وزير الدفاع يتحدث عن دور مصر في مساندة القضية الفلسطينية.. ماذا قال؟    استجابة لطلبات الجالية المصرية.. وزارة الهجرة تقترح تسيير رحلات جوية مباشرة بين القاهرة وسول    آخر موعد للتقديم في مسابقة التربية والتعليم 2024.. الرابط والتفاصيل    القائم بأعمال رئيس جامعة بنها الأهلية يتفقد سير الامتحانات بالكليات    وزير المالية: الدولة تحشد كل قدراتها لدفع النشاط الاقتصادي إلى الأمام    محافظ القليوبية يضبط 4 سيارات نقل تلقي مخلفات بناء في أرض زراعية    مواعيد وأماكن قطع المياه في عدة مناطق غرب الإسكندرية اليوم    النائب عمرو هندي: العالم كله أثنى على دور مصر لحل القضية الفلسطينية    بمشاركة زعماء وقادة.. ملايين الإيرانيين يلقون نظرة الوداع على رئيسي (فيديو)    مستشار أبو مازن: يجب استكمال مسار الاعتراف بدولة فلسطين حتى النهاية    الفصائل الفلسطينية تستهدف 3 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في مخيم جباليا    خسائر ب8 ملايين دولار.. أهالي جنين يتفقدون آثار العدوان الإسرائيلي على المدينة    سلمي أيمن وملك إسماعيل تتأهلان لنهائي بطولة نهائي كأس العالم للخماسي الحديث    23 لاعبا في قائمة الأهلي لمواجهة الترجي في نهائي دوري الأبطال    هل تلغى كأس الكونفدرالية؟.. كاف يفجر مفاجأة عن بطولات الموسم القادم وموعد السوبر الإفريقي    «مش عيب والله يا كابتن».. شوبير يوجه رسالة لحسام حسن بشأن محمد صلاح    تريزيجيه: أنشيلوتي طلب التعاقد معي.. وهذه كواليس رسالة "أبوتريكة" قبل اعتزاله    وصول جثمان شقيق هاني أبوريدة إلى جامع السلطان حسين بمصر الجديدة "صور"    ضبط شخصين بمطار القاهرة حاولا تهريب عملات محلية وأجنبية للخارج    «السياحة»: تشكيل لجان لتذليل أي عقبات أمام الحجاج المصريين    ننشر الصور الأولية من مسرح حادث مقتل مدرس داخل سنتر تعليمي بالمطرية    حادث ميكروباص معدية أبو غالب.. قوات الإنقاذ النهري تبحث عن جثة الضحية الأخيرة    عاجل.. رفض طعن منة شلبي وتأييد حكم حبسها    «أزهرية مطروح»: انطلاق أعمال تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية    حيثيات الحكم بتغريم شيرين عبد الوهاب في قضية سب المنتج محمد الشاعر    فيلم السرب يواصل تصدر شباك التذاكر في مصر رغم طرح فيلمين جديدين بدور العرض    لحظة رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج 2024.. «لبيك اللهم لبيك» (فيديو)    أدوار دنيا سمير غانم المتنوعة خلال مسيرتها الفنية: أخرها روكي الغلابة    هل يجب على الحج بمجرد استطاعتي أم يجوز لي تأجيله؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مستشار الرئيس: مشروع تصنيع مشتقت البلازما استراتيجي.. والسيسي يدعمه    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية في الشرقية والمنيا    «صحة المنيا»: تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن خلال شهر    أسعار السمك في أسيوط اليوم الخميس    تخرج الدفعة العاشرة من طلاب برنامج التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    تداول 15 الف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر ووصول 740 سيارة لميناء بورتوفيق    تعرض طالبة الإغماء خلال إمتحانات الإعدادية بالفيوم    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    إعلام عبري: العدل الدولية تستعد لإصدار أمر بوقف الحرب في غزة    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    جامعة النيل تستضيف ورشة عمل حول "الظاهرة الثقافية لجمع المقتنيات"    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    رئيس جامعة المنيا يفتتح مهرجان حصاد «نوعية» في نسخته الأولى    رئيس جهاز مدينة 15مايو يتفقد المشروعات الجارية.. ويجتمع بمسئولي الجهاز    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    توريد 211 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    أحمد العوضي ب «لوك جديد» في احدث ظهور له..ويوجه رسالة (صورة)    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشباب بين الواقع والمأمول.. مؤتمر بمكتبة الإسكندرية في مواجهة قوي ظلامية تنشر الخرافة بين العرب
نشر في الأهالي يوم 11 - 03 - 2010

ونحن وقوف في بهو نقابة الصحفيين أثناء انعقاد الملتقي الثاني لقصيدة النثر بها والذي بدأ 21 فبراير واستمر لأربعة أيام، لاحظت اقتراب شاب بورقة وقلم من الشاعر السوري منذر مصري وظننته صحفيا ثم اقترب مني فإذا به شاب يطلب بل يتوسل أن أساعده - إن استطعت - في العثور علي عمل وبالأحري الالتحاق بوظيفة حكومية ثابتة، لأنه قال إنه يعمل في أشياء مختلفة لكسب الرزق، الشاب مصري ووعدته أن أكلم شخصية ما بشأنه مع توضيحي أنني في الحقيقة لا أعرف شخصيات مؤثرة بالمعني الذي يرجوه.
محمد مسامح عشري.. إنه واحد من ألوف الشباب المصري والعربي الذين لا يلتفت إليهم سوق العمل في بلدي وهو يقترب حثيثا من الثلاثين وحكي لي فصولا من مأساته بل مأساة جيله وطبقته المظلومة في أبسط الحقوق التي وضعتها الدساتير.. حق العمل، وهو يحكي أصابني الغم، وقتها لم تكن جاءت لي دعوة مكتبة الإسكندرية لحضور المنتدي الخامس للشباب العربي والذي انعقد في الفترة من 27 فبراير إلي 1 مارس الجاري تحت عنوان مثير هو «التمكين الاقتصادي للشباب العربي»، بمشاركة تدعو للزهو: 630 شابا وفتاة من الدول العربية.
تحدث وزير الشباب المصري السابق د. علي الدين هلال عما وصفه بالقوي الظلامية التي تنشر الخرافة والتعصب بين الشعوب العربية موضحا أن السبب في كون العرب في أواخر الأمم يعود إلي مجموعة من الظروف التاريخية والهيمنة الاستعمارية، فيما حث مدير مكتبة الإسكندرية د. إسماعيل سراج الدين الشباب العربي علي التسلح بالأمل مهما بلغت التحديات، لافتا إلي آثار العولمة في تطوير المجتمعات بسرعة كبيرة وزيادة الثروات وزيادة الفقر أيضا، كما أشار إلي الحقيقة المفجعة وهي أن هناك مليار إنسان يعيشون تحت خط الفقر ولا يستطيعون تأمين قوتهم اليومي، غير أنه دعا إلي الإصلاح الشامل من خلال السلام العادل بعيدا عن التدخلات العسكرية.
وجدت نفسي أعود إلي محمد مسامح عشري، حتما كان الأمن سيمنعه هو وغيره من المشاركة إذ كان الأمر - حتي معي - يحتم إما شرائي تذكرة وإما الاستعانة بالمركز الصحفي ليمنحني كارت التعريف علي العنق قبل أن أدخل وأخضع للتفتيشات الأمنية المعتادة.
الشغف للتغيير
قالت بونام أولوالي «الهند» من علي المنصة أنه «بدون الشغف للتغيير فإن الحياة لا تكون غنية كما يجب» ولكنها أوضحت أن جمال الأفكار لا يلغي السؤال المحوري: كيف يمكن تحويل تلك الأفكار إلي واقع؟.
وتحدث كارل موسفلت الذي عمل في بلاد شتي منها الهند وأفغانستان وهو رئيس مؤسسة «تالبرج» التي وصفها بأنها نوع من المكتبات وشدد علي خطورة كون سكان الأرض سيصبحون قريبا 9 مليارات نسمة، في رؤيته نحن «أي العالم» نحتاج إلي إعادة عمل أو تشكيل العالم بإعادة بناء الأمل والإلهام في الشباب من خلال حس «بهدف مشترك»، أحسسته يصف الواقع المصري بهذه الكلمات القليلة ودون قصده.
فحيث تسبب اختلال التوازن البيئي في فرض ضغوط مختلفة بخلقه مشكلات ترتبط بالمياه والتصحر وتراجع الأرض القابلة للزراعة والإنتاج، فإن الهجرات البشرية والصراعات الاجتماعية الناجمة عن هذه التغيرات والتوترات بدورها تؤدي إلي المعاناة والعنف.
قال موسفلت: نحن بحاجة لخلق مليار وظيفة جديدة في العشر سنوات المقبلة ولكن ليس مثل الوظائف التي كانت موجودة في الماضي «مؤسسته تعني الحروف الأولي من شعارها كلمة yes».
مبان.. وخيام
قدم موسفلت كلمة رأيتها نقدا حتي وهو يشكر مكتبة الإسكندرية إذ قال: «نحن لا نملك مبني مثل مبناكم هذا لأننا نجتمع في خيمة تسع 800 شخص ونقوم بنقلها.. وذلك لأن العالم الذي نتجه صوبه لن يكون كالعالم الذي أتينا منه».
أما تالا نابلسي مديرة مشروع شباب من أجل التغيير «بالشراكة مع مكتبة الإسكندرية» فقد أوضحت أن مشروعها الطموح يشمل منسقين محليين من 14 دولة ولديهم 30 فائزا بالمنح لحضور هذا المؤتمر لعرض مشاريعهم التنموية وهناك موقع للمشروع Taking IT Global يعد منبرا للشباب يهدف إلي تبادل الخبرات فيما بينهم وتم افتتاحه بالعربية وعدة لغات بعد الإنجليزية وثمة منح لحضور منتدي الشباب العالمي بتركيا عبر مسابقة فنية يرعاها المشروع.
الحق.. بين الواسطة والمبادرة الشخصية
ولقد لاحظت في المداخلات داخل قاعة امتلأت بالشباب العربي والمصري أن ثمة مسافة أحيانا كانت تمتد وتنحسر بحسب المتحدث علي المنصة أو بين الشباب، بعض الشباب كان يقدم نفسه أنه من الحزب الوطني وبعض الحضور كان من لجنة أمانة السياسات وكان هؤلاء يشددون في تعقيباتهم علي ما قد يذهب إليه أحد الباحثين من ضرورة اتجاه الشباب بنفسه بحثا عن العمل وألا ينتظر الوظيفة الأمر الذي تبدي حين صعد متحدث من شباب اليمن في مداخلة أوضح فيها الميل الطبيعي لدي الشباب في اليمن للعمل الحكومي طلبا للأمان والاستمرارية.
والحقيقة أن الدعوات المتكررة للشباب لأخذ زمام المبادرات بأيديهم تبدو خبيثة إذ توحي بسلطوية متعولمة كأنما هدفها إعفاء الدولة من التزاماتها تجاه المواطن أيضا، خاصة وأننا حين نقترح علي الشباب قيامه بمشاريع خاصة فإننا نقترح نمطا اقتصاديا معينا بالتأكيد وأقصد اقتصاد السوق أو ما يعرف بالاقتصاد الحر ثم إننا - في مصر علي الأقل - لا نوفر المستوي التعليمي المسلح باللغات القوية وروح المغامرة والشجاعة في اتخاذ القرار، لهذا مثلا حين سألت الشاب الذي التمس مساعدتي في النقابة إن كانت إنجليزيته جيدة قال بعجز يائس: «إنجليزي المدرسة».
إذن النخبة - وبرأسمال أولي - هي التي تملك الخروج عمليا من أزمة البطالة التي مازلنا نعقد حولها المؤتمرات فمن ناحية أفراد النخبة من الشباب هم من يملكون «الانتظار» لحين العثور علي وظيفة دائمة أو اختيار العمل الحر كما لمست في تجارب أصدقاء أخي وهؤلاء هم خريجو المدارس الأجنبية، ومن ناحية أخري فإن مهاراتهم بفضل التعليم «الأفضل» الذي يربطهم بالسوق لا تجعلهم في احتياج ملح لاعتماد مبدأ الواسطة مثل الفقير المحروم من فرص التعليم الجيد أو المرتبط بالنمط الغربي، وكانت هذه رؤيتي إلي أن وجدت تجسيدا لها في الدراسة الرائعة للدكتور كمال نجيب بكلية التربية جامعة الإسكندرية والتي كان عنوانها «القيم التعليمية للشباب في عصر العولمة».
العولمة وفساد القيم
أوضح د. كمال أن تدفق تأثيرات العولمة فرضت أن يكون التحول الاجتماعي والاقتصادي ليبراليا واضحا بحيث يصبح المشروع الخاص هو القاعدة الأصل في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات المتقدمة والنامية، ما أدي إلي تكريس الانقسام «محليا ودوليا» بين من يملكون ومن لا يملكون واتسم الاستقطاب الجديد بدخول عامل جديد للتمييز الطبقي علي الخط وهو الاختلاف الجذري بين فئات المجتمع في الاستفادة من خدمات التعليم والصحة والتكنولوجيا الحديثة «وقد لاحظت أن الكثير من الشباب والحضور في ندوات المنتدي كانوا إما يتحدثون لغة أجنبية وإما يحملون أجهزة الكمبيوتر خاصتهم»، وشددت الدراسة علي أن التعليم هو المدخل الرئيسي لتمكين الشباب في كل القطاعات خاصة في ضوء غياب «الثقة في المجتمع» والتي يغيب معها الشعور بالأمان، ما بين فقراء الشباب الذين ينغمسون فيما وصفه ب «الكفاح الدائم من أجل الاستمرار في البقاء، ويعملون ويتعلمون في نفس الوقت في أحيان كثيرة» والفريق الآخر الذي ينتمي إلي الفئات الاجتماعية العليا والوسطي حيث يصبح أي حديث عن تجانس مفترض بين الشباب علي المستوي العالمي، حديثا مضللا ومغلوطا.
وأضاف د. كمال أنه «في ظل العولمة الجشعة تسود أخلاقيات السوق والقيم المادية علي كل ما عداها من الشئون الإنسانية».. وتتم محاصرة سيادة واستقلالية البلاد الضعيفة فينتج من ضيق الفرص التعليمية ضيق سوق العمل وتخلي الدولة عن ضمان فرص عمل للشباب وزيادة التحيز الفردي والشعور بالاغتراب ودعم الانتماء وافتقاد المعني وسيادة النزعة القيمية الاستهلاكية، أو المزيد من الانكماش والتهميش والشعور بانحياز المجتمع للأغنياء ونشوء حركات التعصب الديني والقومي في أوروبا والدول العربية خاصة أن تفكيك الأنظمة التعليمية لا يأتي ضمن مشروعات الإصلاح التربوي «ذلك التفكيك المرتبط بالسوق» وإنما هي تغييرات سياسية - اقتصادية، لأنها تتبع «إصلاحات ذات توجه مالي أو تمويلي»، وأن بروز مشروع المحافظين الجدد في التعليم في الخطاب السياسي والتعليمي في المجتمعات العربية يعود إلي إذعان الحكومات العربية للضغوط الخارجية التي تمارسها الدول المهيمنة علي النظام العالمي، لاسيما الولايات المتحدة، ومؤسسات التمويل الدولية.. وفي مقدمتها البنك الدولي، فالجامعات العربية لا تستوعب أكثر من 19% من مجمل الفئة العمرية المقابلة لهذا التعليم (18 - 24 سنة)، الأمر الذي يجعل د. كمال نجيب يشدد علي أن «نواقيس الخطر يجب أن تقرع بلا هوادة».. «لأن منظومة التعليم في الوطن العربي قد عجزت عن أن تحقق للشباب أسمي حقوق مواطنته وإنسانيته عبر ديمقراطية شاملة لتكافؤ الفرص التعليمية».. وأكد بوضوح: «لقد حان الوقت ألا يحتكر الكبار الأساليب التي يدار بها التعليم وما يرتكز عليه».
الاقتصاد الأزرق؟
وتحدث أيضا في المنتدي رئيس مؤسسة «زيري» كارل جونتر باولي الذي أنشأ مصنعا للصابون عام 1990 ولكنه سرعان ما اكتشف - بحسب كلامه - أن استغلال الغابات لاستخراج زيوت معينة يدمر بيئة بعض الحيوانات مثل «الأورانج تان» وعلي حين أثار كلامه اندهاشي وهو يشير إلي ما اعتبره فشل تجربة «الاقتصاد الأحمر». مشيرا إلي اقتصاد الصين وإن كنت لا أفهم كيف وهي التي غزت العالم بمنتجاتها» اقترح الباحث ما أسماه «الاقتصاد الأزرق» الذي يهدف إلي زيادة الابتكار وتقليل الاستثمار لتوفير الطاقة في المجتمعات البشرية، اقترح أفكارا جديدة داعيا إلي الأخذ بتجربة تحتاج التوسع بعد ألمانيا وهي الاستفتاء - في مجالات بعينها - عن البطاريات.. وتشغيل هواتف محمولة أو تصنيعها بالأحري وسماعات للأذن وصمامات للقلب بدون بطاريات التي دعا إلي استبدالها بطاقة الجسم الإنساني، وأشار إلي تجربة تشغيل 10 آلاف شخص في زيمبابوي وصربيا وكولومبيا في عمليات هدفها تحويل مخلفات مزارع القهوة إلي غذاء.
فاتني هامش من الموائد المستديرة عن البطالة وثقافة الهجرة ولاحظت مرارا التصفيق أو أقول الاكتفاء به، مما كان يؤكد مشكلة شباب هذا الوطن فالعرب ليسوا ظاهرة صوتية بقدر ما هم ظاهرة «تصفيقية»، تساءلت: لماذا يشعرون أنهم يجب أن يصفقوا؟.. ومهما كان الحديث؟.. ألا يدل ذلك بوضوح علي غياب العقلية النقدية؟ ألا يشي ب «تلميذية» الأداء وشعورهم بسطوة المنصة وأي صاحب سلطة يجلس ليقرأ ورقة ما عليهم شأن أساتذتهم؟، أقول هذا لأنه حتي عندما كانت «المنصة» متحررة وتستحثهم علي التحرر، كانوا يأبون، وآمنت بأن العادات القديمة وطرز التفكير والأداء التقليدية تأخذ وقتا طويلا لكي تتغير.
تأهيل مبن علي المجتمع
تحدث فراس جابر «فلسطين» وهو مدير مركز بيسان للحقوق والإنماء عن سبل إعداد الشباب لسوق العمل «مقدما مقاربة جديدة». أوضح فراس أن 5.21% هي نسبة المشاركة في القوي العاملة بلغت منها مشاركة النساء 4.15% فقط بينما في قطاع غزة كانت نسبة العاملين في قطاع الزراعة هزيلة جدا، وبين في ورقته القيمة أن 52% في كل فلسطين المحتلة لا يتوقعون الحصول علي وظيفة بعد تخرجهم مباشرة، وأيضا 52% لم تسبق لهم زيارة أماكن متخصصة بعملهم المهني، لكن الجديد في ورقته ذات النزعة الإنسانية كان تشديده علي كيفية إعداد سوق العمل لمتطلبات قوي العمل وليس العكس «خاصة الشابة منها» والفكرة الرئيسية في التحول من تأهيل مبن علي السوق إلي تأهيل مبن علي المجتمع ويري أن المراكز الأكاديمية هي المدخل الأساسي لمثل ذلك التأهيل بالتعاون مع المنشآت الاقتصادية وتطوير المناهج لتصبح عصرية وترتبط بالمهارات والمعرفة في آن. وطرح الباحث سؤالا مهما أو محوريا وهو: هل يمكن التخلص من تخصصات معينة لأنه لا يوجد عليها طلب كبير؟.
وجوابه الأولي هو أنه يجب أن تظل جميع التخصصات متوافرة حتي لو كانت قدرتها علي المنافسة في سوق العمل ضعيفة لإتاحة هامش للإبداع والتنوع في شتي التخصصات بما تحمله من إرث ثقافي وحضاري معين كما اقترح إتاحة تنقل التخصصات المطلوبة الناقصة لكل دولة عربية «بين الدول العربية» وذلك ضمن توصيات شتي.
الضغوط الدولية علي التنمية
وتحدثت حنان المقطري «الملتقي الوطني لحقوق الإنسان ومنسقة مؤسسة التنمية في اليمن» عن أزمات التعليم بنظمها «المتخلفة التلقينية وازدواجيتها» وضعف أداء التعليم المهني بسبب الموقف الاجتماعي منه، مشيرة إلي العمالة المحبطة وتلك التي تعمل لبعض الوقت حيث يؤدي انتشارها إلي عزل أفرادها عن باقي المجتمع وفقدان الثقة في النظم الحاكمة ومؤسساتها وزيادة عدد الأطفال الذين يلتحقون بسوق العمل وإضعاف المشاركة السياسية للشباب العاطل. لفتت الباحثة إلي أن ثلاثة أرباع العاطلين عن العمل في اليمن هم من الداخلين الجدد إلي سوق العمل فيما أكدت دراسات عربية ومحلية - بحسب كلامها - أن نسبة البطالة في اليمن تتجاوز 40% وهذا خلاف إحصائية رسمية كما قالت، تفيد بأن نسبة البطالة بلغت 35% أضف إلي هذا الفجوة بين العرض والطلب، مبينة أن هناك تقريرا رسميا قد كشف عن فشل الخطة الخمسية الثالثة 2006/2010 في تخفيض معدل البطالة إلي 12% بحسب ما كان مخططا له.
وأضافت المتحدثة «نحن نعاني من ضغوط المؤسسات المالية الدولية للتخلي عن برامج التنمية وعدم وجود تنسيق بين سياسات الاستخدام من جهة وسياسات التعليم والإعداد»، لذا تقترح حنان المقطري المبادرة إلي تكوين قاعدة معلومات تفصيلية عن سوق العمل والاحتياجات المستقبلية وتوفير المناخ المناسب لزيادة الاستثمار وتطوير النظم التعليمية واعتماد سياسة رفاهية العمل، وربط المدخلات بالمخرجات والتعاون العربي في مجال التنسيق بين الاحتياجات وتحسين بيئة العمل وإدخال تعديلات علي التشريعات المرتبطة بالموضوع.
وفي ورقتها «العمل عن بعد» شرحت هدي منصور «مصر» مزايا العمل من المنزل لافتة إلي أنها تعمل مع جامعة في فرنسا حيث إما يكون العمل للعاملين بأجر والمستشارين من منازلهم وإما أماكن أخري، أو الطريقة الثانية هي للعاملين لحسابهم الخاص وأكدت أن هذه الطريقة تناسب المعاقين وإن كان بعض الخبراء قد يؤكدون زيادة عزلتهم نتيجة ذلك، والحقيقة أنها في معرض شرحها لمزايا وقلة تكلفة العمل عن بعد مقارنة بالعمل المنتظم في مؤسسات بمعني عدم وجود متطلبات شكلية أو اجتماعية أو ضغوط زمانية «مواعيد التوقيع.. إلخ» كانت تؤكد أن هذه الطريقة تناسب المرأة أكثر وخشيت أنها ربما لا تدرك مغزي كلامها في ضوء الأصوات التي ظهرت في مجتمعنا الآن تطالب بعدم عمل المرأة والتزامها المنزل لكن عدا ذلك فالتجربة ذاتها تنطوي علي نخبوية افتراضية من الأساس.
التجارب.. الناجحة فقط!
وفي الجلسة الختامية ثم عرض ما وصف «بالتجارب الناجحة للشباب»، هكذا كان عنوان المحور المستفز، عرض علي الدين هلال، لاحتمالات تغير السياسات الحكومية بما قد يؤدي لفشل بعض المشروعات وفيها تحدث عصام أسعد من العراق «منسق حركة شباب عراقي من أجل التغيير ويعمل مدرسا مساعدا بجامعة النهرين ببغداد فشرح أن أبرز التحديات التي تواجه الشباب العربي بصدد إنجاز المشروع الخاص «ولاحظوا: يفترض أن هذا المشروع دائما اقتصادي وخاص» هي محدودية فرص العمل من الأصل وتدني مستوي التعليم وغيرها، فيما الشباب من الناشطين مثله - بحسب كلامه - يواجهون الفساد الإداري والسياسي وضعف البناء الاقتصادي وضعف الشفافية والفساد في استثمار أموال المنح واحتكار بعض القيادات الشبابية للعمل، وأكد وهو يقول «أنتم تعرفون الوضع الأمني داخل العراق» أنه انسحب مما يسمي ب «برلمان الشباب العراقي» الذي لا يؤمن به الشباب كما يقول بسبب سيطرة السلطة التنفيذية عليه داعيا إلي تحرير منها.
وتحدث في ذات الجلسة هشام صابور من الجزائر فأوضح أن بلده أنشأ وحدة تشغيل الشباب لتمويل مشاريعهم في الصناعة والزراعة فمثلا البرنامج الوطني للدعم الفلاحي ساعد الشباب الجامعي وغير الجامعي عبر منح أراض زراعية والدعم في العتاد الفلاحي وحقق نجاحات كبيرة - بحسب المتحدث - لأن البنوك لا تأخذ فائدة «وتعطي الشباب التصريح الإداري مقابل العمل ثم العمل ثم العمل».
أعطونا الحرية.. نعطكم أنفسنا
وفي جلسة ساخنة وحيوية ضمن نفس العنوان العريض للتجارب الشبابية الناجحة تتناول مشروعات تطوير نوعية الحياة ورغم تشديد المنصة علي ضرورة الحديث عن التجارب الناجحة، اختلفت المسائل نوعا مما رأيته إثراء للنقاش.
مثلا بدأت أسمع أصواتا حقيقية وسط طوفان الأصوات غير المنتقدة فقال إسحق شارية وهو محامي ورئيس منظمة الشبيبة الليبرالية بالمغرب ويكتب مقالا أسبوعيا بعنوان: «نشيد الحرية» في مجلة «الصباح» الأسبوعية: «نحن لا نري في بلادنا سوي ديمقراطية مترهلة واحتكار لمجالات اقتصادية وحقوق إنسان تتحرك بطريقة جد متأنية، إن كل أسباب الفشل في وطني والأوطان العربية هي ذات صلة بغياب الديمقراطية، إن الأوضاع يجب أن تصلح من أساسها، لماذا نجحت النماذج الأوروبية؟ هل هناك مشكلة في العقل العربي؟، أبدا ولكنا لم نجد مساحات من الحرية لنبدع ونشتغل كما نريد وإن كان لي أن أقدم نصيحة سأقول للشباب العربي.. حتي لو كانت الأوضاع أفضل فواجبكم أن تطالبوا بالمزيد، ذلك أن الشاب العربي لا يحتاج لدعم الدولة كصدقة بل للحرية».
حين بدأ شارية الحديث حدث لغط في ميكرفونه فعلق أحد رجال المكتبة «شفت اللي حصل لما بدأت تتكلم في السياسة». وعقب ذلك تحدث هشام شيا من لبنان «ناشط في المجتمع المدني» فأكد بجسارة أن تمكين الشباب يعني شيئا واحدا: إن السياسة هي الحل، وقال: نحن لا نريد شبابا تأتون بهم هنا لنجلس وهم يمثلون الحزب الحاكم وتقولون هؤلاء هم الشباب، أما لدينا في لبنان فهم يتحدثون عن مشاريع اقتصادية للشباب اللبناني ومع ذلك يوجد تحذير بألا يقترب من السياسة، هذا لا يجدي لأن حق الشباب هو المشاركة في تطوير النظام التعليمي والاقتصادي وغيره».
شباب ديكور؟
وأثارت كلمته أكثر من فتاة من مصر فأكدت اثنتان نفس ملحوظته عن انتخاب الجمهور المسموح له بالمشاركة، كما حكت لي أخريات بعد الجلسة أن استمارة تقديم طلب المشاركة لا التحدث التي اشترطتها مكتبة الإسكندرية «أو الأمن بها» كانت هائلة الحجم واستغرقت وقتا هائلا وهي من عدة صفحات.
وقال علي برهان وهو طالب من جزر القمر يدرس في الأزهر ومتطوع في موقع إلكتروني بسفارة بلده «أنا عندي مشروع صغير في جزر القمر لكن المشكلة أن المواطن القمري لا يحصل علي تأشيرة للدول العربية بسهولة وأنا أسأل لو كان المرء سيتطوع في أي مؤسسة حكومية فمن سيتم تعيينه؟»، بينما طالب محمد المغربي «مصر» بعرض ميزانية المنتدي بشفافية علي الإنترنت وضرورة تقليص المصروفات الباهظة في المؤتمر التالي والحصول علي وجبات وأماكن إقامة اقتصادية وأقل بهرجة وأن ذلك يجب أن يكون مطلبا شبابيا وهو ما صفقنا له بالفعل.
وقال منصور الحريري رئيس اتحاد الشباب في عدن باليمن «إن الشاب لا يستطيع أن يعمل في المجتمع المدني قبل أن يؤمن حياته أولا فالمتطوع يعمل لفترة ثم يتجه إلي شئون حياته وأعلم أن مشروع «نسيج» له بعد تنموي لكني أري أن هناك مخصصات للشباب لا تذهب إليهم لذا أري ضرورة تمكين الشباب العربي للوصول إلي مراكز صنع القرار ذلك أنه من السهل بناء المدارس لكن ليس من السهل بناء العقول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.