!التقاعس عن عزل رؤساء الجامعات «الإخوان» ساهم فى تزايد العنف متابعة : عبير سرى – مها سليم – سارة مصطفى – نورهان عادل أشرف على الملف: سامى فهمى يحاول د. حسام عيسى وزير التعليم العالى أن يبتعد عما يحدث فى الجامعات وكأنه ليس له علاقة بما يدور من أحداث عنف وشغب وتدمير يشعلها فصيل من الطلاب ينتمى لجماعة لفظها الشعب المصري، يحاول الوزير الثورى المناضل أن ينأى بنفسه عن المواجهة واتخاذ قرارات حاسمة لإيقاف المهزلة التى تقودها مجموعات محدودة من الطلاب قد يلجأون للتنقل من جامعة إلى أخرى خاصة بالقاهرة لإحداث أكبر قدر من الذعر والفزع وإشعال الحرائق، اكتفى الوزير فى بداية تفجر الاشتباكات والمظاهرات غير السلمية داخل الجامعات برفض عودة الحرس الجامعى معلنا قولته الشهيرة «على جثتى دخول الحرس الجامعي»، وبعد مناقشات واجتماعات بمجلس الوزراء عاد ليبرر موقفه الذى أثار الرأى العام ضده ليعلن الموافقة على دخول قوات الأمن للجامعات بناء على استدعاء من رئيس الجامعة فى حالات الضرورة. غير أن مجلس الوزراء بعد تزايد أحداث العنف والشغب قرر دخول قوات الأمن دون الحاجة لاستدعاء من رئيس الجامعة لضبط المحرضين وإيقاف الشغب والتدمير والاعتداءات التى طالت أعضاء هيئة التدريس فى بعض الجامعات. البعض يرى فى مواقف الوزير المترددة وأحيانا المتخاذلة أنه من فرط ثوريته يعتقد أنه ينحاز للنزاهة والشرف والنبل فى وقت يستلزم الحسم والمواجهة واتخاذ مواقف واضحة. الهروب الكبير النسخة الجديدة للسيد الوزير التى يحاول الظهور بها بعد انفلات الأوضاع الأسبوع الماضي، تبلورت فى المؤتمر الصحفى الذى عُقد «الأربعاء» الماضى بعد اجتماع مجلس الوزراء، حيث لجأ إلى حيلة الهروب من المسئولية معلنا أن ما يحدث فى الجامعات تقع مسئوليته على رؤساء الجامعات!! ولإحباك خطة الهروب استدعى عبارة رنانة قائلا: «استقلال الجامعات يمنعنى من التدخل»!! أضاف وكأنه يُحمل استقلال الجامعات مسئولية ما يحدث: «هو ده نتيجة استقلال الجامعات.. أنا مقدرش اتدخل»!! بل تبين خلال حديثه أنه لا يعلم أى شيء عن قرار د. جابر نصار رئيس جامعة القاهرة بإيقاف الدراسة بالكليات ابتداء من «الخميس» الماضي، ولا يعلم أى شيء عن استقالة عميد ووكلاء هندسة القاهرة، لم يخجل الوزير وهو يقول: «سمعنا أن الدراسة توقفت بجامعة القاهرة.. وسمعنا أن عميد كلية الهندسة والوكلاء استقالوا»!! استطرد مؤكدا عدم اختصاصه بإيقاف أى أستاذ جامعى أو عميد كلية لأنها من اختصاصات رئيس الجامعة، حتى الإحالة للتحقيق ليست من سلطة الوزير ويختص بها رئيس الجامعة، كل ذلك بسبب استقلال الجامعات حسبما يرى السيد الوزير، حيث تسبب الاستقلال المزعوم فى حرمانه من التدخل وإعادة الهدوء والاستقرار للجامعات، ووجه د. حسام عيسى كلمات واضحة للصحفيين خلال المؤتمر الصحفى قائلا: «يا جماعة اقرأوا قانون الجامعات وأنتم تعرفون كل حاجة». الاستقلال سبب الفوضي!! يبدو أن وزير التعليم العالى هو الذى لم يقرأ نصوص قانون الجامعات بدقة أو قرأها لاستخلاص النصوص التى تبرئ ساحته من المسئولية بدعوى استقلال الجامعات، المادة (13) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن وزير التعليم العالى هو الرئيس الأعلى للجامعات و»يشرف» عليها بحكم منصبه، بما يعنى أن الوزير يرأس كل الجامعات ويشرف عليها، إذن لا مجال للهرب والتنصل من المسئولية، بل إن ذات المادة تعطى الحق لوزير التعليم العالى أن يطلب من أى رئيس جامعة التحقيق فى الوقائع التى يحيلها إليه وموافاته بتقرير عن نتيجة التحقيق، فهل طلب الوزير من رئيس أى جامعة شهدت أحداث فوضى وعنف التحقيق فيما يحدث وموافاته بتقرير حول الأوضاع المتدهورة؟! هل أحال الوزير وقائع عنف ارتكبها الطلاب أو اعتداءات الطلاب على أعضاء هيئة التدريس إلى رئيس الجامعة وطلب إجراء التحقيقات اللازمة؟! هل طلب الوزير تقريرا حول أعضاء هيئة التدريس المتورطين فى تحريض الطلاب على التظاهر والاحتجاج بل ومشاركتهم فى الاحتجاجات كما حدث فى جامعة المنصورة؟! بالطبع لم يطلب الوزير أى شيء من رؤساء الجامعات ربما لعدم قراءته بدقة نصوص القانون أو لرغبته فى الابتعاد عن تحمل المسئولية مبررا ذلك بأن «الجامعات مستقلة» ولا يجوز له أن يتدخل بينما الأوضاع تتدهور للأسوأ بما يؤثر ليس على الجامعات فقط وإنما على مستقبل الوطن. قانون الجامعات لا يعطى للوزير فقط سلطة طلب التحقيق فى الوقائع التى يحيلها إلى رؤساء الجامعات بل يمنح الوزير سلطة إحالة رؤساء الجامعات ذات أنفسهم إلى التحقيق، تنص المادة 112 من القانون على أن: «يشكل المجلس الأعلى للجامعات بناء على عرض رئيسه «الوزير» لجنة ثلاثية من بين أعضائه لتحقيق الوقائع المنسوبة لأحد رؤساء الجامعات أو نوابهم أو أمين المجلس الأعلى للجامعات، ولهذه اللجنة أن تستعين بمن تراه من أساتذة كليات الحقوق أو الخبراء الفنيين لاستيفاء ما تراه لازما»، الأمر يعنى أن الوزير يمكنه أن يطلب من رئيس الجامعة التحقيق فى وقائع العنف والشغب وبيان الإجراءات التى اتخذها تجاه الطلاب المشاغبين وأعضاء هيئة التدريس المحرضين. إذا جاء تقرير رئيس الجامعة خاليا من اتخاذه لإجراءات وتدابير حاسمة لإيقاف الفوضي، فمن حق الوزير إحالة رئيس الجامعة للتحقيق بحسب المادة السابقة. ليس هذا فقط بل إن المادة المذكورة تشير تشير إلى أن «يعرض رئيس المجلس الأعلى للجامعات «الوزير» نتيجة التحقيق مع رئيس الجامعة على السلطة المختصة بتعيينه لاتخاذ ما تراه بشأنه». بما يعنى عرض نتيجة التحقيق على رئيس الجمهورية وهو السلطة المختصة بتعيين رؤساء الجامعات بناء على عرض وزير التعليم العالى بحسب المادة (25) من القانون، إذن يمكن عزل رئيس الجامعة فى حالة إحالته للتحقيق وثبوت إهماله أو تقاعسه عن مواجهة تعطيل الدراسة والإخلال بالنظام وحرق وتدمير المنشآت الجامعية، لكن يبدو أن وزير التعليم العالى «ملوش مزاج لذلك» أو لا يملك القدرة والقسوة لفعل ذلك. ولا يستطيع مواجهة رؤساء الجامعات الذين ينتمون لتنظيم الإخوان واستطاعوا احتلال مواقعهم خلال فترة هيمنة الإخوان. الفوضى فى السلطة لا يمكن أبدا أن تصل حالة الفوضى والاستهتار واللامبالاة إلى حد أن الوزير المختص بالتعليم العالى لا يعلم باتخاذ رئيس جامعة القاهرة قرارا بإيقاف الدراسة، ولا يعلم أيضا باستقالة عميد ووكلاء كلية الهندسة. الوزير يقول فى المؤتمر الصحفى «سمعنا..» هل هو فعلا وزير التعليم العالى أم وزير يسمع أخبار وزارته من وسائل الإعلام؟! ننبه الوزير إلى أن قانون الجامعات يلزم رئيس الجامعة بعرض قرار إيقاف الدراسة على وزير التعليم العالى خلال ثلاثة أيام وعلى مجلس الجامعة خلال أسبوع، وهو ما لم يفعله د. جابر نصار رئيس جامعة القاهرة الذى يدير الجامعة وكأنها جامعة خاصة أو أهلية أو كيان يديره كيفما يشاء وبالطريقة التى يديرها!! أما قولة الحق التى قالها الوزير فهى عدم اختصاصه بإحالة العميد أو الأستاذ الجامعى إلى التحقيق أو الإيقاف عن العمل. لكنها قولة حق يراد بها باطل، فإذا كانت الإحالة للتحقيق أو الإيقاف عن العمل من سلطة رئيس الجامعة فعلا طبقا لنص المادة (106) من القانون فإن من سلطة الوزير إحالة رئيس الجامعة ذات نفسه للتحقيق بل وعرض أمر عزله على رئيس الجمهورية فى حالة عدم قدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على الفوضى والانفلات داخل أسوار الجامعة، بالنسبة لمسألة «استقلال الجامعات» التى يتحجج بها الوزير لتبرير تقاعسه عن التدخل لإعادة الانضباط والأمن والاستقرار للجامعات فلم يتم النص عليها فى القانون إلا على استحياء فى ذيل المادة الأولى بأن «تكفل الدولة استقلال الجامعات بما يحقق الربط بين التعليم الجامعى وحاجات المجتمع والإنتاج».. وليس «الاستقلال» الذى يقصده د. حسام عيسى الذى يجعله آخر من يعلم