تجمعت سحب اخوانية في لندن بكثافة في ظل المعركة المصرية مع مكتب الارشاد والتنظيم الدولي والقوى المتحالفة والداعمة بالمال والدعاية مشروع عودة محمد مرسي من سجن طرة إلى مقعد الرئاسة في قصر الاتحادية . وقد يبدو هذا الحلم الخرافي من كوابيس السياسة المزعجة لجماعة الاخوان ، لكن مكتب التنظيم الدولي في لندن يعمل بكل طاقته لتحويل الاوهام والخرافات إلى حقائق ويروج لما يقوله بأن انقلاب الشعب المصري على نظام مرسي سيفشل . ويروج ابراهيم منير المسئول الاخواني في العاصمة البريطانية ، على تنبؤات وجدي غنيم وتوقعات أئمة الجهاد الإخواني الفارين في قطر وتركيا ويخططون لدخول لندن فاتحين على أمل أن تكون العاصمة البريطانية محطة العودة إلى مصر بعد سقوط النظام المصري وعودة مرسي مرة أخرى . أحلام الاخوان في لندن تتمولها شبكة مالية، وأخرى تنتشر في وسائل الاعلام تروج لهذه الاكاذيب ، لكن الحكومة البريطانية بدأت تتعرض لحالات قلق في ظل نمو الوجود الاخواني مما يدق جرس الانذار داخل مكتب الامن والحماية الوطنية . جاء نمو الاخوان بعد هروب بعضهم من مصر قبل القاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة ومحاكمتهم عن جرائم ضد القانون وارتكاب العنف والتحريض على القتل ، وتحفيز جماعات ارهابية مرتبطة بالتنظيم للتحرك ووضع متفجرات واستهداف الشرطة . اتجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للتحقيق في ملف الاخوان بعد وصول تقارير إلى مكتبه تتحدث عن تورطهم بإرهاب وانهم يخوضون حرباً ضد الدولة المصرية ويحرضون على دول عربية أخرى . مايقلق الحكومة هو مايرتبط بالأمن البريطاني ، خصوصاً أن الشكوى من تضخم الظاهرة الاخوانية في بريطانيا جاء في ظل عدة مشاهد تعبر عن نمو تيار الجهادية الاصولية وانه استغل الديمقراطية وفكرة التعدد والتسامح فتمدد بنفوذه وانتشر بطريقة تزعج بعض الاحزاب ، التي تتحدث عن خطر اخواني اصولي يزحف إلى بريطاني ويهدد تقاليدها وعاداتها . لاحظت وزارة التعليم أن بعض المدارس في مدينة برمنجهام يزحف إليها النفوذ الاصولي الذي بدأ يلتف على المناهج ويقوم بتدريس مواد غير مقررة تعتبر الديمقراطية من الكفر وتطالب بمنع الاختلاط وتهاجم العقائد الاخرى وتحرض عليها . تم نشر التقرير الذي وصل إلى وزير التعليم مايكل جوف وأشار إلى زحف أصولي لمجموعات جهادية اسلامية تخطط للسيطرة على مدارس في برمنجهام و تحويلها بعيداً عن مناهج الحكومة ونشر عقائد الجهاد الداعية إلى محاربة الكفار . أمر وزير التعليم باالتحقيق في تلك الوقائع ووقف مدرسين اعتدوا على مناهج التعليم الحكومية . وعلى الرغم من دفاع المجلس الاعلى للمسلمين في بريطانيا عن نفسه بعد وعد تورطه في هذه الاتجاهات ، غير أن هناك ظاهرة تؤكد الزحف لمجموعات أصولية للهيمنة على مدارس حكومية في برمنجهام وتحويلها إلى معاهد للتدريب على العنف الجهادي وتعميق التمييز واثارة الكراهية . هذه الحالة تؤكد انتشار التيار الاصولي ، وهو ما دفع رئيس الوزراء الأسبق توني بلير مطالبة الحكومة بالانتباه ورصد مايحدث والتدخل لوقف هذا التسلل . واعتبر بلير أن التطرف الاسلامي خطر ولابد للحكومة من محاربته لأن تركه يعمق الكراهية والانقسام والتمييز بكل أشكاله . كان توني بلير مع حزب العمال الذي تزعمه ، له أكبر الاثر في دفع بريطانيا نحو التعددية وتأكيد التسامح ومنح الاقليات فرصة التعبير عن قيمها وممارسة دياناتها وثقافاتها وقاد حزب العمال عندما صعد إلى السلطة في عام 1997 قضية التعدد الثقافي . وقد احتضنت حكومة بلير آنذاك وزير الخارجية روبن كوك المدافع عن القضية الفلسطينية والمحب للعرب والمشجع على الحوار وتنوع الحياة البريطانية . وقد استقال كوك من الحكومة العمالية احتجاجاً على غزو العراق . وعلى الرغم من رحيله فقد ترك خلفه هذا الارث الذي يقوده حزب العمال الآن ، غير أن نمو الأصولية الاسلامية المتطرفة تحرض على الانقسام مع نشر التزمت ورفض التجاوب مع المجتمع البريطاني والاصرار على ارتداء الحجاب والنقاب مما يحرض أحزاب عنصرية ضد الاسلام والمسلمين كما يفعل حزب الاستقلال الذي تنمو شعبيته الآن . تحذير بلير من الاصولية الاسلامية فجر معركة كبرى في بريطانيا ، خصوصاً دعوته المباشرة لدعم مصر في حربها مع جماعة الاخوان المسلمين . ربط رئيس الوزراء الأسبق نمو منظمات متطرفة في بريطانيا بالجماعة الاخوانية ، إذ انها الأم التي خرج من جوفها كل تيارات العنف والانغلاق الديني . "بلير " لا يزال يمتلك نفوذاً في الساحة السياسية البريطانية وتعود إليه الحكومة للاستماع إلى رأيهم بشأن قرارات مرتبطة بالسياسة الخارجية . وقد ربط بين الاخوان والتطرف ودعا إلى مواجهة قوية ضد هذا الخطر تجمع بين روسيا والغرب وضرورة تجاوز أزمة اوكرانيا للتفرغ للخطر الأكبر الذي يراه يتبلور في الاخوان المسلمين ومنظمات التطرف الاخرى التي خرجت من العباءة الاخوانية وتتحرك الآن تحت قيادة التنظيم الدولي الذي يخطط لنقل مركز قيادته إلى لندن حيث المكتب الرئيس والعلاقات المتشعبة والأموال والأعمال الاخوانية الموجودة في لندن منذ أحقاب . انطلق اللوبي المؤيد للاخوان بالهجوم الكاسح على توني بلير وجرى اتهامه بأنه صديق عبد الفتاح السيسي وهدفه انقاذه . والحقيقة أن توني بلير ينظر للقضية من خلال رؤية وطنية بريطانية صرفة ، فهو مبكراً تحدث عن خطر التيار الأصولي المتشدد وفصل بينه وبين الاسلام . وقال ان هذا التيار المتزمت لا يعبر عن دين وانما هو عقيدة فكرية هدفها التدمير وبث الفرقة وتفجير الحروب . تحدث بلير عن موقفه قبل اندلاع الربيع العربي ، وهو يعبر عن مخاوف وقلق من تفكك مصر الدولة المحورية في الشرق الأوسط . وكان رأيه مبكراً مناصرة ثورة الشعب المصري الذي تمرد على حكم الاخوان ومندوب المرشد في قصر الرئاسة المصرية . وقد كتب مقالاً في صحيفة الجارديان بعد ازاحة مرسي مباشرة يؤيد ثورة المصريين . ولم تجد الصحيفة البريطانية سوى أكاديمي مصري ليرد على بلير ويتهم ثورة المصريين بالانقلاب ويهاجم الجيش بضراوة ويدافع عن مرسي وجماعة الاخوان بصفاقة سياسية نادرة . دخول توني بلير على خط التحذير من جماعة الاخوان يعبر عن شعور واضح بالقلق الشديد في بريطانيا ، لأن الامر يتجاوز حرية التعبير وتيربط بأمن قومي في ظل زيادة مساحة الجماعات الارهابية التي بدأت توجه مدافعها إلى صيغة المجتمع البريطاني التعددية وتحاول فرض رؤيتها لاسلام غريب وتصدره إلى البريطانيين بكذب صريح في محاولة للحصول على دعم ونفوذ وضمان مساندة المؤسسات الاسلامية الشرعية لها والادعاء بأنها تخوض معركة لاسترداد الشرعية ومقاومة الانقلاب . المعركة في بريطانيا ضد الاخوان تتشعب وتكشف عن عمق المواجهة ، حيث استغل الاسلام الاصولي المتطرف المعركة في سوريا فأرسل حوالي 500 شاب بريطاني إلي سوريا للتدريب على زرع القنابل وقيادة السيارات المفخخة للتدمير. وهذا ما يحذر منه الامن البريطاني الذي بدأ فتح ملفات العائدين من سوريا . محاولة الاخوان حشد عناصرهم في لندن نبه السلطات الامنية والسياسية لوجود ظاهرة تنمو بشكل خطير . وتصريحات توني بلير المحذرة والمؤيدة لمصر في معركة ضد المرشد وجماعته ومنظمته الدولية ، تضع الملف كله أمام لجنة أمنية سياسية ستضع تقريرها النهائي أمام ديفيد كاميرون حتى يقرر اما الانحياز إلى الجماعة وتحمل تبعات هذا الموقف ، أو وضعها في خانة الارهاب استجابة لتحذيرات أمنية وسياسية أعلنت مؤخراً وتحدث عنها رئيس وزراء سابق لبريطانيا هو توني بلير وزراء سابق.