أثارت مواد المؤسسة العسكرية في مسودة الدستور التي أعدتها لجنة العشرة العديد من المخاوف من تكريس وضعية خاصة للجيش مع تعديل المادة 171 والتي نصت علي عدم تعيين وزير الدفاع إلا من بين ضباط الجيش بعد موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة وهو ما يعني أن قرار اختيار وزير الدفاع سيظل حكرا علي المؤسسة العسكرية بعيدا عن أي سلطة منتخبة ولذلك طالب عدد من القوي السياسية لجنة الخمسين تعديل وضع المؤسسة العسكرية في الدستور مؤكدين أهمية اختيار وزير الدفاع من قبل الإرادة السياسية. وحول هذه النقطة استطلعت «الأهالي» آراء عدد من الخبراء العسكريين.اللواء «محمد علي بلال» – نائب رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق الخبير الاستراتيجي – أكد ضرورة العودة إلي المواد الخاصة بالقوات المسلحة في دستور 71 مشيرا إلي أن القوات المسلحة لها وضع خاص في الدولة ولا أري أي تمييز لها في دستور 2012 المعطل مشيرا إلي أن مجلس الدفاع الوطني الذي نص الدستور علي إنشائه وغالبية أعضائه من أبناء الجيش هو مجلس متخصص يقتصر دوره علي النظر في كل ما يتعلق بأمن البلاد دون وضعها ورأيه استشاريا وليس إلزاميا. وأوضح أن ميزانية القوات المسلحة فيما يتعلق بالتسليح والتدريب والتطوير لابد أن تظل سرية للغاية وكذلك الميزانيات الاقتصادية والمشروعات الخاصة بالقوات المسلحة لا يمكن الإفصاح عنها أو إخضاعها للأجهزة الرقابية كما يطالب البعض ولكن تمت مناقشتها في إطار مجلس الأمن الوطني، كما أنها كانت تناقش في مجلس الشعب وأنا شخصيا ذهبت إلي لجنة الأمن القومي في عام 2004 لمناقشة ميزانية القوات المسلحة. وأكد اللواء بلال أن مواد الجيش في دستور 71 كانت محددة ولا تزيد علي مادتين فحسب ولكن في دستور 2012 تم تفصيل القول في هذه المواد ووضعها في 8 مواد من أجل إحداث شك وبلبلة بين الشعب والقوات المسلحة وبالتالي أنا أفضل العودة إلي مواد الجيش في دستور 71. أوضح اللواء محمود خلف – مستشار أكاديمية ناصر العسكرية وقائد الحرس الجمهوري الأسبق – أن المواد الموجودة حاليا في الدستور 2012 المعطل هي الأفضل بالنسبة للقوات المسلحة مشيرا إلي أن هذه المواد أعطت الدعم الدستوري للجيش لحماية الشعب والانحياز لمطالبه في ثورة 30 يونيو. وأضاف أن هذه المواد تحقق الاستقلالية في العمل وهذا يعطي للجيش الفرصة لأداء دوره الوطني. وحول سيطرة العسكريين علي مجلس الدفاع الوطني قال اللواء محمود خلف: أنا أرفض بشدة مصطلح سيطرة العسكريين مؤكدا أن مجلس الدفاع الوطني هو مجلس عسكري متخصص في الشئون العسكرية يتناول أمور التسليح والتدريب وغيرها من أمور الجيش ولذلك لابد أن يغلب علي تشكيله أعضاء الجيش. أما مجلس الأمن القومي فيتم تشكيله من العسكريين ورئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير المالية ورئيس مجلس الشعب وآخرين وهذا المجلس لا يخص القوات المسلحة بمفردها ولكنه يناقش ميزانيتها وفقا للأخطار المحيطة ويدرس تكلفة هذه الأخطار. وأكد أن مناقشة ميزانية القوات المسلحة من ضمن أسرار الدولة وإعلانها يكشف خطط القوات المسلحة. إهدار لمدنية الدولة وانتقد اللواء «محمود خلف» ما يقال حول المادة الخاصة بالقضاء العسكري بأنها إهدار لمدنية الدولة مشيرا إلي أن الجرائم التي تقع علي القوات المسلحة سواء علي الأفراد أو الممتلكات أو المنشآت والمعدات يقدم للمحاكمة العسكرية وقال إن الذين يتم محاكمتهم محاكمة عسكرية الآن هم الإرهابيون الذين يعتدون علي قوات الجيش في سيناء وهذه المادة حماية للقوات المسلحة. ويؤكد اللواء «أحمد عبدالحليم» – الخبير الاستراتيجي وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية – أهمية أن يضمن الدستور المصري أمن القوات المسلحة والحفاظ علي قوتها وذلك من أجل القيام بدوره المنوط به وهو حماية الدولة ومساندة الشعب. ومن جانبه شدد اللواء طلعت مسلم – الخبير الاستراتيجي – علي أهمية أن يقوم الدستور بتنظيم العلاقة بين القوات المسلحة وباقي مؤسسات الدولة من ناحية وبينها وبين مؤسسة الرئاسة من ناحية أخري خاصة وأن التجربة كشفت عن وجود خلافات بين قادة القوات المسلحة ورئيس الدولة، ولابد أن يوضح الدستور كيفية حل هذه الخلافات حتي لا تكون القوات المسلحة محل اتهام كما حدث وانحازت للشعب في ثورة 30 يونيه وتم اتهامها بالخيانة من قبل أنصار الرئيس المعزول. وطالب اللواء «طلعت مسلم» علي أهمية النص علي أن وزير الدفاع هو القائد الأعلي للقوات المسلحة حتي يصبح له الحق في اتخاذ القرارات التي فيها صالح البلاد. ولابد أن يتم النص علي إنشاء جهاز للتخطيط الاستراتيجي لتحديد كيفية إعداد القوات المسلحة للدفاع عن البلاد. أما اللواء «عبدالرافع درويش» الخبير الاستراتيجي فأوضح أن ميزانية القوات المسلحة خط أحمر لا يمكن لأحد الاقتراب منها أو حتي الحديث حولها ومن يطالب بإخضاعها لأجهزة الرقابة يريد تقديم خدمة لأمريكا وإسرائيل للكشف عن خطط القوات المسلحة فهي كوتة للجيش ولا يحق لأحد الحديث عنها كما أنها تعرض علي لجنة الدفاع الوطني جملة لا تفصيلا لأنها تدخل ضمن أسرار الدولة والأمن القومي للبلاد. وفيما يخص المادة المتعلقة بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية أوضح أن القانون العسكري يستمد حيثياته من القانون المدني والذي يحدد الجرائم التي يتم إحالة المتهم فيها إلي القضاء العسكري هم المدنيين من خلال مجلس الشعب وبالتالي لا خلاف علي هذه المادة.