اللقاء بين خادم الحرمين الشريفين.. الملك عبدالله.. والرئيس الأمريكى أوباما.. فى الرياض.. لم يكن مجرد لقاء سياسة.. وإنما كان لقاء كواكب! الرئيس الأمريكى يعيش فوق كوكب.. يساند الإرهاب.. تحت شعارات الدفاع عن الديمقراطية.. وخادم الحرمين يعيش فوق كوكب آخر.. يحارب الإرهاب.. وبين الكوكبين.. عالم من الأفلاك والمسارات البعيدة التى تعود إلى اللقاء الأول بين الرئيس الأمريكى الأسبق فرانكين روزفلت.. والملك عبدالعزيز آل سعود سنة 5491.. أى بعد 41 سنة من هجرة المواطن اليمنى محمد بن لادن «والد أسامة بن لادن» إلى السعودية.. وتأسيس شركة مقاولات لبناء قصور الأسرة الحاكمة! كانت هجرة محمد بن لادن من اليمن إلى السعودية سنة 1391 قد جاءت بعد عامين فقط من قيام العلاقات الدبلوماسية بين السعودية.. والولايات المتحدة سنة 3391.. وهى العلاقات التى كانت توصف دائما.. بأنها علاقات «رقص بين الشياطين»! ويقال إن طبيعة العلاقات بين البلدين.. هى علاقات رقص بين الشياطين لأنها علاقات نقود وصفقات.. وأموال تدفع فوق الموائد تارة.. وتحتها تارة أخري.. ومعها العمولات والجنس.. والتجسس والتلصص إلخ. علاقات بالأمراء.. ورجال الأعمال.. وشركات البترول والحسابات السرية.. وحقائب العمولات.. والألغاز.. التى لا تستطيع عفاريت سيدنا سليمان حل أسرارها.. ولا أجهزة المخابرات العريقة فى تحريك الأفاعى التى تتسلل وتتسحب.. تحت المضاجع! علاقات خاصة جدا.. وخطيرة جدا.. على رأى نجاة الصغيرة.. والمحادثات تجرى بين أطرافها كهمس العشاق فى الليالى التى يغيب فيها القمر! فى سنة 9791.. سافر الشاب أسامة.. نجل المهاجر اليمنى محمد بن لادن لأفغانستان.. لمحاربة الاتحاد السوفيتى تحت رعاية المخابرات الأمريكية.. وقام بتأسيس تنظيم القاعدة.. وبدأ يستقطب جماعات الإسلام السياسى من عدد كبير من الدول الإسلامية من بينها مصر. ودارت الأيام.. وانسحب الاتحاد السوفيتى من أفغانستان.. وبدأت الخلافات تدب بين المجاهدين.. وبدأ التفكير فى نقل جهادهم إلى الدول الأصلية.. وأطلقت المخابرات الأمريكية بينهم صيحة «انصراف».. أى أن يذهب كل واحد منهم لحاله.. وإلى وطنه الأصلي.. حيث يجرى اعتقاله! وفى هذه الأثناء وقعت أحداث 11 سبتمبر.. واتجهت الأنظار لتنظيم القاعدة.. بل إن الرئيس الأمريكى الأسبق بوش الصغير.. وجه أصابع الاتهام إلى المملكة العربية السعودية.. وأعلن على الملأ «إن علاقاتنا الطيبة بالعائلة المالكة كانت تقتضى منها القيام بدور أكبر فى ردع بن لادن وشركاه»! ومرت أيامها سحابة فى سماء العلاقات بين واشنطنوالرياض سرعان ما اختفت وتلاشت.. لأن العلاقات تحت السطح كانت أقوي.. وأهم من كل ما يجرى فوق الموائد. الآن نحن أمام موقف جديد.. وسحابة كثيفة.. تمر فى سماء العلاقات بين البلدين.. ويصل الرئيس أوباما إلى الرياض.. ويجرى محادثاته مع الملك عبدالله.. هى فى حقيقتها محادثات بين كوكبين.. يحلقان فى السماء السابعة.. ولكل كوكب عالمه ومداره ومصالحه وشياطينه.. وعلاقاته الشخصية.. ومصالحه الوردية.. ولذلك فقد خرجت «نصف الحقائق».. من اجتماعات الرياض.. وبدأ فيها الرئيس أوباما مدافعا عن الإرهاب.. وعن مشروعه للتعاون مع إيران.. فى الوقت الذى كان من الطبيعى أن يدافع فيه العاهل السعودي.. عن الحقوق المشروعة للشعوب فى مقاومة الإرهاب! أما النصف الآخر من الحقائق.. فلم يخرج بعد من حلقة الرقص بين الشياطين!