شهد عام 2012 حالة من الاقتتال الشعبي غير مسبوقة ودماء بريئة سالت دون سبب وحالة خوف غير عادية أدت إلي انقسام المصريين.. وفي ظل هذه الأجواء جاءت دعوة الشعب المصري للاستفتاء علي دستور إخواني تسبب في إراقة دماء المصريين في موقعة الاتحادية. ورغم كل الانتهاكات التي جرت في المرحلتين الأولي والثانية من الاستفتاء إلا أن شريحة واسعة من المجتمع رفضت الدستور الإخواني الذي تم إعداده من جمعية تأسيسية غير شرعية ولا يحقق أيا من مطالب الثورة بل يعود بالبلاد إلي الوراء.. رفضوا دستورا كتب بالدم وانتهك بسببه العديد من الحرمات ووضعه أفراد لا يهمهم إلا مصلحتهم الخاصة. فهذا الدستور تسبب في إراقة الدماء عندما قررت جماعة الإخوان ورئيسها وحزبها إطلاق نفير الحرب والإرهاب وإرسال جماعتها وفرقها المسلحة بالسيوف والسنج وقنابل المولوتوف وبنادق الخرطوش والرصاص الحي لفض الاعتصام السلمي للمعارضين أمام قصر الاتحادية وهدم الخيام والعدوان علي المعتصمين والصحفيين والإعلاميين وقتلهم واعتقالهم واستجوابهم في معسكرات تعذيب نازية. دولة دينية وهذا ما أكده حافظ أبوسعدة – رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان – مشيرا إلي أننا نرفض الدستور الإخواني الذي كتب بدماء المصريين وجاء ليمهد للدولة الدينية في مصر وفقا للمادة 40 والمادة 219 فضلا علي أنه ينتهك حقوق المواطنين حيث تم حذف الالتزام بعدم التمييز علي أساس الجنس أو الدين أو العقيدة وهذا يخالف جميع الدساتير، فضلا عن العدوان علي استقلال المحكمة الدستورية العليا والسيطرة علي تشكيلها بما يؤدي إلي التمييز بين المواطنين علي أساس الدين أو النوع. وأضاف أبوسعدة أن دستور الدم ينتهك من الحقوق والحريات العامة للمواطنين وينتقص من حرية الصحافة ولم يتم النص علي حظر جريمة الاتجار في البشر فضلا عن إعطائه صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية الذي ينفرد بالسلطة التنفيذية دون أن يكون مسئولا أمام البرلمان، فضلا عن انتقاصه من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين فحق الصحة يشترط فيه الفقر لتلقي الخدمة الصحية بالإضافة إلي ربط الأجر بالإنتاج وهذا يتناقض مع معايير العدالة الاجتماعية. ويتفق معه ناصر أمين – ناشط حقوقي – مشيرا إلي أن الدستور الإخواني لا يصلح للمرحلة القادمة لأنه دستور برائحة الدم وتم إعداده بطريقة خاطئة وتم طرحه للاستفتاء في أجواء غير صالحة لخروج نتائج نزيهة أهمها حالة الاقتتال الشعبي ومقاطعة القضاة الإشراف علي الاستفتاء ومداهمة المحاكم واعتراض كل القوي السياسية والمدنية علي تشكيل الجمعية التأسيسية التي أعدت الدستور نظرا لسيطرة اتجاه سياسي واحد علي عملها.. كل هذا من شأنه يبطل نتائج الاستفتاء علي هذا الدستور. لن يستمر ووصف المحامي عصام الإسلامبولي الدستور الإخواني بالدستور الانتقامي مشيرا إلي أن عمره قصير وسيكون مصيره السقوط مثلما حدث مع دستور 1930 الذي أعده «د. إسماعيل صدقي» لن يستمر أكثر من عامين أو ثلاثة بالكثير. وأوضح أن الدستور الإخواني تم فرضه علي الشعب ولم ينل التوافق الشعبي المطلوب وتم إعداده لتمكين الإخوان المسلمين وفرض سيطرتهم علي مفاصل الدولة ولذلك انتهجت جماعة الإخوان كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة لتمرير هذا الدستور كالعنف والإرهاب وإراقة الدماء. ومن الناحية القانونية وصف «د. محمود كُبيش» هذا الدستور بالعوار التشريعي مؤكدا أنه كثير التفصيلات التي لا ينبغي أن تكون في الدساتير، فضلا عن تضمنه الكثير من النصوص التي تعصف بالحريات العامة للمواطنين. وطعن د. كُبيش في شرعية هذا الدستور قائلا إن الجمعية التأسيسية التي انتجت هذا الدستور باطلة منذ تشكيلها وعملها باطل وبالتالي كل ما ينتج عنها باطل أيضا. أما د. عفاف مرعي – نائب مدير جمعية النهوض بالمشاركة المجتمعية – فأكدت أن هذا الدستور الإخواني الذي جاء علي دماء المصريين لن يعيش لأننا رأينا عملية الاستفتاء وما شابها من عوار وهو الأمر الذي يثير الشكوك حول حقيقة النتائج المعلنة خاصة أنه تمت الانتهاكات كبير جدا لتسويد البطاقات ولجان بلا قضاة وسكر وزيت ودعاية مخالفة وظهور للورقة الدوارة ومنع قري بأكملها من المسيحيين من التصويت كل هذا يشوب العملية الانتخابية بعوار تشريعي ويصيب النتائج بالعوار. وأضافت أن الجمعية التأسيسية التي أنتجت هذا الدستور المعيب لا يوجد توافق حولها فضلا عن اعتمادها في الجلسة النهائية للتصويت علي مواد الدستور علي أغلبية 50 + 1، رغم أننا طالبنا أن يكون التصويت بأغلبية 75% من الأعضاء ولم يتم طرح مسودة الدستور للحوار المجتمعي وبمجرد الانتهاء منها طُرحت للاستفتاء.. حتي المواد التي حدث عليها إجماع قبل انسحاب 30% من أعضاء الجمعية التأسيسية تم تغييرها. وأوضحت أن هذا الدستور تم إنتاجه لصالح الإسلام السياسي وليس للشعب المصري بدليل إهدار كل الحقوق والحريات كحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق الأقباط والحرية النقابية وحرية الصحافة.. ولذلك فهذا الدستور لن يستمر طويلا. وأكدت «د. عفاف مرعي» أن الدستور الإخواني – السلفي يعود بنا إلي دولة الفقيه كما الحال في إيران مع الفارق ففي إيران دولة الفقيه علي الطريقة الشيعية وليست السنية وفيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فهي مكتوبة بشكل إنشائي دون أدني التزام من الدولة يضمن هذه الحقوق. أما المحامية ميرفت أبوتيج فأكدت أن بيئة الدستور تهدر كل الحقوق والحريات وتخالف كل الأعراف الدستورية علي مستوي العالم وهو الأمر الذي يعود بنا إلي فترة الظلام الإسلامي رغم أن الإسلام برئ مما يروجه هؤلاء.