ارسل جهاز الاستخبارات البريطاني الداخلي إم . آي فايف ، بعثة من محققين إلي «بوسطن» للوقوف علي خبايا الحادث الارهابي الذي تعرضت له الولاية الامريكية ودور الشقيقين «تامرلان وجوهر تسارنايف» وهما من الشيشان وتورطا في هذا الفعل الارهابي كما تقول الاجهزة الامريكية مما نتج عنه سقوط ثلاثة قتلي مع أكثر من مائة جريح والاعتداء علي شرطي أمريكي وقتله وجرح آخر . لدي الاجهزة الامنية البريطانية رغبة في تصفح ملف «بوسطن» بالكامل ، وما إذا كانت له علاقة بمجموعات جهادية في الشيشان حرضت عليه وقامت بتدريب الشقيقين حيث قاما بوضع المتفجرات واطلاق الرصاص علي شرطي وقتله.. يطرح الحادث اسئلة عميقة علي جهاز الامن البريطاني ، خصوصاً لم تكن هناك اشارات عن احتمال تحرك ارهاب يأتي من الشيشان وتم زرعه في الولاياتالمتحدة لسنوات ، وقد يتسلل إلي بريطانيا وأوروبا ذاتها. وقد حذر خبير روسي بقضايا الامن هو إيجور كوروتشينكو البريطانيين من ارهاب يأتي من شمال القوقاز ، نتيجة استرخاء الاجراءات الامنية بشأن مهاجرين جاءوا إلي بريطانية وهم علي علاقة بمنظمات جهادية ارهابية تخوض الحرب الشاملة ضد موسكو. لم تكن لدي اجهزة الاستخبارات البريطانية ما يدفعها للقلق أو مراقبة لاجئين من الشيشان علي علاقة بالجهاد ضد روسيا ، لأن القضية تخص موسكو ولا عداء لبريطانيا مع هذه الجماعات. وهذا ما جعل قائد شيشاني بارز دخل في حرب مع موسكو يحصل علي اللجوء في بريطانيا ويرفض القضاء ترحيله إلي موسكو التي تطالب به لمحاكمته عن جرائم ضد الدولة هناك. وقد حصل أخمد زكاييف «53» سنة علي حق اللجوء في بريطانيا وتضامنت معه شخصيات بارزة منها الممثلة البريطانية المعروفة فانيسا ريدجريف ، حيث تكفلت بمصاريف القضية التي اعطت القائد الشيشاني حق الاقامة في البلاد . وكان الملياردير الروسي الذي توفي الشهر الماضي بوريس بريزوفيسكي تضامن مع القائد والسياسي الشيشاني المعارض لروسيا وطالب ببقائه في بريطانيا لأنه لن يواجه بمحاكمة عادلة في موسكو إذا ذهب إليها. رياح بوسطن انفجارات «بوسطن» تعيد طرح الموضوع الشيشاني وما يمثله من مخاطر أمنية في ظل سعي الاجهزة في بوسطن ولندن العثور علي مفاتيح لفك هذا اللغز المعقد ، إذ لا توجد أسباب لتحويل النشاط الشيشاني نحو الغرب ، حيث لا توجد علاقة مباشرة بهذا الصراع بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا والدول الغربية. والصحيح أن الغرب بشكل ما متعاطف مع الموضوع الشيشاني ولا يوجد شبه تحالف مع موسكو للقضاء علي التمرد هناك ، لكن يبدو أن رياح «بوسطن» ستغير المعادلة تماماً. وقد تتجه الاجهزة الأمنية الغربية نحو موسكو للوقوف علي ملف الشيشان ومعرفة المزيد من المعلومات عن مهاجرين في لندن أو نيويورك أو عواصم غربية أخري.. لكن المهم الآن في نظر الاجهزة البريطانية الوقوف علي أسرار هذه العملية ومتابعة الخيط الذي يكشف كل الاتصالات ، وما إذا كان هناك من تنظيم مع الشقيقين في «بوسطن» بهذا التدريب والشحن بمواد ارهابية متفجرة تتجه نحو وضع القنابل بهدف القتل . والاجهزة كلها تنتظر بقلق بالغ تعافي الشقيق الاصغر «جوهر تسارنايف» الموجود في مستشفي أمريكي حيث يملك تفاصيل ومعلومات «الصندوق الاسود» بالكامل عن اتصالات لشقيقه الاكبر الذي سافر إلي «الشيشان» و«داغستان» وهناك احتمالات تلقيه التدريب لوضع متفجرات واستخدام السلاح. امارة إسلامية وقد خاض الروس تحت زعامة فلاديمير بوتين حرباً ضارية ومدمرة ضد المجموعات التي تتحرك في الشيشان لإقامة ما يسمي بإمارة إسلامية هناك تضم الاجزاء الجنوبية من روسيا والتي تشمل اقليم القوقاز. ولا تزال بعض هذه المجموعات يتحرك ويتصادم مع الدولة الروسية . وقد أصدرت مجموعة يقودها «دوكو أوماروف» بياناً قالت فيه إن حربها مع روسيا وليس الولاياتالمتحدة أو الغرب. لكن هذا البيان النافي لتدخل شيشاني في تنظيم عملية «بوسطن» لن يعطل البحث والتنقيب للوصول إلي الحقيقة وكشف اللغز ، الذي يزداد تعقيداً والبحث عن دوافع وراء هذا الفعل ، الذي جاء فجأة بلا تمهيد ولم تكن هناك اشارات بوجود خطر له علاقة بالشيشان في الغرب والولاياتالمتحدة علي وجه الخصوص. تفسر بعض التقارير الموقف بأن هناك ثقافة موجودة علي شبكة الانترنت تحبذ العنف ضد الغرب ، وانه يمكن استقبال هذه الامواج والتصرف بوحيها دون تمييز أو فهم. فتاوي ابن قتادة هناك ايضاً لدي الاجهزة الامنية البريطانية محاولة للربط بين دعاة في بريطانيا تم ترحيل بعضهم مثل «أبو حمزة» بهذا الحادث الذي جري في بوسطن . والبعض في جهاز الامن يشير إلي«أبوقتادة» الذي تحاول الحكومة البريطانية ترحيله من البلاد دون جدوي أو نجاح.. أبو قتادة ارتبط بالقضية الشيشانية وكان يصدر الفتاوي لمجموعات جهادية هناك . والاجهزة الامنية تبحث عن صلة في التحريض علي العنف قادم من الداعية الفلسطيني الاصل والذي يحمل جواز سفر اردني. واذا عثرت الاجهزة البريطانية علي هذه الصلة بين «أبو قتادة» وخلية «بوسطن» فإن ذلك سيغلق ملفه في لندن حيث سيوافق القضاء علي ترحيله ، ليس إلي الاردن في هذه الحالة وانما إلي الولاياتالمتحدة. قضية «بوسطن» ستقلب الاوضاع الامنية رأساً علي عقب ، إذ كان الخطر دائماً يرتبط بالشرق الاوسط ومجموعات جهادية في اليمن وغيرها ، لكن ما حدث في الولاية الامريكية جاء من الداخل الامريكي ذاته وعبر قناة الشيشان وملفها الدامي والعلاقات مع روسيا. وقد تأثرت العلاقات الامنية بين بريطانيا وروسيا نتيجة قضية المعارض الروسي ألكسندر ليتفنينكو ، حيث تتهم السلطات البريطانية موسكو باغتياله في لندن بمواد مشعة . وقد يعيد ما حدث في «بوسطن» لاستئناف التعاون الامني البريطاني مع موسكو وخصوصاً أن اجهزتها لديها ملفات كاملة عن مجموعات جهادية وطرق تدريبها والوسائل التي تستخدمها. تحذير من روسيا كان الروس طبقاً لتقارير أمنية حذروا الامريكيين من الشقيقين القادمين من الشيشان ، حيث تم وضعهما تحت المراقبة لعدة سنوات ، غير أن المتابعة انتهت ولم تلتفت الشرطة الامريكية إلي التحذير القادم من روسيا. ما جري في «بوسطن» قد يعيد الاتصالات مع روسيا في محاولة لضمها إلي معسكر مجابهة المجموعات الارهابية القادمة من الشيشان ، وهذا يحتاج إلي تعاون قد يؤدي إلي تغيير مسارات سياسية ودبلوماسية ، خصوصاً وأن موسكو غاضبة من الغرب تماماً لسياسات تصفها بالحماقة تؤدي إلي تقوية تنظيم «القاعدة» نتيجة الاطاحة بأنظمة سياسية في الشرق الاوسط وصعود التيار الجهادي إلي السلطة بدلاً منها.. لدي «موسكو» اعتراض علي سياسة أمريكية وغربية تجاه سوريا نتيجة موقف واضح يرفض ازاحة النظام الحالي في دمشق لأن سقوطه سيؤدي إلي صعود التيارات المتشددة المتحالفة مع تنظيم «القاعدة». جهاز الاستخبارات البريطاني يسعي لمعرفة كل أوراق «بوسطن» لرصد الوافد الارهابي الجديد ومعرفة العناصر الداخلة في تشكيله ، وإذا كان الحادث مجرد مراهقة ارهابية عنيفة تعبر عن نزوة كراهية ، أم ان هناك مخططاً يستهدف نقل الحرب إلي الغرب والولاياتالمتحدة بشكل خاص. موقعة «بوسطن» تشير إلي خطورة مرتبطة بهذا الانقلاب في مسار الارهاب العالمي الذي يتحول بقوة لاستلهام ينابيعه من الشيشان والصراع القوقازي مع الدولة الروسية. وكان من غير المتوقع أ، تهب رياح شيشانية عنيفة علي مدينة بوسطن الامريكية ، نتيجة زرع خلية كانت نائمة لسنوات وتم ايقاظها . وكل الاجهزة الامنية تسعي لمعرفة اسباب هذه الموجة التي اندلعت فجأة وهذا التحريك الذي جاء من القوقاز إلي المدينةالامريكية الكبري.