أخيرا وبعد طول انتظار ، يسافر د. نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية ، إلي سوريا هذا الأسبوع ، حاملا معه المبادرة العربية التي تم الاتفاق عليها في اجتماع وزراء الخارجية العرب ، في اجتماعهم الأخير ، بالقاهرة . ويري كثير من المحليين السياسيين أنه كان ينبغي علي الجامعة العربية أن تتحرك بشكل أكثر فاعلية علي خط الأزمة " بوصفها بيت العرب " لايقاف ما يجري من انتهاكات خطيرة بحق المتظاهرين السلميين ، أو بإيجاد مخارج للأزمة خاصة أن هناك مواقف أوربية وأمريكية عديدة تجاه النظام السوري .. وكان أحري بالجامعة العربية أن تضع الأزمة السورية علي رأس اهتماماتها ، لما لسوريا من من مكانة وأهمية خاصة علي المستويين العربي الإقليمي والدولي. كأن لم يكن ورغم أن بيان جامعة الدول العربية الذي صدر مؤخرا بشأن الأزمة السورية جاء - متوازنا - إلا أن النظام السوري إستاء منه ووصفه بأنه " كأنه لم يكن " . ولكن د." خالد الهباس " مستشار الأمين العام لجامعة الدول العربية يري أن المبادرة العربية لحل الأزمة السورية تعكس وجهة نظر مشتركة وحقيقية لدي الجامعة والنظام السوري. وإن الإطار العام للمبادرة يتضمن وقف العنف ضد الشعب السوري وحل الأزمة بما يحفظ استقرار سوريا ، ويبقيها ركيزة أساسية في استقرار الوطن العربي . وأضاف أنه يوجد العديد من النقاط التي تتضمنها المبادرة العربية لم يفصح عنها الدكتور " نبيل العربي ، حتي يتم إعتمادها وقبولها من قبل القيادة السورية ، مؤكدا أنها ستظل في طي الكتمان حتي تتم مناقشتها ، وتسفر عن نتائج ملموسة. وأشار " الهباس " إلي قرار مجلس الجامعة العربية بأن يقوم الأمين العام بنقل المبادرة إلي الرئيس السوري بشار الأسد هذا الأسبوع ، ولكن في نفس الوقت ، فإن الاتصالات والمشاورات جارية مع الجهات المعنية في سوريا . وكانت مصادر دبلوماسية عربية قد أشارت إلي تراجع مجلس جامعة الدول العربية علي المستوي الوزاري ، عن إرسال لجنة وزارية عربية إلي دمشق إثر إعتراض مندوب سوريا بالجامعة " يوسف احمد " ، كما اعترض علي بعض بنود المبادرة واعتبرها تدخلا في شئون بلاده ، مما دعا مجلس الجامعة إلي إيفاد العربي إلي سوريا. وبينما تسعي الجامعة العربية إلي تقديم حلول للأزمة السورية ، يصعد النظام السوري من عنفه وعدوانه علي الشعب السوري الثائر والمطالب بالحرية والديموقراطية ، مما دفع الإتحاد الأوروبي وأمريكا إلي الإحتجاج علي ذلك ، ولكن لا أحد يريد تدخلا عسكريا في سوريا علي غرار ما حدث في ليبيا ، ولكن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي قاموا بتشديد العقوبات علي سوريا ، من خلال وقف استيراد النفط السوري مما يشكل ضغطا علي دمشق ، إذ أن الإتحاد الأوروبي يستورد 90% من النفط السوري ، وألمانيا وحدها استوردت العام الماضي 32% منه ، وتشكل عائدات النفط نحو 30% من إيرادات الخزينة العامة في سوريا. الضغوط الدولية ويري بعض المحللين أن الضغوط الاقصادية علي سوريا ، تضر بأحوال المواطنين العاديين أكثر مما تضر بالنظام ، فالمواطن السوري البسيط ستزيد معاناته وفقره ، بينما يستمر النظام في عناده وإصراره علي البقاء ، وقمع الشعب ، علي غرار نظام الرئيس العراقي الأسبق " صدام حسين "، والرئيس الليبي " معمر القذافي ". وفيما يتعلق بالموقف الروسي الرافض لفرض عقوبات علي النظام السوري ، فقد قال د." ميتري روغوزين " المندوب السياسي الروسي لدي الناتو في حديث أدلي به لصحيفة " يورو أبسيرفر " الألكترونية ، أن روسيا لن تدعم مشروعا جديدا أعده الإتحاد الأوروبي لمجلس الأمن بشأن سوريا ، لأنه قد يستخدم لشن الحرب ضد الرئيس بشار الأسد ، وقال المندوب السياسي " لا يمكن أن نصدق الناتو الآن ، كما لا يمكن أن نكون واثقين بألا يتجاوز الناتو تفويض مجلس الأمن ، وألا تسقط قنابله علي دمشق». تحرك جدي وأشار روغوزين إلي أن الناتو حول إهتماماته وتوسعه من الشرق حيث جمهوريات الاتحاد السوفيتي الأسبق ، إلي الجنوب نحو المجتمعات الإسلامية التقليدية ، ولكنه يعتقد أن هذه التطورات ستؤدي إلي تقوية النزعات الاسلامية الراديكالية في الشرق الأوسط وأوروبا نفسها . وأكد السفير علي الجاروش بجامعة الدول العربية ، أن الجامعة العربية تتحرك بجدية لحل الأزمة السورية منذ فترة طويلة ، وأجرت إتصالات مكثفة ، إلا أنه يري أن جهود الجامعة العربية واتصالاتها لا يجب أن تكون علنية ومطروحة أولا بأول علي وسائل الاعلام ، وأشار إلي أن الإتصالات كانت علي مستوي القادة العرب ، وكذلك الوزراء العرب ، وأن أغلبها كانت سرية . والسؤال هو هل سينجح د. العربي في حل ، أو حتي حلحلة الازمة السورية. ومساعدة سوريا علي الوصول إلي حلول سلمية للأزمة وإحداث توافق بين النظام السوري ، وفصائل المعارضة هناك أم سيواصل النظام السوري عناده واعتباره أن الأزمة شأن داخلي، لا ينبغي لأي دولة أو جهة أن تتدخل فيها ، حتي لو كانت هذه الجهة هي جامعة الدول العربية ، أو بيت العرب ذاته؟