أوصي مؤتمر «الربيع العربي وقضايا النساء.. رؤية مستقبلية» والذي نظمته كلية الإعلام بالتعاون مع جمعية ملتقي تنمية المرأة ومؤسسة فريدريش ايبرت ومؤسسة رؤي الأردنية ببعض النقاط أهمها تعديل مضمون الخطاب الإعلامي الخاص بقضايا المرأة بحيث يتضمن التأكيد علي قيم المواطنة من منظور تنموي حقوقي، أيضا إعادة هيكلة الإعلام من حيث الاستراتيجيات السياسية والاهتمام بدراسة الجمهور وخصائصه واحتياجاته مهنيا وعمريا وجغرافيا كما جاءت توصياته الخاصة بتطوير وبلورة الخطاب النسوي العربي في ظل المشاركات الواسعة لنماذج عربية خلال المؤتمر، أيضا إعادة النظر في تطوير الجمعيات النسائية وتحديد مرجعيات الحركة النسائية في الوطن العربي، محاولة لتجاوز التهميش الواقع علي المرأة العربية. عقد المؤتمر خلال ثلاثة أيام شاركن خلاله نساء عربيات من منظمات نسائية وجامعات عربية من اليمن، البحرين، تونس، السودان، فلسطين، الأردن، لبنان، سوريا، مصر قدمت كل منهن ورقة نقاش حول قضايا المرأة في بلدها وقسم المؤتمر علي محاور أولها قراءة تحليلية لوضع المرأة في المنطقة العربية عرضت خلالها أوراق في مصر، ليبيا، اليمن، تونس وأدارت الجلسة فريدة النقاش والتي علقت قائلة إننا لم نؤسس حركة اجتماعية للنساء بعد وأن الثورة هي مسار وليست إنجازا مكملا ومازالت تتطلع للاكتمال، وأضافت أن هناك خطة جهنمية لإغراق المنطقة في قضية الهوية وأن علينا إعادة الصراع إلي الأرض الحقيقية وهي «العدالة الاجتماعية والاقتصادية». وقد عرضت نماذج مختلفة لوضع المرأة في الدول العربية في ظل الثورات ظهر خلالها تشابه الأوضاع والحاجة لتوحد ووضع آليات لمواجهة هذا فمن السودان أكدت نعمات كوكو بمركز دراسات النوع الاجتماعي أن الأحزاب السياسية في السودان لم تقدم البديل للبرنامج الذي وضعته النظم الاستعمارية ومازالت السودان تستورد بما يعادل 14 مليار دولار غذاء، بجانب عدم وجود المرأة في المواقع الهامة ونسبة النساء في الأحزاب لا تتجاوز 25% وبسبب توسع القطاع الهامشي حدث نزوح للمرأة في مناطق الإنتاج الزراعي مما أدي لتعرضها للتحرش الجنسي وهو ما يؤدي إلي تراجع الخريطة الاجتماعية للمرأة السودانية. نخبوية نسائية في جلسة «الإعلام ورياح التغيير» أكدت د. عواطف عبدالرحمن أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة أن هناك علاقة متبادلة بين المرأة العربية والإعلام، فكلاهما يمس الاخر وانتقدت «عبدالرحمن» نخبوية الحركة النسائية في العالم العربي وانعزالها عن الجماهير في الريف والحضر وتمركزها في المدن بجانب الخطاب النسوي الذي يتوجه للنساء والذي يؤكد دائما أن قضية المرأة هي فقط قضية النساء.. وفي عرضها لورقة «صورة المرأة في الإعلام المصري بعد ثورة يناير» أكدت د. إيناس أبويوسف الأستاذ المساعد بقسم الصحافة أن تداعيات الأحداث بعد الثورة انعكس بشكل سلبي علي المرأة وبلورت المشكلات الموجودة في عدم وجود سياسة إعلامية تنظم قواعد الملكية ومنع الاحتكار لمؤسسات العمل الإعلامي حيث شهدت الساحة الإعلامية بعد الثورة الموافقة علي إصدار 64 صحيفة و24 شركة بث فضائي، 48 قناة فضائية منها 17 فضائية جديدة تحسب علي تيار الإسلام السياسي بإجمالي 29 فضائية، أيضا الفشل حتي الآن في وضع رؤية لإعادة هيكلة الإعلام الحكومي، وأضافت «أبوسيف» في الورقة أن هذا التعقيد انعكس علي العديد من المعالجات الإعلامية ومنها صورة المرأة في الإعلام والتي استخلصت أهم خصائصها وفقا لدراسة استطلاعية هي أجندة القضايا الخاصة بالمرأة هي التحرش الجنسي في يوم المرأة العالمي بميدان التحرير، كشوف العذرية، قانون الأحوال الشخصية، تعرية فتاة أحداث محمد محمود، التصريحات الخاصة بسن الزواج، حقوق المرأة في الدستور. كل هذه القضايا تعامل معها الإعلام بتغطيات سريعة دون تحليل فيما ارتأت د. نهاوند القادري الأستاذ بجامعة بيروت أن المشهد الإعلامي العربي بأكمله يغلب عليه الفوضي واللامعني والتشتيت وهو ما يعني تشابه متوتر بين الفضاءات العامة والخاصة. وجاء اليوم الثاني ليناقش «الفرص والتحديات أمام قضايا النساء في المنطقة العربية» وأدارت الجلسة أمل محمود نائب رئيس مجلس إدارة ملتقي المرأة وجاء علي رأس التحديات بعد عدة ورش عمل نهب الثروات والفقر والفساد وتقييد عمل الجمعيات وخنق العمل الجماعي والتطوعي واستغلال أمية النساء وغياب الرؤية الواضحة للحركة النسائية، والحاجة لدمج جموع النساء في عمليات التغيير. الثورة كاشفة في حين عرضت د. هويدا عدلي أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في ورقتها بعنوان «النساء والثورة في مصر» عرضا وافيا عن المرأة منذ ثورة يناير وحتي الآن أكدت خلالها أن الثورة كانت كاشفة لكل ما في المجتمع المصري من نقاط قوة وضعف وطالبت بأهمية توثيق دور النساء في الثورة في خضم السعي لتهميش دور المرأة في النضال الوطني المصري علي مدار ما يقرب من مائة عام بصفة عامة حيث كانت مشاركتها واضحة كما كانت في يناير مشاركة كاملة من اليوم الأول لإسقاط النظام. وتطرقت «عدلي» إلي المرأة علي مدار الفترة الانتقالية في مصر وحتي الحكومات المتتالية وتمثيلها في حركة المحافظين وتم استبعادها ومجلس الشعب حيث كانت ناخبة أكثر منها مرشحة وفي التأسيسية الأولي والثانية اشتملت عضويتها علي 6 سيدات بنسبة 6% من أعضاء الجمعية. وجاءت الجلسة التالية للمؤتمر في اليوم الثالث لوضع الحلول والاستراتيجيات وتحدثت خلالها زبيدة من الجزائر وعرضت تجربة النساء في الجزائر والتي تمثل نسبة وجودها بالبرلمان الجزائري 2.32% خلال الانتخابات الأخيرة بما يمثل لها كتلة برلمانية بجانب أن نسبة حصول الفتاة علي التعليم تصل إلي 98% بما يؤهلها لتقلد مواقع قضائية بنسبة 40% علي مستوي محكمة النقض ومجلس الدولة الجزائري، أيضا في مجال الصحة بنسبة 60%، والإعلام 61% وأدت نضالاتها إلي تعديل قانون الجنسية في 2005 الذي أعطاها الحق في منح جنسيتها لأبنائها وزوجها كما الرجل تماما، أيضا تم تعديل قانون الأحزاب السياسية الذي ألزم الأحزاب أن تضم قوائمها بنسبة 30% نساء علي الأقل مما أدي لدخول 146 سيدة إلي البرلمان الأخير بجانب أنه لا تقبل قائمة أي حزب تخلو من هذه النسبة، أيضا هناك 4 سيدات يتقلدن رئاسة حزب سياسي منهن زبيدة نفسها. وجاءت الجلسة الختامية للمؤتمر تطالب بتنفيذ التوصيات التي تم الاتفاق عليها خاصة تطوير الخطاب النسوي العربي ومشاركة المرأة في وضع القوانين وصياغة وثيقة مرجعية موحدة وتعزيز وتمكين الكوادر النسوية وتعزيز وصولها لمواقع اتخاذ القرار وإقرار مبدأ المواطنة للمساواة بين الجنسين.