هالني و هال الكثيرين ما صدر عن قادة التيار الإسلاموي بكل فصائله من مفارقات و سقطات أخلاقية؛لا لشيء إلا لأنها عديمة الصلة بالمثل و القيم الإسلامية.تلك التي طالما تشدقوا بها,و ادعوا العمل علي إحيائها؛بل و الدفاع عنها ضد الذين انتهكوها من الملاحدة العلمانيين !! و علي الرغم من قناعتي بزيف تلك الادعاءات، ويقيني بحقيقة اتخاذهم الإسلام مطية لتحقيق مكاسب دنيوية، و طموحات سياسية ليس إلا؛ما كنت أتصور ما صدر عن بعضهم من مواقف انتهازية و سلوكيات لا أخلاقية بعد قيام ثورة 25 يناير التي يعزي إليها الفضل في تحريرهم من السجون و المعتقلات ليمارسوا العمل السياسي – في وضح النهار_كفصيل وطني لاقي الكثير من العنت و الاضطهاد لعدة عقود من الزمان. لكان المفارقة الكبري تكمن في الغدر بالثورة و الثوار حين تحالفوا مع”العسكرتاريا”لإجهاض الثورة,و اتهام الثوار بالمروق و الإباحية و العمالة لقوي أجنبية.!! و لمَ لا؟و تشهد أدبياتهم بأن الخروج علي”أولي الأمر”خروج عن الملًة؛حتي لو جاروا أو ظلموا.كما أن الديمقراطية بضاعة غربية”مستوردة”من”دار الحرب”الكافرة.أما العدالة الاجتماعية – في عقيدتهم – محض تدخل في مشيئة الرب الذي”يعطي من يشاء بغير حساب”.!! أما السلطة فلله وحده”مالك الملك”الذي يؤتي الملك من يشاء و ينزعه ممن يشاء”.!! ومعلوم أن تلك المعتقدات موروثة عن”السلف الطالح”من”فقهاء السلطان”؛كالأشعري المعتزلي الذي باع نفسه و فكره العقلاني للخليفة العباسي مقابل ضيعة و فرس و جارية؛كي ينظر للطغيان و الإقطاع، مبرراً مسلكه الشائن بزعم كاذب مؤداه أن الرسول(ص)زاره في المنام و أمره بأن يفعل ما فعله!!!و علي النهج نفسه سار الغزالي – حجة الإسلام – فأجاز حكم”المتغلب حتي لو كان فاسقاً.. درءاً للفتنة”. كذا ابن تيمية – إمام السلفيين – الذي ابتلانا بالإسلام”البدوي”الوهابي – المعزز حالياً بالبترودولار – لينسخ الشريعة السمحاء، و يختزلها في تحريم التدخين و إطلاق اللحية و حلق الشارب و هدم الأضرحة…إلخ أما الفخر الرازي فقد تصدي لتحريم علم الفلك العلوم الدنيوية كافة، ليشتغل بالفلاكة والتنجيم و معرفة الطالع للسلاطين و الأمراء إبان عصور الانحطاط..!! تلك الخرافات و الشعوذات – و غيرها كثير – هي التي تشكل مقومات”المرجعية الإسلامية”للتيارات الإسلاموية المعاصرة. ولن نخوض في سرد تفاصيل تلك المرجعية الزائفة؛لا لشيء إلا لأننا عرضناها في كتاب سابق بعنوان الخطاب الأصولي المعاصر”_الآليات و القسمات”.و حسبنا الإشارة إلي بعضها؛كالأدلجة و التطرف و الانتقائية و الماضوية و القصور المعرفي و الكذب و الانتهازية و اللاعقلانية و المماحكة و التبرير الذرائعي و العنعنة و تضبيب الوعي..و..و..ونحوها. نكتفي في هذا المقال بذكر بعض الوقائع الدالة التي فضحت خطاب التيارات الإسلاموية الحربائية إبان أحداث ثورة 25 يناير وحتي الآن، خصوصاً ما تعلق منها بآفات الكذب والانتهازية والتهتك علي النحو التالي: تصال بعض قادة الإخوان المسلمين باللواء عمر سليمان – نائب الرئيس المخلوع – سراً بعد اتفاقهم مع قادة القوي الوطنية علي مقاطعة دعوته.و حين كشف الأمر، برروا مسلكهم بعرض مطالب الثوار؛لكنهم علي إثر هذا اللقاء انسحبوا من جميع ميادين مدن مصر؛ فكانوا آخر من التحق بالثورة و أول من انسحب منها. مواد ملغومة مشاركتهم في لجنة مراجعة بعض مواد الدستور و استبدالها بأخري”ملغومة”أعطت المشروعية للمجلس العسكري – كبديل للمشروعية الثورية – فلم يدخر وسعاً في إجهاض الثورة و التنكيل بالثوار,ناهيك عن دورهم – مع كل التيارات الإسلاموية الأخري – في تضليل الجماهير – باسم الدين – وإغرائهم بالموافقة علي تلك التعديلات حين جري الاستفتاء عليها. مشاركة بعض قادتهم في اعتماد”الإعلان الدستوري”الأول؛الذي أصدره المجلس العسكري دون الرجوع إلي القوي الوطنية. إصرارهم علي إجراء الانتخابات التشريعية قبل كتابة الدستور خروجاً علي رغبة بقية القوي الوطنية.و الأنكي نقض العهد الذي أخذوه علي أنفسهم بعدم الترشح إلا بنسبة 30%في الدوائر الانتخابية.هذا فضلاً عن بذل الرشاوي النقدية و العينية -السكر و الشاي و الزيت – لإحراز النجاح في الانتخابات لمجلس الشعب و الشوري بنسبة 70%من العضوية. السكوت المريب عن تنكيل العسكر بالثوار في وقائع ماسبيرو و محمد محمود و و مجلس الشعب,و الأنكي التبجح بإعلان انسحاب المشروعية من الميدان إلي البرلمان؛بما ينم عن انتهاء الثورة,و اتهموا الثوار بالفوضوية و”تعطيل عجلة الإنتاج”؛ الأمر الذي أتاح للمجلس العسكري اعتقال الآلاف و تقديمهم لمحاكمات عسكرية. التخلي عن وعودهم بعدم الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، حيث رشحوا اثنين,أساسي و احتياطي؛و للغرابة فاز الأخير بتزكية من قوي عربية رجعية و أخري أجنبية. حنث الرئيس المنتخب بوعوده لقيادات”الجبهة الوطنية”الذين آزروه في انتخابات”الإعادة”شريطة الوفاء بست ضمانات لم يتحقق أي منها إلي الآن.و من الغرابة بما كان أن أحد قيادات الجماعة برر هذا السلوك الشائن بقوله:”الحرب خدعة”!!.و الأغرب أن مسئول الشئون القانونية لجماعة الإخوان أقسم بالله علناً – في إحدي القنوات الفضائية – بصدد واقعة ما, و حين طلبت مذيعة البرنامج الاحتكام إلي شريط التسجيل، اصفر وجهه و تصبب عرقاً ليقرر – مازحاً -”انا كنت بهزر”.!! سقطات وافتراءات أما عن أكاذيب و افتراءات و سقطات بعض القيادات السلفية؛فحدث و لا حرج,و نكتفي بذكر الأمثلة الدالة: يعرف الجميع واقعة ادعاء أحد أعضاء مجلس الشعب بأن عصابة من”البلطجية”اختطفته و سرقت منه مائة ألف جنيه,و أصابته بجروح غائرة في وجهه.و الحقيقة أنه أجري عملية تجميل في أنفه؛إرضاء لإحدي معجباته؛ولما كشف أمره برر مسلكه الشائن بأنه فعل فعلته تحت تأثير المخدر..!! كشف”بوليس الآداب”عن ارتكاب عضو سلفي في البرلمان فعلاً فاضحاً في سيارته بالطريق العام.ولما قبض عليه تبجح معلناً أن الفتاة التي كانت بصحبته ابنة أخته مرة,و خطيبته مرة أخري.و لما كشف كذبه برر مسلكه الشائن بقوله:”قدر الله و ما شاء فعل”. أما ثالثة الأثافي فقد تمثلت في قتل ثلاثة من شباب السلفيين شاباً؛كان برفقة خطيبته؛بما يعد منكراً يجب تغييره بالسلاح الأبيض؛احتساباً لوجه الله..!!.و أقدم آخرون علي قطع أذن نصراني -”كافر” في زعمهم – للسبب ذاته. فهلا يدرك السلفيون أن نظام”الحسبة”جري اقتباسه من النظم البيزنطية التي اقتبسته أصلاً من النظام الروماني المعروف باسم”السنسورية”؟ . وعندنا أن تلك الأكاذيب و الأفعال الشائنة تعكس في الحقيقة ما درج عليه الإسلامويون من ازدواجية المواقف التي تعكس بدورها حقيقة التستر بالدين لإخفاء عقد و أمراض نفسية لشخوص غير أسوياء.و هو ما أكده عالم نفساني معاصر_د.محمد المهدي_الذي حصر أمراضهم الستة_كالفصام و السيكوباس و الشيزوفرانيا و النرجسية و الازدواجية و الوسواس القهري_و أرجع بعضها إلي أسباب تتعلق بالجنس. و لعل في ذلك ما يفسر تحاملهم علي”المرأة”في الظاهر و تقديسها في الباطن.ألم يدع بعض قياداتهم إلي العودة لعصور”ملك اليمين”,و لم يجد حرجاً في تقبيل”جاريته”علناً في إحدي القنوات الفضائية.!! تلك وقائع بالغة الدلالة علي أخلاقيات و سلوك من يزعمون”الذَّبَّ عن البيضة و الدفاع عن الملة”ضد خصومها من العلمانيين الكفرة. ماركسي وكافر و يطيب لي كعلماني و ماركسي”كافر”في نظرهم أن أذكر واقعة تخص موقفي من أحد قادة”الجماعة الدينية”و هو الدكتور”طارق الزمر”؛حين كان يدرس_في سجنه_للحصول علي ليسانس التاريخ في كلية الآداب_جامعة عين شمس.لقد أدي الامتحان في إحدي مواد التاريخ الإسلامي التي كنت أقوم بتدريسها.و لما قرأت كراسة إجابته؛ فوجئت بحملة ضارية من قبله علي شخصي؛ حيث اتهمني_كماركسي ملحد_بتشويه التاريخ الإسلامي.لذلك قرر أن تكون إجابته مستمدة من كتاب”العواصم و القواصم”لابن العربي. برغم تهافت مصدره فيما أري صححت ورقة الإجابة و اعتمدت مرجعيته و منحته تقدير”جيد”..!!و هو الآن علي ما أقول شهيد. تلك هي أخلاقيات العلمانيين في مقابل أخلاق الإسلامويين.و خير ما نختتم به المقال هو قول الشاعر: لا تنه عن خلق و تأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم.