أصدرت لجنة الحق في الصحة بيانا قالت فيه إن وزارة الصحة الحالية تحت رئاسة الدكتور أشرف حاتم تتصرف باعتبار أن ثورة 25 يناير لم تصل إليها بعد، وباعتبارها استمرارا لوزارة الدكتور حاتم الجبلي الذي أمضي خمس سنوات في الوزارة مدافعا باستماتة عن سياسات خصخصة الصحة والعلاج في مصر لحساب المستثمرين في الصحة وعلي حساب حق شعبنا في خدمات صحية حقيقية. وهذا غير مستغرب من الدكتور أشرف حاتم زميل الدكتور حاتم الجبلي في لجنة سياسات الحزب الوطني راعية خصخصة الصحة منذ إنشائها عام 2002 كما توضح كل أوراق الصحة المقدمة لمؤتمر الحزب الوطني منذ سبتمبر 2002 وحتي آخر مؤتمر! لقد بذل الدكتور أشرف حاتم جهدا ضخما في تمرير قانون تحويل التأمين الصحي الاجتماعي إلي تأمين تجاري من خلال حرمان المواطنين المصريين من خدمات صحية متكاملة، حيث يعطي المنتفعين الجدد الذين يخضعون للتأمين الصحي لأول مرة (من عمالة غير منتظمة وفلاحين وغيرهم من الفقراء) حزمة انتفاع أساسية تتكون أساسا من رعاية صحية أولية فقط! كما حاول تقليص الأمراض التي يعالجها التأمين الصحي حاليا بإلغاء علاج الأورام والجراحات الدقيقة من الخدمات العلاجية التي تقدم لهم لكي تقتصر علي رعاية صحية ثانوية أساسا تخلو من الرعاية الصحية المهارية الثالثية المتقدمة. وأضاف البيان أنه صاحب تقليل الخدمات ذلك تقليل عبء الاشتراك علي أصحاب الأعمال وزيادته علي المشتركين بفرض دفع نسب من تكلفة العلاج ورسوم كثيرة علي المنتفعين، بالإضافة إلي اشتراكاتهم بالطبع. ورغم المقاومة المستميتة لشعبنا المصري وقواه الحية وعلي رأسها لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، ورغم رفض مجلس الدولة ومحكمة القضاء الإداري مرات متعددة لتلك الخصخصة أصر حاتم الجبلي باستماتة علي الاستمرار فيها عبر مشروعه لقانون التأمين الصحي بمسواداته المتعاقبة. ثم يأتي الوزير أشرف حاتم لكي يشكل لجنة لإعداد قانون التأمين الصحي الجديد لكي يكون جاهزا عند انتخاب مجلس الشعب القادم للإقرار فتنطلق اللجنة من مسودة 18 لمشروع الجبلي كأساس، وتعتزم إجراء (بعض التغيرات) عليه، رغم أن آخر رد لمجلس الدولة علي تلك المسودة عينها في ديسمبر الماضي رفض المساومة علي تعديلها قائلا إن أي تعديل لابد أن يطال منطقها، ولهذا اكتفي بإبداء 12 ملاحظة تنتقد جوهر المشروع تاركا للوزارة تحمل مسئولية ما تقترف يداها دون موافقة منه! حزب وطني وحينما يشكل الوزير الحالي لجنة لتعديل تلك المسودة المشئومة فإنه بالطبع يشكلها من أعضاء حزب وطني ومديرين بحكم مناصبهم ويزين اللجنة المكونة من 15 عضوا بعضوين من المعارضة أحدهما عن حزب الوفد والآخر عن حزب التجمع، وبالطبع لا صلة لها بالتحالف القومي الواسع الرافض لخصخصة الصحة من قبل! بل إنه يطبق أسوأ ما في سنة سلفه بإعلانه عن أنه سوف يطبق القانون الجديد الذي لم يقر بعد في الإسكندرية!!! لا يكفينا كيف تبجح الجبلي وقال إنه طبق القانون قبل إقراره في محافظة السويس، وهو ما أنتج فشلا زريعا وسخطا شديدا بين أهالي السويس وخبراء الصحة علي السواء، بل يأتي الوزير بقرار التحدي للرأي العام وتطبيق القانون في الإسكندرية أيضا! الأجر والدخل ويسوق وزير الصحة هذا الخبر السام مغلفا في العسل بادعائه أنه قرر تطبيق عدم تجاوز الحد الأقصي للأجور في وزارته عن 20 ضعفا للحد الأدني، ولكن من المشروع لنا أن نتساءل لماذا الحديث عن الأجر وليس الدخل مما يعني استبعاد الأجور المتغيرة؟ (ونحن نعرف أن إجمالي الأجور الثابتة في مصر لا تزيد علي 19% من رقم الأجور، بينما تزيد الأجور المتغيرة علي أربعة أخماسها!) ألا يحق لنا بمقتضي قواعد الشفافية أن نسأل عن إجمالي ما يتقاضاه وزير الصحة وكبار رجال الإدارة العليا الآن من دخول من عملهم؟ إن أي مطلع علي الإنترنت يستطيع معرفة دخل الرئيس أوباما السنوي، بل وإقراره الضريبي هو والوزراء. وإذا كان أوباما يحصل علي مرتب يبلغ 400 ألف دولار في السنة، بينما يحصل وزراؤه علي 192 ألف دولار في السنة (بما يعادل أقل من 95 ألف جنية شهريا)، بينما يوجد في حكومتنا 1000 موظف يزيد مرتب الواحد منهم علي مليون جنية شهريا (أكثر من 7 أضعاف مرتب أوباما شخصيا!). ولكي تكتمل قتامة الصورة لابد أن نعرف أن الحد الأدني للأجور في الولاياتالمتحدة هو 15 ألف دولار في السنة (أي بما يزيد علي سبعة آلاف جنية مصري شهريا) أما في بلدنا فهو بين مائة ومائة وخمسين جنيها شهريا، أفلا يحق لنا أن نقول إن قطار الثورة لم يصل بعد حتي هنا؟! إن الامتحان الحقيقي لنجاح الثورة سوف يتبدي في وزارة الصحة حينما يزول رجال العهد القديم وسياساتهم البائدة المعادية لمصالح الشعب والأطباء والموظفين. ولابد أن نراقب موازنة الحكومة للعام القادم لكي نري هل مازال الإنفاق الصحي يحتل مكانة متدنية (4.5% من الإنفاق الحكومي كما كان العام الماضي أو يزداد زيادة متواضعة) أم سيحتل المكان اللائق به ليصل إلي نسبة 15% من الإنفاق الحكومي التي تم الاتفاق عليها عالميا. كما سنري هل سيستمر هيكل الأجور الظالم أم سنري هيكلا عادلا بنسبة بين الحدين الأدني والأقصي لا تتجاوز 20:1 وإلغاء فوضي الأجور المتغيرة الهائلة. كما أن نجاح السياسة الصحية الثورية لا يعني أقل من تحقيق التأمين الصحي الاجتماعي فورا بشكل حقيقي وليس كما ادعاه الوزير السابق، أي تأمين صحي ضد كل الأمراض ويشمل كل أفراد الشعب دون تفرقة!