صدور قرار حظر بيع وتداول الطيور الحية، وتعميمه علي جميع محافظات مصر، استنادا للائحة التنفيذية للقانون رقم (70) لسنة 2009، المنظم لعملية تداول وبيع الدواجن الحية، من اللجنة القومية لمكافحة أنفلونزا الطيور والخنازير، برئاسة المهندس ماجد جورج، وزير البيئة، وتفعيله اعتبارا من يوليو المقبل، أثار العديد من التساؤلات، رغم انحسار المرض، وغياب التغطية الإعلامية له، كما يتراءي للمستهلكين وأصحاب المحال. «الأهالي» التقت عددا من الخبراء والمستهلكين، وأصحاب المحال.. في البداية، اعتبر الدكتور نبيل درويش، رئيس اتحاد منتجي الدواجن، قرار حظر بيع وتداول الطيور الحية، قرارا حكيما جدا، بل حضاريا أيضا، مضيفا أن هذا القرار صدر نتيجة عدم جدية الحكومة في مكافحة أنفلونزا الطيور، وإهمال بعض المربين، لذا فالحل الوحيد هو تفعيل هذا القرار، لتوفير الأمان الحيوي. وأوضح د. درويش أن القرار قد يزعج المستهلك أو مربي الطيور، لكنه في الحقيقة هو الحل الوحيد لمنع تحور الفيروس، مشيرا إلي أنهما يستطيعان أن يتعودا علي نمط المبرد والمجمد، عن طريق زيادة الثقافة والوعي. والمستهلك سوف يعتاد شراء الطيور مبردة أو مجمدة لأنها ستتم من خلال مجازر حديثة، ويتم الذبح فيها بإشراف بيطري، وكل ما في الأمر أن المزارع ستتعامل مع المجازر بدلا من المحال. وعن كيفية تغطية العجز عن طريق الاستيراد من دول آمنة، أوضح رئيس اتحاد منتجي الدواجن أنه يعترض علي كلمة بلاد آمنة، لأن البلاد التي يتم الاستيراد منها، يتم ذبح الطيور فيها بطريقة غير شرعية، فضلا عن مئات الكيلومترات التي تقطع أثناء عملية الاستيراد، الأمر الذي يتسبب في احتمالية فساد الطيور المستوردة. وأضاف د. درويش أن المستورد لا يمكن أن يبيع بأقل من السعر الموجود في السوق، وهو المستفيد الأكبر، ولذا فمسألة الاستيراد ليست حلا لتغطية الفجوة الناتجة عن تفعيل قرار الحظر، والإنتاج لدينا متذبذب، وسيكون العرض أقل من الطلب، الأمر الذي سيقابله ارتفاع في الأسعار. وأشار إلي أن هناك بعض المستوردين يسيئون استخدام القوانين، فمن الممكن أن يشتري الطن بألفي دولار، ويضع عليه تسعيرة خمسمائة دولار، تهربا من الجمارك، لأن القانون يفرض 30% جمارك، والفارق يدخل في جيب المستورد وليس في جيب الشعب، وهناك ألاعيب أخري يقوم بها بعض المستوردين. وأكد رئيس اتحاد منتجي الدواجن أن المنتج هو الذي يبني البلد، بينما المستورد مخرب، مضيفا أن كل كيلو جرام لحمة يتم استيراده يساهم في بطالة أحد العاملين بهذه الصناعة. ومن ناحية أخري أوضح د. درويش أن السبب الرئيسي في الإصابة هو عدم كفاءة الأمصال في القضاء علي المرض، وهذا الكلام علمي، فمؤخرا تم اكتشاف تحور في الفيروس، ورغم أن الهيئة البيطرية استطاعت أن تعزله - علي حد قولها - فإنها قالت للحكومة إنه لابد أن يتم استحداث مصل جديد يتواءم مع الفيروس، فحتي الأمصال التي يتم استيرادها، وتدفع فيها الأموال الباهظة لا تقضي علي المرض، إلا بنسبة 30% أو أقل، وأنهي حديثه بأنهم بصدد تطبيق القرار بصورة تدريجية، حتي يتقبل المواطنون الأمر. من جانبه، قال الدكتور عبدالعزيز السيد ، رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة، إن قرار الحظر صدر منذ يوليو 2009، وكان من المفترض تطبيقه علي بعض المحافظات الكبري، مثل القاهرة والجيزة وحلوان و6 أكتوبر، والإسكندرية لكن تطبيقه الفعلي لم يتعد ال 10%. وأضاف د. السيد أن القرار سيكون له مردود إيجابي علي صناعة الدواجن بشكل عام وعلي مكافحة المرض بشكل خاص، مشيرا إلي أنه لابد من قيام الجهات التفتيشية والرقابية بدورها من خلال تطبيق التشريعات الرادعة وتكثيف الحملات علي الأسواق، وتغليظ العقوبات، وإلا سيتم تفريغ القرار من مضمونه، والهدف المنشود هو الحفاظ علي صناعة الدواجن والعاملين بها. وأشار رئيس شعبة الثروة الداجنة بغرفة القاهرة إلي ضرورة تعويض المضارين، سواء من أصحاب المحال لتحويل نشاطهم، أو المربين، وذلك سيتم عن طريق صندوق التعويضات باتحاد منتجي الدواجن، وقيام لجنة بحصر المضارين وتعويضهم. ألف محضر من ناحيته، أشار د. سمير موسي، مدير إدارة التفتيش علي اللحوم والمجازر بمديرية طب بيطري، إلي أن التفتيش يتم علي أكمل وجه في المحال وأنه يتم تسجيل ما يقرب من ألف محضر شهريا، ولكن هناك تأخرا في تطبيق أو تنفيذ القانون، الأمر الذي يؤثر علي المخالفين ويطمئنهم. ولفت د. موسي إلي أن من يخالف القرار سيعرض نفسه إلي غرامة من ألف إلي عشرة آلاف جنيه، وستة أشهر حبس، وفي حال تكرار المخالفة ستتضاعف العقوبة ويغلق المحل، حسب نص مواد القانون. وأوضح مدير إدارة التفتيش أن سلوكيات الشعب المصري بصفة عامة لا تقبل التغيير بسهولة، وعليه أن يثق في المسئولين ولابد أن يعي جيدا أنه إذا تم تحور الفيروس، فمن الممكن أن يحصد أرواح عدد كبير من البشر. وألمح إلي أن السبب الرئيسي في زيادة الأسعار بهذه النسبة هو ارتفاع سعر الأعلاف، ومحدودية التربية المنزلية، ويمكن اللجوء إلي الاستيراد لتغطية العجز. البيع سراً علي الجانب الآخر قالت أم داليا، صاحبة محل دواجن، إنها تعترض علي قرار منع تداول وبيع الطيور الحية، وتحويل النشاط إلي بيع الدواجن المبردة والمذبوحة، مشيرة إلي أنها قامت وعدد من أصحاب المحال باتباع تعليمات المسئولين، فور حدوث الأزمة مباشرة، ولم يجدوا مشتريا «زبونا» واحدا، فاضطرت وثلاثة أرباع التجار إلي البيع سرا، الأمر الذي أدي إلي زيادة الأسعار بشكل جنوني، وكان هناك أطباء من وزارة الصحة وآخرون في مدينة المبعوثين يشترون منها طيورا حية، وعندما تسألهم يقول أحدهم إنه لابد أن يري الدجاجة وهي تذبح أمام عينيه، ويقول آخر إن «المدام» لا تأكل «الفراخ» المجمدة!!. وأضافت أم داليا أن هناك مستفيدين من وراء هذا القرار، مشيرة إلي أنها قامت بإغلاق محلها منذ عطلة عيد الأضحي، والآن هي في بيتها دون أي عمل، فضلا عن تشريد العمال الذين كانوا يعملون معها. وأكدت أن مجموعة المجازر الموجودة في مصر، معظمها لأناس كبار لا يريدون إلا مصلحتهم الخاصة حتي ولو كانت علي حساب مصلحة الآخرين، مضيفة أنها تعمل منذ 22 عاما في هذا المجال ولم تصب بالبرد مرة واحدة، وأنها لا تعترف بهذا المرض، أي أنفلونزا الطيور، علي حد تعبيرها. وتعجبت أم داليا من إصرار المسئولين علي تنفيذ هذا القرار، رغم قلة الحديث عن هذا المرض - الذي يدعونه - مرجعة ذلك إلي ضرورة وجود مصلحة من وراء تفعيله، وأن هناك سببا آخر يكمن في السعي وراء التقليد، فمصر هي الدولة الوحيدة التي تبيع الطيور حية، ونحن نقلد تقليدا أعمي - علي حد قولها - وكأنه من الصعب علي المسئولين أن يروا صناعة ناجحة في بلدنا. وأكدت أنه في المناطق العشوائية مثل بولاق الدكرور، وصفط اللبن وأرض اللواء وشبرا، يستحيل تفعيل مثل هذا القرار لأنه لن يوجد مشتر واحد سيقوم بشراء الفراخ المجمدة، وإذا تم سنجلس كلنا في بيوتنا، وإن غدا لناظره قريب. من جانبه قال محمد العاصي دبلوم تجارة وعامل بمحل طيور، إن الغرض الأساسي من وراء هذا القرار هو تشريد العمال، وقتل أي شيء مربح في هذا البلد، وإجبار المواطنين علي الهجرة سواء كانت شرعية أو غيرها، التي يتجهون لها، أملا في الحصول علي لقمة عيش هنيئة غير ملوثة، وراتب يستطيعون من خلاله مواجهة وحش الغلاء الكاسر0 بينما قالت آمال عبدالسلام - ربة منزل: أنا لا أستطيع أن أشتري طيورا لم تذبح أمام عيني، فكيف لي أن أشتري طيورا مجمدة، لا أعلم مصدرها؟ مضيفة أنها عندما تتوافر لديها اللحوم، وذلك لا يحدث إلا في المناسبات مثل مناسبة عيد الأضحي - علي حد تعبيرها - يتغير طعمها نتيجة تخزينها في «الفريزر» لمدة يومين أو ثلاثة، فكيف لنا أن أشتري المجمد، ولا أعلم شيئا عن فترة تخزينه. وأضافت «عبد السلام» أنها لم تسمع شيئا عن لحوم كلاب أو حمير، وضبط كميات لحوم فاسدة والارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم بشكل خاص، والسلع الأخري بشكل عام، إلا بعد الحديث عن أنفلونزا الطيور وغيرها من الأمراض التي يروجون لها، وقد ضاقت بنا الحال ولا حول لنا ولا قوة! يذكر أن استهلاك مصر من الدواجن يوميا يقدر بنحو 3.2 مليون دجاجة، ويغطي الإنتاج المحلي بعد أزمة أنفلونزا الطيور حوالي 7.1 مليون دجاجة، والباقي عن طريق الاستيراد، وأنه يعمل بهذه الصناعة نحو 5.1 مليون عامل علي مستوي محافظات الجمهورية، وأن استثمارات صناعة الدواجن في مصر قبل أزمة أنفلونزا الطيور، وصلت إلي 20 مليار جنيه.