اشتهرت الأحياء الشعبية قديما بوجوب «الخاطبة» في كل حي تقوم بدور الوسيط في إيجاد شريك الحياة وفي التعارف بين العائلتين لإتمام الزواج، أما في الوقت الحالي ومع التطور التكنولوجي الذي يشهده العصر ظهرت وسائل أخري تتناسب مع هذا التطور الذي وصلنا إليه ولكن بصورة مختلفة تمثلت في مواقع الزواج علي النت ومكاتب الزواج والتي انتشرت بأعداد غير قليلة دون وجود أي تراخيص لمزاولة المهنة أو رقابة من الدولة علي هذه المكاتب. وفي جولة قامت بها «الأهالي» داخل أحد مكاتب الزواج للتعرف علي نظام العمل وجدت أنه بمجرد حضور الشاب أو الفتاة راغبي الزواج يقوم بملء استمارة بقيمة 100 جنيه يسجل فيها جميع البيانات والمعلومات الخاصة به ووضع مواصفات الطرف الثاني وبعد ذلك يقوم مدير المكتب بعمل توافق بين الاستمارات وخلال أسبوع واحد يجري مقابلة بين الطرفين بعشرين جنيها وقد تتم في الغالب أكثر من مقابلة وعند حدوث موافقة وقبول بين الطرفين وإتمام الزواج يحصل المكتب علي مبلغ 500 جنيه مكافأة زواج. ويقول مدير المكتب المهندس محمد عبدالمالك إن لديه ترخيصا وسجلا تجاريا لمزاولة المهنة وهذا الترخيص يلزمه بالزواج الشرعي عن طريق المأذون وليس الزواج العرفي أو المسيار. وأشار إلي أنه توجد مكاتب زواج كثيرة تعمل بدون ترخيص وتهدف فقط لتحقيق المكاسب. وعن الأعمال الأكثر إقبالا علي المكتب قال «عبدالمالك» يأتي للمكتب أفراد من جميع الأعمار غالبا ما تتراوح أعمارهم ما بين (25 - 55 سنة) وتكون المواصفات الأساسية في الغالب بالنسبة للسيدات أن يكون لديه «عمل ودخل ثابت» أما الرجال «أن تكون من عائلة محترمة وجميلة». رأي الشباب تقول «منار أحمد» 25 سنة بالطبع أرفض الارتباط عن طريق مواقع الزواج أو مكاتب الزواج لأنها تجعل من البنت سلعة للعرض والطلب فمهما كانت الظروف الاقتصادية والاجتماعية وعدم وجود شريك الحياة المناسب لن ألجأ لهذه المكاتب المليئة بالزيف وبعض البنات رغم علمهن بهذا يلجأن لهذه الطريقة في الزواج هربا من لقب «عانس». ويتفق معها في الرأي «محمود عبدالله» (28 سنة) ويقول لن أقبل علي الارتباط بهذه الطريقة أيا كانت الظروف والأسباب والعلاقات الاجتماعية أصبحت أكثر نضجا، وأفضل الارتباط من خلال مجال العمل والأصدقاء والأقارب فالتعارف يكون واضحا ومبنيا علي الصدق والمعرفة بعكس التعارف عن طريق مواقع ومكاتب الزواج والتي تهدف للربح. اجتماعيا قالت د. عزة كريم - أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية: إن الزواج يعني ارتباط اثنين لتكوين أسرة وإيجاد أطفال وعلاقة أبدية وفي الواقع لابد أن تبني هذه العلاقة علي توافق شبه كامل بين الزوجين في الطباع وعلي المستوي الاجتماعي والفكري والاقتصادي والتعليمي وهذا الوضع لن يحدث إلا بمعرفة بين العائلتين وما تفعله مواقع ومكاتب الزواج هو توافق في الخيارات دون النظر إلي التفاصيل وهذا زواج تجاري فكلا الطرفين لن يستطيعا أن يتعرفا علي المعلومات الحقيقية والصادقة فيوجد نوع من التضليل لا يكتشف إلا بعد الزواج ويكون الفشل نتاج هذه الزيجات. وترجع د. عزة إقبال بعض الفتيات علي هذه الطريقة في الزواج إلي تأخر سن الزواج في مصر والوطن العربي، وذلك أدي إلي أن الفتاة تحاول محاولات كثيرة حتي لو كانت غير مقنعة للارتباط وهذه الأزمة لن تفرج إلا بالعودة للسن الطبيعي للزواج والثورة التي حدثت نتمني أن تعمل علي إعادة التفكير في قانون الإيجارات المجحف للشباب وإيجاد حلول لمشكلة البطالة ووضع حد أدني للأجور يتناسب مع الزيادة في الأسعار وبهذه الطريقة ستحل مشكلة تأخر سن الزواج.