نفس المشهد امام بوابة دخول محافظة السويس، سيارت ومدرعات ودبابات للجيش، وان كان الوضع اقل قليلا عن بورسعيد، الغريب في الأمر ان السويس هي اول محافظة تتقدم بالشهداء مع اي بداية اي احداث او اشتباكات؛ ففي 25 يناير 2011، وقع اول شهيد بالسويس، وفي الذكري الثانية قدمت السويس ايضا 9 شهداء دفعة واحدة حينما تقدم د. محمد مرسي لهم بالعزاء علي “تويتر”!، وبالسؤال عن السبب، قالوا لنا (احنا السوايسة دمنا حامي، وبنتعصب بسرعة، ووزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم يعرف ده كويس، لانه من ابناء السويس). كان الملاحظ في السويس ان الاوضاع هادئة نسبياً، باستثناء غلق بعض الشوارع المؤدية للأقسام الاربعة (السويس، الجناين، فيصل، الأربعين)، وسجن عتاقة. (عم عبده) سائق تاكسي، عندما سألته عن رأيه في قرار الحظر، قال : “مرسي يقول زي ما هو عاوز، احنا شغالين، والجيش ده يعني عمرنا كله، ومحدش يفكر يوقع بينه وبينه، الإخوان في السويس اصبحوا مكروهين بسبب تصرفاتهم اللي عكس كلامهم”. مستشفي السويس العام مستشفي تعني المكان المخصص لرعاية المرضي وتلقيهم العلاج حتي شفائهم تماما، او علي الاقل توفير قدر كاف من المناخ للمرضي والمصابين، كما أكد لنا مدير المستشفي د. عبد المنعم سالم الذي قال: ان مصابي الاحداث “يمدحون” في الرعاية المقدمة لهم من المستشفي،، إلا ان ما وجدته داخل عنبر المرضي في الطابق الثاني كان العكس تماما،، ف”المدخنون” داخل عنبر المصابين، والروائح الكريهة منبعثة من كل اتجاه، والاصوات تتعالي من العاملين والزائرين وكل من هب ودب، والمرضي يعانون من انعدام الرعاية، لكن ما باليد حيلة، فالمصابون يعملون باليومية لايملكون الاموال الطائلة لعلاجهم بمستشفيات خاصة او حتي جناح اقتصادي بمستشفي عام.. وفي الليلة الدامية، الجمعة، اثناء الاشتباكات لم يتواجد سوي الدكتور محمد رضوان تخصص عظام، وتمرجي واحد فقط، هم من قاموا بإسعاف المصابين بمساعدة الاهالي، ايضا تم فصل التيار الكهربائي لمدة ساعتين علي المستشفي وأجريت الجراحة علي اضواء الموبايلات!! المصابون قالوا ان هناك حالات كانت تحتاج لنقل دم، إلا ان المستشفي لم يتوافر به أكياس لتلقي الدم من المتبرعين. قام الاهالي بحمل جثامين أبنائهم علي اكتافهم من المستشفي حتي المشرحة!! معاناة المصابين باسم غازي السويسي، شاب في مقتبل العمر، عامل بناء، وكان من المقرر إتمام زواجه الشهر الجاري، إلا ان اصابته منعت ذلك، أصيب باسم بحسب روايته، في الثامنة مساء الجمعة 25 يناير، اثناء مشاركته في مظاهرات امام القسم، تقرير المستشفي قال انه مصاب بكسر مضاعف بالشظية الخامسة باليد اليمني وقطع بالوتر الباسط، وقام بإجراء جراحة لتثبيت الكسر بالمسامير، والمريض مازال يتلقي العلاج. “باسم” قال انه عندما وجد المظاهرات بدأت التجمع امام القسم، انضم لهم خاصة وان مطالب المتظاهرين كانت عيش حرية عدالة اجتماعية، ولم يحمل اي من المتظاهرين اسلحة او كانوا ملثمين. وبعدها بنصف ساعة ظهر ملثمون اطلقوا النيران والاسلحة من خلف القسم يرتدون جلبابا ابيض وجاكيت وشالا علي الرأس وكانوا مدججين بالاسلحة الألية، بحسب وصف شهود العيان والمصابين. “باسم” بعد اصابته تمت سرقة الكاميرا التي كان يحملها لتصوير الاحداث، والان هو يتساءل من مسئول عن تأمين مستقبله، وكيف سيقوم بعمله بعد ان اصيب، وكيف سيضمن حياة كريمة لأشقائه الثلاثة المسئول عنهم؟ محمد جمال جاد ليسانس آداب انجليزي، يعمل مساعد عامل بناء، اصيب بطلق خرطوش في قدمه اليمني اثناء وجوده بمحيط القسم، يروي ما حدث امام قسم السويس؛ شاهدنا اثناء محاولة اقتحام القسم من الخلف ان ضباط القسم خرجوا منزعجين بسرعة وأطلقوا النار عشوائياً لتوسيع طريق لهم للخروج، وهو ما أدي لإصابة وسقوط العديد من المواطنين المارين بالمصادفة في الشارع. تهريب السجناء وفي عصر اليوم التالي السبت، انتهز بعض الأشخاص الملثمين المسلحين الفرصة بإطلاق وابل من الأعيرة النارية تجاه مديرية أمن السويس بعد علمهم بأن قوات الجيش في طريقهم إلي مقر المحافظة والمديرية بالهجوم علي مقر النيابة الادارية وإحراقه وسرقة محتوياته من الداخل وتمكنت قوات الدفاع المدني التابعة لمديرية الأمن من السيطرة علي الحريق. تكسير وحريق حصلت “الأهالي” علي تسجيلات فيديو تدين قوات الأمن المركزي بمحافظة السويس، حيث يشمل الفيديو قيام عدد من جنود الامن المركزي بتكسير وإشعال النيران بشكل عشوائي في السيارت الموجودة بالشوارع خلال الاشتباكات. وبالتجول في شوارع المدينة، كان هناك عدد من السيارت محترقة في شوراع متفرقة شاهدة علي احداث العنف، كان دليلنا خلال التجول وزيارة اهالي الشهداء بالسويس اثنان من الشباب الذين اصيبوا في الاحداث واكملوا علاجهم، فقمنا بالتوجه لقسم السويس، والسجن، وزيارة اول شهيد بحي الغريب والتوسط لبعض الاهالي بالصعود لأحد المنازل لإلتقاط الصور. قسم السويس وبالمرور امام قسم السويس المقابل لمطافي السويس، حاولنا التقاط صور لمبني القسم الذي تعرض للحريق، إلا ان قوات الجيش اعتذروا عن الموافقة للتصوير، لكن بمساعدة بعض الأهالي والشباب المشارك في المظاهرات تمكنا من الصعود لإحدي العمارات المقابلة للقسم لإلتقاط بعض الصور، إلا ان إحدي المواطنات رفضت تماما وقالت : (انتوا جايين هتعملوا ايه؟ بتلموا فلوس علي حسابنا، ماشوفناش منكم حاجة، ولادنا كل يوم بيموتوا) ولها كل العذر في رفضها. قررت التجربة مرة اخري لإحدي الأمهات وطلبت منها الدخول لمنزلها لالتقاط صور فرحبت بالطلب، وبدأت برواية ما شاهدته في هذا اليوم الأسود الذي مر علي اهالي السويس جميعاً.. (ه . م) قالت انها رأت في عصر السبت 26 يناير، ملثمين (بدو) خارج قسم السويس، وبعد ان احرقوا القسم قاموا بتهريب السجناء والسجينات، حيث انتظرتهم السيارات والموتوسيكلات في الخارج، وكانوا نزلاء السجن في حالة استعداد والدليل انهم خرجوا بأمتعتهم. وقام الملثمون بسرقة صناديق الاسلحة من داخل القسم، حتي اجهزة التكييفات والكمبيوتر تمت سرقتها. الأهالي أكدوا ان الهدوء عاد فور تهريب السجناء من القسم والسجون الموجودة بالمحافظة. سمعنا حكايات كثيرة من المواطنين السوايسة، الكل يري ان ما حدث ببورسعيد امر مدبر، وان مرسي بالفعل ضحي بمحافظة واحدة حتي لا تنقلب ال28 محافظة ضده.. يروا ايضا ان الحكم في قضية بورسعيد كان حكما مسيسا و”مرسي” يريد مجزرة جديدة يوم 9 مارس القادم حين ينطق القاضي الحكم النهائي لباقي المتهمين. أول شهيد بحي الغريب (محمود نبيل محمد 25 سنة .. خدمت الوطن واتبعت غدراً) تحت هذه الكلمات كانت صورة الشهيد في مدخل منزله أول شهيد وقع بالسويس في حي الغريب، مساء التاسعة الجمعة 25 يناير، امام مقر عمله بمكتب صيانة كمبيوتر. ذهبنا لمنزله وكان الحزن سيد الموقف، حيث مازالت مراسم تقديم واجب العزاء. الشهيد “محمود” انهي خدمته العسكرية منذ ثلاثة سنوات وكان ضمن الحرس الجمهوري للرئيس السابق. يقول أحمد شقيق الشهيد: ان شقيقه تلقي طلقة ميري في صدره خرجت من الظهر، ومات قبل وصوله للمستشفي، ويصف المشهد داخل مستشفي السويس: (حسبي الله ونعم الوكيل،، لو كنا في حرب مش هيكون الوضع جوه المستشفي بالشكل ده) لافتاً إلي ان مسئولين عسكريين جاءوا لتقديم واجب العزاء لنا، ولأسر جميع الشهداء بالسويس. خال الشهيد قال باكياً : (محمد مرسي بينتقم مننا علشان رفضنا مشروعات القنال اللي عاوزاها قطر، الاخوان محدش بيسمع صوتهم غير لما يكون فيه انتخابات او استفتاء، مفيش حد منهم قدم لينا العزاء). شقيق الشهيد اكد انه بصدد تقديم بلاغ للنائب العام ضد محمد مرسي ووزير الداخلية، ومدير امن السويس، والضابط شريف الشربيني بمديرية الامن بمسئوليتهم عن مقتل شقيقه. احتفالات الحظر يتوافد يوميا أهالي السويس علي ميدان الأربعين يوميا للاحتفال بالحظر, علي انغام السمسمية وتنظيم ماتشات الكورة. ويردد المحتجون هتافات “مش هنخاف من حظر تجول لازم مرسي يمشي الاول.. السويس خلاص أسقطت النظام.