عقب ثورة يناير ارتفع معدل سرقة الآثارإلى نسبة غير مسبوقة فى تاريخ مصر، حيث تعرض المتحف المصرى لسرقة بعض محتوياته، وتم نهب مخازن سقارة والهرم والقنطرة والصعيد.. قبل عدة أشهر تعرض متحف ملوى لسرقة محتوياته من قبل عناصر إرهابية، وتم تدمير محتوياته بالكامل، كما لم تسلم الأديرة الدينية والمبانى الأثرية من تلك الاعتداءات الإجرامية التى تستهدف القضاء على الهوية والتراث الثقافى المصرى.. ومؤخرا تحطمت واجهات متحف الفن الإسلامى الواقع بجوار مديرية أمن القاهرة جراء التفجير الإرهابى الذى استهدف المديرية، ما أحدث تلفيات هائلة لما يحتويه المتحف!! علما بأن الاتفاقيات الدولية تنص على" أن التراث الثقافي لكل شعب يشكل التراث الثقافي للبشرية، فالأضرار التي تلحق بممتلكات ثقافية يملكها أي شعب تمس التراث الثقافي الذي تملكه الإنسانية جمعاء". فى ظل غيبة الوعى بأهمية وقيمة الأثار، ووجود عصابات مسلحة تنهب كنوز وثروات مصر وتدمرها،.. كيف نحمى التراث الثقافى المصرى؟ وكيف نصون حضارتنا المصرية التى تتعرض جهارا نهارا وعلى مرأى ومسمع من الجميع حكومة وأهالى للسرقة والنهب والتدمير؟ الحصاد المر أحمد صالح مدير آثارأبو سمبل ومعابد النوبة يرى أن ماتعرضت له الآثارالمصرية عقب ثورة 25 يناير هو ما يوصف بالحصاد المر، خاصة أن هناك كما هائلا من الآثارالتى تم نهبها من المخازن مثل مخزن القنطرة شرق، وبعض المخازن فى صعيد مصر، مخازن سقارة والهرم، وهناك متاحف تعرضت للسرقة مثل المتحف المصرى ومتحف ملوى بالصعيد الذى استمر نهبه لأكثر من ثلاثة أيام كامله دون ان ينتبه أحد!! وقد تمت سرقة 1040 قطعة أثرية من هذا المتحف من أصل 1080، وقد دمر المجرمون باقى الآثارالموجودة التى لم يستطيعوا حملها!! المؤكد أن الكثير من الكنوز الحضارية قد تم العبث بها خلال تلك السنوات، بالإضافة لعمليات الحفر التى يقوم بها المواطنون فى أعماق الأرض للتنقيب على الأثار، والتى من خلالها يتم الاستيلاء على الآثارنظرا لغياب الوعى المصرى بأهمية وقيمة التراث الحضارى، كما أن التهاون في تطبيق العقوبات يساهم بشكل كبير في ارتفاع حالات الاعتداء على الآثار والتراث الثقافى، خاصة أن حماية الممتلكات الثقافية سواء المادية أو الفكرية يعتمد على الوعي الاجتماعي بمدى أهميتها وما تشكله من ارث ثقافي وحضاري للمجتمع. لذا يجب مساهمة المواطنين في حماية ممتلكاتهم من اللصوص وضرورة التعاون مع الجهات المختصة بالحماية، فذلك يشكل عنصرا أساسيا في أي عمل يخدم تاريخ وآثارالمجتمع. فى ضوء ذلك أقترح ضرورة التنسيق بين الوزارات المختلفة للتركيزعلى توعية المواطنين بالقيمة الحضارية لتلك الأثار، بالإضافة لتفعيل قانون الآثارالذى يعالج العلاقة بين المواطن والأثر، على أن يتم تغليظ العقوبة لكل من يعتدى على التراث المصرى سواء بالسرقة أو بالتدمير. فى ضوء ذلك يجب أن يتم تسجيل كل القطع الأثرية الكترونيا، أتمنى أن يتخذ قرار سيادي بتسجيل كل الآثارالمصرية إلكترونيا وان يكون ذلك هو مشروع وزارة الآثارخلال السنوات الثلاث القادمة. خيانة عظمى تؤكد الدكتورة عزة سليمان الباحثة فى الحضارة المصرية على أن حماية الآثارتتطلب وجود قرارات حازمة ورادعة لكل من تمتد يده على تاريخ وعظمة مصر، وتقول فى ظل هذه الفوضى التى نعيشها أرى ان مسئولية حماية الآثاريجب أن تقع على عاتق الجيش الأن، لأنها قضية أمن قومى، على أن يعاقب بالإعدام كل من يسرق أو يعتدى على تلك الأثار، لأن تلك الجريمة تعد بمثابة الخيانة العظمى، وحياة اللص ليست أغلى من كنوز وتاريخ مصر. جرائم السرقة والتهريب والنهب والتدمير للممتلكات الثقافية يجب أن ترتبط بالقوانين والعقوبات الجنائية، فأن سرقة الممتلكات الثقافية قد تكون أكثر أهمية،لان سرقة التاريخ جريمة لا تغتفر. يجب أن تتم حملة دعائية كبرى من أجل حماية الآثارالمصرية من النهب أو التهريب، نحن فى حاجة إلى حملة قومية لرفع الوعى المصرى، وإعادة تشكيل العقل المصرى، من أجل حماية تاريخ بلدنا، وأن نتصدى لمنع سفر الآثارالمصرية للخارج بحجة المعارض لأنى أعتبر ذلك بمثابة إهانة لكرامة وشموخ الآثارالمصرية. التلال الأثرية أوضح عادل عبد الستار أمين المجلس الأعلى للآثارالسابق أن أبرز المشكلات التى تواجهنا تتعلق بالتأمين، مشيرا إلى أن هناك ثلاثة أنواع من التأمين، أولها تأمين القطع الآثرية المنقولة المتمثلة فى المتاحف والمخازن، بجانب تأمين المبانى الأثرية سواء الفرعونية والرومانية والاسلامية والقبطية، ثم تأمين التلال أو الأراضى الأثرية وهى الأهم والأخطر، لأننا واثقون من أننا سوف نجد آثارا من جراء الحفر خلسة فى تلك التلال الاثرية، والذى يترتب عليه سرقة الآثاروتدميرها، لذا يجب أن تتكاتف جهود وزارة الآثار مع وزارة الداخلية مع وزارة الدفاع لحماية تلك التلال من السلب والتدمير، بالاضافة للحماية البشرية، كما اعتبر أن أول مرحلة لحماية الآثارهو تسجيلها أى تحرير شهادة ميلاد لكل القطع الأثرية، وهذه الوثيقة تظل موجودة ويمكن تتبع الأثر فى أى مكان فى العالم، بالإضافة لمرحلة التأمين الإلكترونى للمتاحف. مؤكدا أن هناك من يسعى لتدمير الحضارة والتراث المصرى من خلال مجموعة فى نظره لا تنتمي للدين الإسلامى من قريب أو بعيد، ولا تعمل لصالح مصر، مشيرا إلى أن تدمير الآثارهو تدمير للهوية المصرية وتدمير للاقتصاد القومى. الموروثات الأثرية لابد أن يتم التسجيل والتوثيق محليا ودوليا لكل الموروثات الأثرية والثقافية، وحصرها ودعم المؤسسات المسئولة عنها ماديا ومعنويا وبشريا للقيام بدورها في مجال الحفظ والصيانة والترميم، وإصدار التشريعات وتطويرها وربط التعاون مع المؤسسات الإقليمية والدولية في سبيل الحد من عمليات السطو والسرقة، وإعادة ما تمت سرقته أو نقله بطرق غير مشروعة. إن حماية تراث المجتمع ليس عملا فرديا أو يتعلق بالمؤسسات المتخصصة في المجال الأثري والسياحي فحسب بل هي مسئولية كل أفراد المجتمع ومؤسساته. كما يكمن الدور الأكبر على المؤسسات الأمنية لمراقبة أماكن العبور كالمطارات والموانئ ونقاط عبور الحدود البرية وغيرها مراقبة دقيقة واستخدام الأجهزة التقنية العالية للكشف عن الآثارالمسروقة والمهربة للخارج والتعاون مع المؤسسات الدبلوماسية والشرطة الدولية لاسترجاع كل الممتلكات الثقافية المسروقة والمنقولة خارج الوطن وفقا للاتفاقيات الدولية.