجلا، سواء بإرادة الملوك والحكام أو دونها، وإلي أن يحدث ذلك وتتحول الممالك والإمارات العربية إلي ملكيات دستورية، يظل القرار السعودي بمنح المرأة الحق في الترشيح والانتخاب خطوة في الاتجاه الصحيح تستحق التحية والتقدير.