من يخاف الحقيقة؟ الكرة الآن في ملعب حسن نصر الله، رئيس «حزب الله» اللبناني.. فإذا كانت لديه قرائن أو أدلة جدية تفيد التحقيق في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، فإنه يجب أن يرسلها فورا إلي مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لأنها المرجع الأول والأخير في هذا الشأن. وإذا لم يرغب نصر الله في إرسال «المعطيات الموجودة لديه» إلي المحكمة الدولية، لأنه لا يعترف بها أو لا يثق فيها،... فإنه يستطيع إرسالها إلي السلطات اللبنانية. وقد تصرف قاضي المحكمة دانيل بلمار بطريقة مسئولة ومهنية عندما طلبت منه السلطات اللبنانية وضع أي معلومات جديدة حول القضية تحت تصرفه مما يدل علي أن المحكمة تترصف بشفافية وأنها معنية بكل ما يتعلق بجريمة اغتيال الحريري. ولا يوجد حتي الآن ما يشير إلي وجود تأثير سياسي علي دانيل بلمار. ومن هنا.. فإن الكلام علي طريقة : إما تقويض الاستقرار في لبنان ونسف السلم الأهلي وأما إعلان عريضة الاتهام في قضية الحريري.. فإنه لا يليق، لأن من يصرح بذلك انما يعلن بطريقة سافرة انه لا يريد تحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة، كما لو كان احقاق العدل بواسطة المحكمة الدولية هو بطاقة عبور الي القلاقل والمزيد من الاغتيالات وفتح الابواب علي مصراعيها أمام مشاريع الفتنة!! لقد عجزت أجهزة الدولة اللبنانية عن تحقيق العدالة، ولم تستطع الكشف عن مدربي ومنفذي 14 عملية اغتيال لكبار الشخصيات السياسية والفكرية والحزبية والإعلامية التي تنتمي إلي فريق واحد علي المسرح السياسي اللبناني، إلي جانب عشرات التفجيرات.. فهل من المعقول بعد ذلك أن نشهد حربا علي العدالة أو رفضا مطلقا لأي حديث عن المحكمة الدولية ودعوة للتخلص منها؟ وإذا كانت إسرائيل هي التي اغتالت الحريري- كما يقول نصر الله - أو مسئولة عن كل الاغتيالات اللاحقة.. فلماذا يريد البعض التخلص من المحكمة الدولية؟ ولماذا نسمع تحذيرات من نوع أن عريضة اتهام من المحكمة يمكن أن تدمر العلاقات اللبنانية- السورية أو تفجر الحرب الأهلية في لبنان؟! وإذا كانت لدي حسن نصر الله أدلة علي ان إسرائيل وراء عملية اغتيال الحريري.. فلماذا احتفظ بها لنفسه طيلة السنوات السابقة ولم يقدمها للمحققين المحليين أو الدوليين؟ وإذا كان حزب الله يملك تلك القدرات الاستخباراتية والتكنولوجية، التي يفخر بها، فكيف لم يعرف شيئا عن مرتكبي تلك الجريمة والجرائم الأخري اللاحقة؟ والمصيبة الأكبر أن يكون علي علم بشخصيات القتلة ثم يلزم الصمت لسنوات إلي أن يقترب موعد صدور قرار الاتهام من المحكمة الدولية؟