علشان تطمن علي مستقبل أولادك فليعذرني القارئ الجاد إذا شغلته بكلام غير جاد. يعني أي كلام! لكن ما باليد حيلة. فالأذان الآن في الإعلام والفضائيات هو "حي علي الإنتخابات". ولكن بفضل آلاعيب حكومة الحزب الوطني، أصبحت مصر هي البلد الوحيد تقريبا الذي تجري فيه انتخابات برلمانية بلا أي سياسة، بل كثيرا حتي بدون كياسة. نعم، اختفت السياسة وحل محلها التوت والنبوت والسنج والمطاوي والجنازير! وبما أن الحزب، عفوا أقصد الحزب الوطني، هو حزب أغلبية تزيد علي 99.99% كما ظهر من إنتخابات الشوري، فلا بد أن نناقش برنامجه لأغلبيية كاسحة أخري في إنتخابات مجلس الشعب التي ستجري بعد أيام معدودات. شعار الحزب هذه المرة هو: " علشان تطمن علي مستقبل أولادك .. صوتك للوطني". ويضم برنامجه سبعة محاور أساسية، كل محور منها مجموعة من التعهدات التي يلتزم بها الحزب وحكومته خلال المرحلة المقبلة. الأول: محور الاستثمار والتشغيل، والثاني: محور مجتمع المعرفة، والثالث: محور الرعاية الصحية، والرابع: محور مكافحة الفقر، والخامس: محور المرافق والخدمات العامة، والسادس: محور المواطنة والديمقراطية، والسابع: محورعالم متغير. وبعد قراءة البرنامج، وجدتني أدندن بأبيات من شعر عمنا نجم: ده إحنا هنتمنجه واصل .. وها تبقي العيشة جنان. والعربيات هتمون .. بدل البنزين بارفان. وهتحصل نهضة عظيمة .. وها نبقي ألاجة وقيمة. لكن الحقيقة أن الحزب الوطني يخدع الشعب و"يبيع له الترماي". فهو يتعهد بتخفيض الغلاء ويترك أعضاءه المتنفذين يتحكمون في الأسواق. ويتعهد بمضاعفة أجور العاملين في الدولة رغم أن حكومته رفضت رفع الحد الأدني للأجر فوق ال 400 جنيه مليم. ويتعهد بمضاعفة دخل الفلاح رغم أن حكومته تصر علي دعم منتج القمح والذرة الأجنبي وتلغي دعم الفلاح وتتركه فريسة لمحتكري مستلزمات الإنتاج والمحاصيل. ويتعهد برفع نسبة الالتحاق بالتعليم الجامعي ومضاعفة البعثات الخارجية، بينما تستمر حكومته في التقتير علي المعلمين وأساتذة الجامعات في المرتبات ومخصصات البحث العلمي. بل إن البرنامج تجاهل تماما مشكلة الأمية. ويتعهد بتوسيع مظلة التأمين الصحي، بينما تخطط حكومته لخصخصة قطاع الصحة العامة. ويتعهد بمكافحة الفقر بإخراج 1.5 مليون أسرة من دائرة الفقر، بينما تتمادي حكومته في تطبيق سياسات تزيد الفقراء فقرا والأغنياء غني. عزيزي القارئ، هذه هي أهم تعهدات الحزب الوطني صاحب الفكر الجديد. فهل تعتقد أنت فعلا أن الحزب جاد في تعهداته، أم أنه "بيعملك البحر طحينة"؟ وإذا كان الحزب جادا، فكيف يمكن تحقيق هذه الوعود رغم تأكيد قادته المستمر علي تطبيق نفس السياسات؟ والسؤال الأهم: من الذي خلق مشكلاتك اليومية الطاحنة من غلاء وبطالة وفقر وسوء خدمات؟ أليس هو الحزب الوطني الذي يحكمنا من 30 سنة؟ فكيف يأتي اليوم ليتعهد بحل مشكلات هو المسئول عن خلقها؟ فهل هناك أكثر من ذلك مراوغة سياسية ونفاق وإنتهازية؟ صدقني : "عشان تطمن علي مستقبل أولادك"، لا تعطي صوتك ل «الوطني».