أبناء المهاجرين يحصلون علي فرص سياسية بدفع ديمقراطي هناك دورة برلمانية جديدة في بريطانيا ، ومنذ القاء الملكة اليزابيث الثانية خطاب العرش وحالة متميزة تغمر الساحة التشريعية مع وجود حزب محافظ في السلطة ويشاركه فيها الآخر الليبرالي في معادلة لم تعرفها البلاد منذ أكثر من نصف قرن . تعمل التجربة وتتفاعل علي الرغم من الخلاف الحاد بين تيار ليبرالي متطور وآخر محافظ يدور في قلب سياسة تقليدية معروفة ، لكن ما حدث للحزب الأخير خلال سنوات المعارضة القاسية ، هو انه استطاع تجديد نفسه والانتقال الي ضفة التفاهم والتفاعل ، مع هجر التزمت والقوالب الجاهزة وهذا ما دفعه نحو تحالفه مع شريك ليبرالي يخالفه تماماً في أشياء كثيرة . لقد اتفق الحزبان قبل تشكيل الحكومة علي تأكيد موجة جديدة في السياسة البريطانية ، هدفها مصلحة المواطن ومعالجة العجز الحاد في ميزان المدفوعات والدين العام . ويركز الحزب الليبرالي نفسه داخل وزارة المالية مع وزيرها الحالي جورج أسبورن ، الذي يتفاعل بحرارة مع فريق ليبرالي يعمل معه ، لديه المهارة والاتقان وخطة واضحة للتقشف واصلاح ما أفسده حزب العمال عندما كان في السلطة . الموجة الجديدة التي تحكم بريطانيا لا يمكن تصنيفها بالمحافظة أو الليبرالية ، اذ انها خليط من المكونين لمصلحة ادارة الاقتصاد واعادة عجلات التنمية الي قضبانها ، خصوصاً في ظل ضعف كتلة المعارضة التي يجسدها الآن حزب العمال بمفرده والذي يملك عدد مقاعد ضعيفا لا تسمح له بالتأثير علي مجري الأمور داخل مجلس العموم . غياب المعارضة القوية معادلة جديدة أيضاً في البرلمان الجديد ، اذ إن الحزب العمالي يعاني من هزيمة مرة وقاسية وخسر حوالي 90 مقعداً وتخلي عن زعيمه السابق جوردون براون بعد هزيمته الضارية في الانتخابات الأخيرة . تقود هارييت هيرمان نائبة زعيم الحزب دفة الأمور في البرلمان ، حتي يمكن انتخاب قيادة جديدة ، وهذا لن يحدث الا في شهر أكتوبر المقبل ، وهذا يعني بقاء الأحوال كما هي حتي يتم أخذ خطوة اختيار زعيم المعارضة العمالية في البرلمان . سوداء ويسارية يتنافس 5 أشخاس علي هذا المنصب ، أبرزهم وزير الخارجية السابق ديفيد ميليباند وشقيقه «ايد » بالاضافة الي مرشحة تنتمي الي الأقلية الكاريبية هي « ديانا » أبوت ، البرلمانية المخضرمة والعضو الراديكالي في تيار اليسار داخل الحزب المعارض الآن . فرص أبوت ضعيفة للغاية ، لكن ترشيحها لهذا المنصب يعبر عن طموحها الشديد ورغبتها في الوصول الي أعلي المناصب الرفيعة في البلاد ، اذ إن زعامة العمال تعني بالضرورة التطلع الي رئاسة الوزارة وهي السوداء القادمة من جذور مهاجرة تنتمي الي منطقة الكاريبي . وقد تحصل « ابوت » علي أصوات الأجنحة الراديكالية داخل الحزب ، لكن فرصتها بالفوز بمنصب زعيم المعارضة لا تزال ضعيفة. واذا تأملنا حكومة المحافظين مع الليبراليين ، نري تمثيلها للنخبة البيضاء في أعلي درجاتها. عموماً يعد ترشيح ديانا أبوت لمنصب زعيم حزب العمال وتطلعها لرئاسة الوزارة البريطانية من التطورات البارزة للغاية ، مما يشير الي طموحات أبناء الجاليات المهاجرة وتطلعها الي مناصب القيادة في هذه البلاد التي تسمح أنظمتها بهذا التطور . وقد أشار ايد ميليباند الوزير السابق والمرشح لمنصب زعيم العمال ، عن أن عائلته لجأت الي بريطانيا هرباً من النازية الألمانية وتوحشها في بلاد أوروبا الشرقية نتيجة معاداة اليهود ، وقد استطاع وهو نجل لهذه العائلة المهاجرة الصعود في مدارج الحياة السياسية البريطانية وتولي حقيبة وزارية داخل حكومة العمال السابقة ، وهو الآن مع شقيقه ديفيد ميليباند يتنافسان علي زعامة حزب العمال المعارض . يدفع النظام البريطاني بهذه الطموحات لأبناء المهاجرين ، اذ سجل البرلمان الحالي صعود تسع نواب من الجالية الاسلامية اليه مع وجود أسماء مسلمة أيضاً في مجلس اللوردات . وقد دفع الحزب المحافظ في تشكيلته الحكومية الجديدة بوزيرة مسلمة الي صفوفه هي سيدة وارسي ، وهي بارونة في مجلس اللوردات البريطاني .